شباب عُمان وأبطال فلسطين

 

د. مجدي العفيفي

(1)

هؤلاء.. ‏إنهزاميون، فهم لا يفقهون!

فقراء فكر.. فهم لا يدركون!

استسلاميون، فهم لا يعقلون!

عن الذين كتبوا على الميديا مُستنكرين مشاهد تمثيلية رمزية للطلاب في بعض المدارس العُمانية في طابور الصباح، تحاكي المشاهد البطولية لأبطال المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني، اعتزازا وافتخارا وتمثلا بالمقاومة الرائعة والمروعة.. أتحدث.

هم حفنة من المتسكعين في الميديا، والمغردين على (x) (تويتر سابقا)، هذا إذا كانت أسماؤهم حقيقية وليست حسابات وهمية، مجرد كائنات مُضللة، روجت لهم قناة تائهة في الفضاء، ليست اسما على مسمى، هي قناة «العربية» التي بينها وبين العروبة سنوات ضوئية! وبينها وبين المهنية آماد بعيدة! وهي الوحيدة دون كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، التي سرقت أقوال هؤلاء الشرذمة، لحاجة في نفوس أصحاب القناة قضوها!

 (2)

تكذب العربية وهي تعلن زورا وبهتانا وحقدا تحت عنوان مرئي: "جدل وانتقادات واسعة في  سلطنة عُمان لمحاكاة العروض العسكرية لكتائب القسام" في عرض أدائي لطلاب إحدى مدارس ولاية بهلاء، وتسعى لتلويث عيوننا وآذاننا بكلمات ثرثر بها هؤلاء المغردون من قبيل: (انتقادات واسعة لطلاب إحدى مدارس) و(على الأجهزة الأمنية التصدي لمثل هذه المبالغة العشواء في المدارس، فلا طائل من هذه البطولات الوهمية التي قد تمتد نتائجها لممارسات غير قانونية من الإنسان العُماني) و(أيعقل أن يتم تعليم أطفالنا برفع الأسلحة ولو كان تمثيل) هكذا بالخطأ اللغوي المبين، و(أين دور حقوق الطفل في المحافظة)، وطالب المنتقدون وزارة التربية والتعليم بالتحرك والتحقيق في "الحادثة".. أية حادثة؟!

ثمة تغريدة قوية للدكتور حمود النوفلي هي بمثابة قفاز ناري ألقاه في وجه تلك القناة تعليقًا على فعلتها التي فعلت في حق عُمان: "قال تعالى في وصف المنافقين: (يَحْسبونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَليْهِمْ هُمُ الْعدوُّ فاحْذَرْهُمْ قاتلهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).. لو كان لديكم مهنية ولا تتصيدون في الماء العكر لذكرتم الآراء التي وضحت الأمر أنَّ هذا مشهد تمثيلي بأدوات بلاستيكية وشمل أعلام كل الدول وليس القسام".

المثير للسخرية فعلا، أن هؤلاء يعتبرون هذا التمثل بإنشاء مليشيات: هل نحن على أبواب إنشاء مليشيات مسلحة على غرار حزب الله والحوثيين.. ماذا سوف يستفيد الأطفال من مثل هذه التمثيليات.

قولوا لنا أيها الفلاسفة الجدد: هل المقاومة الفلسطينية مليشيات؟ إن هذه التعبيرات التي تلوكها ألسنتكم، ويتم تداولها منذ فترة رسختها الآلة الصهيونية البغيضة، وللأسف يستخدمها الخطاب السياسي العربي في مجمله إلا من لا يزال ضميره القومي والعروبي والإسلامي حيًّا، وقد تعاموا مثلكم عن رؤية أن المقاومة الفلسطينية هي حركة تحرر بلا شك في ذلك، ولا يشك في ذلك، إلا أصحاب العقول المريضة، المقاومة في فلسطين ليست مليشيات والترويج لهذا التعبير أنها منظمة إرهابية، فكرة بغيضة، كما سأسرد بعد سطور.

يا أيُّها المغردون، إياهم، اتركوا مثل هذه الأمور، حتى لا تظل ميديا العدو الصهيوني تستخدمكم، وهو عدو بغيض مهزوم مقهور، أصبح أضحوكة العالم، بعد أن تمزقت أقنعته عسكريًا وسياسيًا ومجتمعيًا للمرة الثانية بعد 1973 والبقية تأتي، ولا يزال السقوط مستمرًا ومستعرًا.

(3)

اعلموا يا هؤلاء أنَّ المرحلة القادمة مرحلة حرب، وتجنيد الجواسيس، وأتشارك مع الكاتبة إحسان الفقيه رؤيتها بأن أمريكا ستفتح صناديق ما تبقّى لديها من ورقها المطبوع، لكي تشتري الذمم والنفوس الرخيصة القابلة للبيع، ليس في فلسطين وحدها؛ بل في كُل زاوية من بلاد العالم الإسلامي، أمريكا اكتشفت أن الطيران والمعدات العسكرية والجنود المرتزقة والفبركات الإعلامية وحدها لا تُحقق نصرًا، نحن مُقبلون على مرحلة قلب المفاهيم وتلاعب مفضوح بالأفكار وسيكون ضحيّة كُل ذلك،ذات الذين لديهم هشاشة بالعقيدة بمعناها الأكبر، أرجوكم ركّزوا بالقادم القاتِم، هي حرب عالمية ثالثة حقيقية.

 (4)

المفارقة الرائعة أن هذه الروح العُمانية الطلابية رأيناها تتجلى في مدارس ومعاهد كثيرة بالعديد من دولنا العربية خاصة، والإسلامية عامة، ففيما العجب إذن؟

تحية للشباب العُماني، وتحية للطلاب في المدارس، فما أحوجنا إلى بث روح البطولة من جديد البطولة بالمعنى الأعظم والأوسع.. وما أشد احتياجنا إلى سريان روح المقاومة بالمعنى الكوني الأشمل.. أود أيضاً أن أقول لأولئك السلبيين- إياهم- اقرأوا تاريخ عُمان اقرأوا مراحل هذا التاريخ ستجدونه مشحونًا بالمقاومة، وصدقت تغريدة لعُماني أصيل يعلق على كل انهزامي بالقول: "‏إلى كل مرتزق موجه أو مؤدلج: تيقن أن العُمانيين رضعوا العزة والشجاعة والشموخ منذ آلاف السنين وسطروا بدمائهم الطاهرة ومواقفهم الخالدة وأعمالهم الجليلة ملاحم التضحية والإباء، ولاؤهم للوطن وللسلطان ثابت كثبات جبالهم الشامخة لا يزعزعه نعيق الغربان أو إرجاف المراهقين أو أكاذيب التافهين".

إن هؤلاء لا يقرأون، فارجعوا إلى التاريخ العُماني، ارجعوا إلى عُمان في التاريخ، سترون المقاومة عنواناً خلاقاً لصفحات كثيرة ومثيرة، لكن أكثركم لا يعلمون.

لا سيما أننا نلمح في المنطقة عمومًا، بين الحين والحين، ظهور مثل تلك الدعوات الساذجة الاستسلامية خدمة للموساد الصهيوني الذي ثبت يقينا هشاشته وضعفه، وأنه أكذوبة كبرى ضمن الأكاذيب المؤسسة للكيان الشتات، ذلكم أن الحرب الإعلامية واستغلال واستثمار الميديا مع الكيان الصهيوني المهزوم، هي حرب أشد شراسة وأقوى من الحرب العسكرية.. لماذا؟ لأنها الأكثر امتدادا، والأكثر انتشارا، والأكثر تعبئة للرأي العام إذا صح  التعبير، في زمن انتشار التعبيرات والمفاهيم السياسية والإعلامية المغلوطة.