سارة البريكي
مضى مُختلفًا عن بني جيله الذين هم من عُشّاق لعبة "الببجي" وألعاب "البلايستيشن" والهواتف النقالة وعوالم الإنترنت المختلفة وعشاق متابعة اليوتيوب ونتفليكس وقس على ذلك الكثير، كان منذ الصغر وهو يعشق "المسافة صفر"، فكان يرمي الأحجار على دباباتهم وعلى أحقادهم وعلى نيرانهم الباردة كان رغم القصف الذي لا يتوقف صامدًا ورغم ارتقاء الشهداء واحدًا تلو الآخر، لم يكن سببًا لوقف ما يحدث وإنما دافع لتزايد عدد الشهداء المرتقين إلى الجنة وكم هذا الشرف عظيم وهذا هو غاية المنى والرجاء.
إنَّ الأحداث التي تتصاعد مجرياتها يومًا بعد يوم تزرع فينا إحساسًا مختلفًا شعورًا لا يشبه أي شعور سابق نطالع أنفسنا في المرآة ونأسف لوضعنا ولحالنا فنحن كحال مكتوف الأيدي لا نملك حولا ولا قوة إلا الدعاء.
ولكننا نعلم كثيرًا أن النضال والقتال الشريف هو النصر بحد ذاته فكلما صعدت روح إلى السماء وهي شهيدة كلما كان الشرف أعظم وتمنينا لو أننا كنَّا هناك.. أحاديث تجول في أعماقنا ولكن لا نستطيع فعل أي شيء وهذا هو حال الضمير العربي الناطق بالحق المناضل القوي الشجاع ولكن بصمت مطبق فما الذي يحدث يا الله.
عندما كنَّا نقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكم من الحروب التي خاضها في سبيل نشر الدين الإسلامي وكم من العذاب الذي تلقاه هو وصحابته وكم وكم كنَّا نقول لو أننا كنا هناك لدافعنا ولحملنا لواء الإسلام عالياً هانحن الآن شرفنا الله أن نكون حاضرين لهذه الحرب المأساوية التي أبطالها أطفال أبرياء لم يقدر لهم العيش في هذه الأرض البائسة وإنما ارتقوا لجنة عرضها السموات والأرض.. ماذا كان دورنا سوى النظر والتمعن في المشهد.
لم يكن بأيدينا إلّا الأسف على حال الأمة العربية والشعوب الإسلامية التي هي منبع ومصدر ومرجع للعالم أجمع فكيف يحل السلام وأرض السلام تقاوم وحدها وكيف لنا أن نقضي عليهم وكيف لنا أن نتكاتف وألا نهتم للحفلات الفنية وللأماسي الشعرية وللندوات والأفلام والسينما وحفلات الطرب والكثير من مظاهر الفرح وأن لا نباشر حياتنا كالسابق فنحن في زمن الجهاد وهو الزمن الذي لا يشبهه أي زمن.
أن ترى عيون الأطفال تبحث عن ذويهم وأن ترى الوالد يبكي مولودته، وأن ترى الأم ثكلى والجراح تطول.. يسقط الهاتف من يدي وأحاول الإمساك به لمتابعة الكتابة ولكنني أدرك أن كل ما أكتبه لا يشكل جزءًا مما أشعر به، فأنا حقيقة حزينة لما يحدث متمنية أن يتغير كل شيء أو تهدأ الحرب وتنتهي وننتصر فقط.
كان أبو عبيدة يتحدث بلسان شعبه الأبيِّ القوي العظيم الشامخ والمناضل والمحب لله والواثق بأنَّ الله معنا ولن يخيبنا ونعم بالله، كان ولازال ينظر بعيون مختلفة لا تخاف إلّا من الله.
الاتحاد الذي من شأنه أن يدعم القضية الفلسطينية ليس بالأموال ولا بالمساعدات الغذائية أو الدوائية إنما بالقوة البشرية فلو اجتمعت شعوب الإسلام لانتصرت عليهم قولا وفعلا ومضمونا فلا قوة تغلب قوة الله هو القادر على نصرة عباده المخلصين.
إن عيون أبي عبيدة يسكن في جنباتها السلام يطوف في كعبتها الحب ويعمر في إنسانيتها الأمل الذي لابد له أن يتفاخر بالنصر بإذن الله في يوم قريب.
رسالتي.. إليكم أيها الأنقياء كونوا حاملين نصب أعينكم رسالة السلام واحرصوا أن تحملوا اسم فلسطين وشعبها في دعائكم فالله قادر أن يُغيِّر كل شيء في لمح البصر.