كيف ننصر غزة؟

 

سالم البادي (أبومعن)

قال ربنا "وكان حقا علينا نصر المؤمنين" (الروم: 47) ويقينًا النصر من الله تعالى، كما وعد به عباده المؤمنين مضمون "إنَّ الله لا يخلف الميعاد".

 إنَّ ما يحدث في غزة وأمام مرأى ومسمع العالم العربي والإسلامي والدولي منذ شهر لهو عنوان لضعف وخنوع وهوان وذل الأمة، وكل لحظة تمر هناك أرواح بالآلاف تزهق ودماء تسفك ونساء وأطفال وشيوخ تصرخ وتستغيث ولا حياة لمن تنادي.

قضية فلسطين هي قضية كل المسلمين؛ بل قضية العالم الحر، وهي بحد ذاتها قضية إنسانية بالدرجة الأولى، وفلسطين دولة عربية إسلامية، والاعتداء عليها يعني الاعتداء على كل المسلمين والعرب بل على المجتمع الإنساني والدولي، وما تواجهه أرض فلسطين عامة وغزة خاصة هي ليست جريمة إنسانية متكاملة الأركان والشروط؛ بل هي إبادة إنسانية كاملة بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ حيث تتعرض فلسطين إلى مؤامرة عالمية خبيثة ودنيئة تتلخص في الإبادة والتهجير القصري من قبل الكيان الصهيوني الغاشم المحتل بتخطيط ومساعدة من دول الغرب وأمريكا.

وللأسف ما يلاحظه الشارع العربي من صمت عربي وإقليمي وتواطؤ من الغرب فضلاً عن العملاء وأصحاب النفوس الضعيفة والمصالح السياسية، يعد تحديًا سافرًا للعرب والمسلمين وللعالم، وخرقًا للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.

نصرة إخواننا في غزة والمستضعفين الفلسطينيين واجب دولي وأخلاقي وإنساني وشرعي، توجبه علينا الظروف القاسية التي يمر بها إخواننا، من إبادة إنسانية جماعية حقيقية وترويع سكانها بالقصف المتواصل؛ وهدم بيوتهم وقطع الماء والغذاء والدواء عنهم ويوصف ذلك بالإبادة الجماعية والعالم "المتحضر" يشاهد لحظة بلحظة وكأنه يشاهد مسلسلا دراميا. وليس لديه إلا الشجب والإدانة.

وما يمكن قوله إن نصرة غزة تكمن من خلال الغيرة الإيمانية التي تدفع الإنسان المسلم لرفع الظلم عن أخيه المسلم المستضعف، أو من خلال مد يد العون إليهم، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع كان منها (نصرة المظلوم)، ففي الحديث الشريف: "أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسبع..، فذكر منها نصرة المظلوم.

وبإمكاننا نحن كأفراد وشعوب أن نقدم بعض المبادرات لنصرة أهل غزة ونذكر على سبيل المثال وليس الحصر الدعاء لإخواننا في غزّة في مواطن إجابة الدعاء، والدعم المعنوي من خلال الوقفة الإيمانية الصادقة ومؤازرة وتثبيت أهل غزة، بكل الوسائل والأدوات والمنصات الإعلامية والصحافة المقرؤة والمسموعة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي المتاحة وغيرها، وكشف الحقائق والوقائع والأحداث، مع التأكيد على صحة الأخبار المنقولة.

وكذلك الدعم المادي من خلال المنظمات الموثوقة والجمعيات الخيرية الرائدة والرسمية وهيئات الإغاثة. ونقل ونشر الأخبار والأنباء المحفزة والمشجعة التي تزيد من عزيمة وإرادة الشعب الفلسطيني وترفع من معنويات أبطال المقاومة الفلسطينية الباسلة المجاهدة. والتركيز على أهمية إبراز كل ما يتعلق بجهود المقاطعة الشعبية من بضائع ومنتجات الكيان الصهيوني والدول الداعمة والمشاركة معه في العدوان فضلاً عن مقاطعة كل ما يمت بصلة للمحتل في جميع القطاعات والمجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والسياحية وغيرها.

كما يجب كشف خطوات عملية التطبيع الظالم مع الكيان الصهيوني المغتصب، وتوعية المواطن العربي والمسلم عبر المواقع الموثوقة بالإحصائيات الحقيقية للدول التي تضرر شعبها من التطبيع، وأنها عملية يراد بها طمس القضية الفلسطينية والاستيلاء على مقدرات الوطن العربي والوصول إلى مآربهم وتحقيق خططهم وأهدافهم الخبيثة.

التكثيف الإعلامي في فضح الحقائق والمخططات والمؤامرات الصهيونية في جميع الوسائل الإعلامية لتوعية الشارع العربي والإسلامي والعالمي بكل لغات العالم حتى باللغة اليهودية ليعلم العالم ويعلم الشعب اليهودي حقيقة هذا الكيان الصهيوني المحتل وكذبه وخداعه وخبثه وتظهر حقيقة زعمائهم الدنيئة ومؤامراتهم الخبيثة.

وكذلك أهمية التركيز على تسويق القضية الفلسطينية للعالم بصورة تضمن وتدعم الحصول على حقوقه المشروعة والمسلوبة والمغتصبة حتى ينال استقلاله وحريته.

ويجب أن نركز على أهمية توحيد الصف العربي والإسلامي في مواجهة التحديات العالمية الحالية والمقبلة من خلال تقريب وجهات النظر وزيادة التعاون والتواصل الفعال فيما بينها، ونبذ الخلافات والنزاعات ودرء الفتن والإشاعات.

لقد أضحى حال أمتنا اليوم هو أسوأ حال في تاريخها، وضاقت الدنيا على جميع العرب والمسلمين في بقاع الأرض بما رحبت، وتكالبت أمم الظلم عليها من كل حدب وصوب، وأصبحت أمة ذليلة لا تقوى على نصرة إخوانها ولا الدفاع عن نفسها.

ما نراه اليوم في عالمنا يبعث على القلق والشعور بالخزي والعار بسبب ما وصلت إليه الأمة من خذلان الأخ والصديق وتكالب ملة الكفر والشرك والطغيان على غزة وأهلها؛ حتى صدق فيهم وفينا وصف النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داود بإسناد حسن، قال: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن». فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت».

وهذا هو حال الأمة اليوم والله المستعان على ما تصفون؛ تفرقت وتشتت وتمزقت، فاستفرد بها أعداؤها وأعداء الله ورسوله، فبعد ما كانت أمة عزيزة صارت أمه ذليلة.

وقد حذر ربنا سبحانه وتعالى عن التخاذل في نصرة بعضنا البعض فقال: ﴿والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير﴾ [الأنفال:73].

كذلك حرمت السنة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم الخذلان والتخلي عن نصرة أخوة الدين أو أن يسلمه لعدوه، قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله» رواه مسلم.