أيها الصهاينة.. لكل أمة أجل

 

حمد الحضرمي **

 

 

إن الصهاينة المجرمين الفاسدين، يقومون هذه الأيام بجرائم إبادة جماعية بحق إخواننا وأهلنا في قطاع غزة، مع صمت عالمي مخزٍ من الدول والمؤسسات الحقوقية؛ حيث يلامس عدد الشهداء الـ3000 شهيد، علاوة على مئات تحت الأنقاض، وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين، وتم إبادة 55 عائلة بقطاع غزة بالكامل، و60% من الشهداء هم من النساء والأطفال، ومن الشهداء نساء حوامل وأطفال في المهد رضع.

الوضع في غزة يدمي القلوب ويجعل الإنسان يتألم ويغلي ويثور ويتقطع من الداخل، فهذا الكيان الصهيوني ليس من البشر، إنهم وحوش ضارية يعيشون في غابة، بلا رحمة ولا ضمير ولا إنسانية، ولا يحملون في قلوبهم أي ذرة من المبادئ والقيم والأخلاق، وقلوبهم قاسية سوداء ظالمة كلها ضغائن وغدر وخيانة وعداوة، يكرهون المؤمنين وهم على العرب حاقدين حاسدين.

إن الظلم من أعظم البلايا التي ابتليت بها البشرية، وما من مصيبة تقع على مستوى الأفراد والمجتمعات إلا وكان الظلم سببها، وقد قرر القرآن هذه الحقيقة وبين أن سبب هلاك القرى والأمم ظلم أهلها "وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون" (القصص: 59) وقال تعالى "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون" (هود: 117)، وقد ذم الله تعالى في كتابه العزيز الظلم بذم أهله مقرونًا بمقته لهم، بقوله تعالى "وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلمًا" (طه: 111) وقد قال الله سبحانه فيما يرويه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلومًا فقدر أن ينصره فلم ينصره".

إننا للأسف الشديد نعيش في زمن النفاق والمنافقين، فالنفاق من الأمراض الخطيرة التي يصاب بها الأفراد والمجتمعات، وتبدد خطورته حينما نلاحظ آثاره المدمرة على حياة الناس، وفي زمننا هذا ازدهرت تجارة المنافقين وراجت بضاعتهم وكثر أتباعهم وتعددت أساليبهم في ادعاء الصلاح والتمسك الكاذب بعمل الخير، وتظاهروا بالصلاح وتمسحوا بالقيم والأخلاق وبعضهم بالإسلام وتعاليمه، فكلامهم كثير وفعلهم للخير قليل، أصلحوا مظهرهم وقلوبهم خراب، فالخيانة والكذب والغدر والفجور من علاماتهم، وعلينا الحذر منهم، فقال تعالى "هم العدو فأحذرهم" (المنافقون: 4) إن اليهود المنافقون- قاتلهم الله- يحملون بين جنباتهم البغضاء ويتربصون بالمؤمنين الدوائر لأنهم حزب الشيطان "أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة: 19).

أيها اليهود الصهاينة اعلموا أن لكل أمة أجل، ومهما بلغت بكل القوة وامتلكتم المال والسلطة والنفوذ، فلن يكون ذلك لكم خالدًا، وأنتم تمشون إلى الموت بأرجلكم. وأمتكم وحضارتكم الزائفة مهما كانت متقدمة ومزدهرة، فإن عوامل زوالها ثابتة راسخة، ولن تفلت من السقوط والزوال والاندثار، ولا قدرة لمخلوق مع قدرة الخالق، ولا يقدر أحد على تحدي الله، قال الله تعالى "ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" (الأعراف: 34)؛ فلكل أمة وقت محدد لنزول العذاب بها في حال كفرها أو موتهم، وهو وقت محدد للعذاب والهلاك إذا كفروا، قال الله تعالى "وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابًا شديدًا" (الإسراء: 58) فكل قرية لا بُدّ من هلاكها قبل يوم القيامة؛ فالقرية الصالحة تهلك بالموت، أما القرية الطالحة فتهلك بالعذاب، والمقصود بالقرية في الآية هم أهلها، والهلاك آتٍ لا محالة، قال الله تعالى "فهل ترى لهم من باقية" (الحاقة: 8).

يا أيها الصهاينة الظالمين، أين أهل المدائن والحصون، أين المتحصنون بكل حصنٍ منيع وقصرٍ مشيدٍ، أين ارباب القصور العالية، أين الأمم الماضية، فقد حق عليهم الوعيد، أين عاد (قوم هود عليه السلام) هل لهم من بقاء، إنهم زالوا ولم يبقى منهم أحد كأن شيئًا لم يكن، فقد بادوا عن آخرهم ولم يجعل الله لهم خلفًا. وتتجلى قدرة الله تعالى غير المحددة في استئصالهم ومحوهم عن بكرة أبيهم، واجتثائهم فلم يعد لهم أثر، وصاروا أحاديث في المجالس، بعد أن ملأوا الدنيا ضجيجًا ومجدًا زائفًا، فالعاقل من اتعظ بغيره، والجاهل من اتعظ بنفسه.

 

العذاب الإلهي لا يحتمل المزاح أو المراوغة أو التحايل، ولا يمكن امتصاصه، لأن الصدمة النازلة على القوم المستحقين للعذاب تكون قاصمة لا تبقي ولا تذر، فالأمر في منتهى الجدية، وليس أزمة طفيفة عابرة، فالعذاب هو عملية اجتثاث استئصالية ماحية تأتي كعقوبة مستحقة على أقوام لم يكتفوا برفض الإيمان، بل حاربوه بشتى الوسائل وبكل الإمكانيات، وقاموا بقتل وتهجير والاعتداء على المؤمنين والتضييق عليهم في حياتهم ومعيشتهم. وكل هذا بعد أن أقيمت عليهم الحجة، واتضح لهم الحق من الباطل، وبالتالي فهم مستحقون للعذاب "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" (الزخرف: 76) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الخوارج (لئن أنا أدركتهم لأقتلهم قتل عاد).

وصدق القائل:

وما من يد إلا يد الله فوقها // ولا ظالم إلا سيبلى بظالم

إن زعماء الصهاينة هم عظماء مجرميها وزعماء الفساد والإجرام فيها، لأنهم هم الذين يخططون ويدبرون المكائد ويفسدون في الأرض ويقودون الناس لامتلاكهم القوة والمال والسلطة والنفوذ، وبمشيئة الله ستكون كل أفعالهم السيئة الإجرامية عليهم وبالًا وستقودهم إلى الخزي والعار في الدنيا، وإلى اشد العذاب في الآخرة، ولكنهم لا يشعرون بذلك بسبب غرورهم وجهلهم وتجبرهم وتكبرهم على الناس، وستكون بمشيئة الله تعالى وقدرته نهاية الكيان الصهيوني قريبة على يد المجاهدين الأحرار في غزة وفلسطين، والأرض لله تعالى يورثها لمن يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

يا أبطال غزة وفلسطين المجاهدين المرابطين الأحرار الموحدين.. بمشيئة الله إن جند الله هم الغالبون، فقد ضمن الله للإسلام الظهور ولأهله التمكين والنصر والغلبة وقد صدق الله وعده والله لا يخلف الميعاد، وإن اشتدت البلاءات والحروب وطال الحصار عليكم من كل مكان، فكونوا على ثقة ويقين بالله العزيز بأن نصركم على الاعداء قريب، وسوف يدفع الصهاينة ثمن ظلمهم وغدرهم وخيانتهم للمؤمنين وسيندمون على أفعالهم الإجرامية والتي ستقودهم إلى الخزي والعار.

واعلموا يا إخوة الإيمان والعقيدة بأن الله هو القادر على نصركم وعلى انتشالكم مما أنتم فيه، ولو اثقلتكم الهموم والكروب والحروب، فلا تنسوا التسبيح، لأن تسبيح يونس عليه السلام كان سبب انتشاله من بطن الحوت، فكونوا مع الله وسبحوه بكرة وأصيلًا، والله لن يترككم وسوف يأتيكم الفرج من حيث لا تعلمون، وسيجبر الله أرواحكم المنكسرة، وقلوبكم المهشمة، وأنفاسكم الضعيفة، لأن الله هو من يجبر أجساد قلوب عباده المؤمنين المجاهدين في سبيله بأرواحهم وأنفسهم وأموالهم، اللهم أجر إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين في مصيبتهم وقوي إرادتهم وعزيمتهم وإصرارهم وثباتهم وإيمانهم وصدقهم وإخلاصهم، وعليك يا ربنا بالصهاينة أهلكهم وأهلك قراهم ومدنهم كاملة، إنك يا الله على كل شيء قدير وبالاستجابة جدير يا نعم المولى ويا نعم النصير.

** محامٍ ومستشار قانوني