تمويل التعليم العالي وتحدياته في عُمان (1)

 

د. ماهر بن أحمد البحراني

حققت سلطنة عمان مراكز متقدمة في مؤشرات تطور التعليم العالي طبقا لتقرير حالة التعليم العالي في العالم ([1]) الذي أصدره المجلس الثقافي البريطاني والذي يتضمن 38 دولة حول العالم، وصنفت السلطنة في المركز الثاني عربيا في مؤشر سياسات التنمية المستدامة، والمركز الثاني عربيا والتاسع عالميا في مؤشر انفتاح نظم التعليم العالي الذي يرصد توافر البنية الأساسية التي تسهل تنقل الطلاب والباحثين وجذب الطلاب الى الجامعات الوطنية، كما صنف التقرير السلطنة في المركز الثاني عربيا والتاسع عالميا في مؤشر ضمان الجودة ودرجة الاعتراف والذي يرصد توافر متطلبات الكفاءة التعليمية، والمركز الثاني عربيا والثاني عشر عالميا في مؤشر السياسة الوطنية والبيئة التنظيمية لدعم حركة الطلاب.

كما جاءت السلطنة من خلال التقرير في المركز الثاني عربيا والخامس عشر عالميا في مؤشر المشاركة البحثية الدولية والذي يرصد الدعم المقدم من قبل الحكومات لمشاركة الطلاب والباحثين في البحوث الدولية التي تقوم على التعاون.

وقد حققت السلطنة هذه المراكز نتيجة الانفاق الكبير الذي يعتمد على الانفاق الحكومي في تمويل التعليم العالي في سلطنة عمان، وتعتبر الحكومة هي المصدر الرئيسي للإنفاق على مؤسسات التعليم العالي الحكومية وأيضا محدودية المصادر الأخرى لمساندة الحكومة في الانفاق، حيث تعتمد مؤسسات التعليم العالي الخاصة بشكل كبير على الرسوم الدراسية كمصدر أساسي للتمويل من خلال البعثات التي تخصصها الحكومة للطلبة العمانيين.

لقد أوصت الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040 في استراتيجية التمويل باستحداث إطار تمويلي متكامل يكون مجلس التعليم مسؤولا عنه (سابقا)،  كما أوصت الاستراتيجية بالتوجه نحو اللامركزية من خلال العمل على نقل الصلاحيات المالية للمؤسسات التعليمية، لتمكينها من إدارة شؤونها المالية مع وجود آلية للمساءلة على جوانب الانفاق.

كما قدمت استراتيجية التمويل آليات جديدة لتمويل التعليم تستند إلى مبدأ ربط التمويل بالمخرجات، الذي يقوم على مفاهيم التمويل المعياري والتمويل المحايد. ويعتمد نظام التمويل المعياري على أسس ومعايير موحدة ومحددة ومتعارف عليها وتستند على مؤشرات الأداء، وتقليل الكلفة. أما نظام التمويل المحايد فإنه يقوم على معاملة الطلبة في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة بشكل متساوٍ، ويتم تمويل البرامج التي تقدمها هذه المؤسسات بدون تمييز.

وأوصت الاستراتيجية بالتركيز على الكفاءة باعتبارها عاملا أساسيا في اتخاذ القرارات المستقبلية لتمويل النظام التعليمي، ومراقبة توازن الإنفاق بين التعليم المدرسي والتعليم العالي، وعلى أهمية وضع آلية لتعزيز دور القطاع الخاص في دعم التعليم والتوسع فيه. ودعت الاستراتيجية إلى إيجاد مصادر تمويلية مستدامة، وتوفير مصادر تمويلية بديلة لقطاع التعليم، لتأمين الدعم المالي له في ظل المتغيرات الاقتصادية وتقلبات السوق النفطية.

وتشير تقارير منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) إلى "أن الميزانية المخصصة للتعليم في بلد واحد کفرنسا، أو ألمانيا، أو ايطاليا، أو المملكة المتحدة، تفوق الإنفاق على التعليم في منطقة إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى بأكملها ويبلغ الاستثمار في مجال البحث العلمي في الدول الصناعية ما نسبته من 3 إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي" (تقرير اليونسكو 2015).

وتتوزع ميزانية التعليم بين أكثر من جهة، وهي المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية، وكلية عمان للعلوم الصحية التابعة لوزارة الصحة، ووزارة التربية والتعليم، وجامعة السلطان قابوس والمستشفى الجامعي، والأكاديمية السلطانية للإدارة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وكلية العلوم الشرعية، والمجلس العماني للاختصاصات الطبية، والهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، والمعهد العالي للقضاء التابع للمجلس الأعلى للقضاء، وجامعة التقنية والعلوم التطبيقية.

وللحديث بقية.

 

***********

(1) وزارة الاعلام، سلطنة عمان مراكز متقدمة في المؤشرات العربية والدولية (تصنيفات ووجهات نظر مؤسسات عالمية)، الطبعة الأولى، بيت الغشام للصحافة والنشر والاعلان، 2018.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك