حمود بن علي الطوقي
الأحداث التي نشهدها منذ صباح السبت 7 أكتوبر 2023، بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، أظهرت مدى قدرة المقاومة الباسلة على تكبيد العدو الغاشم خسائر فادحة. وهي أحداث تعد الأشد على العدو منذ حرب أكتوبر 1973. وهذه المواجهة الباسلة التي يتابعها ملايين المدافعين عن قضية فلسطين عبر مختلف الوسائل.
وسائل الإعلام العمانية تراقب عن كثب المجريات والتطورات التي تحدث في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، ولا شك أن الإعلام العماني ينحاز بشدة ويتعاطف مع جهود المقاومة المشروعة في استرداد حقوقهم. أما رسميًا فقد صدر بيان من وزارة الخارجية يؤكد أن سلطنة عُمان تتابع باهتمام وقلق التصعيد الجاري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي اللامشروع للأراضي الفلسطينية والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، الذي يُنذر بتداعيات خطيرة وتصاعد حدّة العنف.
وهنا استذكر حديثًا سابقاً لمعالي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية سابقًا، عندما تحدث عن زيارته للقدس، وقال "إني تجوّلت في القدس وشعرت أن الإسرائيلين ينتابهم القلق والخوف وأن المقاومة الفلسطينية تتمسك بحقوقها المشروعة. لهذا أقول إلى متى ستستمر إسرائيل العيش في خوف وفي ظروف عدم الاستقرار. وإن هذا الخوف سيلازمهم إلى أن تتم عودة الحقوق لأصحابها وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس".
هذا الشعور الذي انتاب بن علوي انتابني أيضًا أنا وزملائي الصحفيين عندما كُتب لنا زيارة الضفة الغربية والقدس الشرقية في أكتوبر 2013؛ أي قبل 10 سنوات. ولاحظت حالة الخوف لدى اليهود ونحن نتجول في "بوابة دمشق" على مدخل المدينة القديمة. كنتُ وزملائي نرتدي الزيَّ العُماني فهو بالنسبة لنا زيٌّ وطنيٌّ، وبالنسبة لأشقائنا في فلسطين يُعبر عن التضامن معهم ومع قضيتهم المصيرية، وقد أقدم المتطرفون اليهود على مضايقتنا تارة، بينما الخوف يعتريهم، وهم يرون عربًا من أبناء عُمان قادمين لمناصرة القضية الفلسطينية. أطفال المقدسيين يُرحبون بنا، لكن في المُقابل، أطفال اليهود والمتشددون بلباسهم الأسود، يمرُّون كمجموعات في حركات سريعة، خوفًا منَّا، بينما أطفال المقدسيين كانوا يضحكون بصوت مرتفع ويرحبون بنا قائلين "أهلًا بكم في مدينة القدس".
لأول مرة نرى قبة الصخرة بألوانها الذهبية الزاهية وبجوارها المسجد الأقصى؛ حيث صلينا الجمعة وتجولنا بعدها في الأسواق القديمة كما زرنا كنيسة القيامة، ودخلنا من باب القدس، وخرجنا من باب العمود وباب الواد.
وأنا أتابع هذه الأحداث المُفرِحة، الآن؛ حيث تشهد انتصارات المقاومة وما لحق من أضرار في صفوف الإسرائيليين من قتلى وأسرى وآلاف الجرحى، نرى هذا الانتصار بارتفاع صيحات التكبير "الله أكبر" من المقاومة الباسلة، ليتولد لدينا يقين بأن طوفان الأقصى هذه المرة عازم على تحقيق النصر للأمة.
من خلف شاشات التلفاز نتابع ونشاهد تلك المقاومة الباسلة من شعب لم يبالِ الآلة العسكرية ولا تلك والدبابات الإسرائيلية والقذائق والطائرات التي تحلق فوق رؤسهم. كل هذه الآلة العسكرية لا تخيفهم؛ بل تزيدهم إصرارًا وتمسكًا بقضيتهم الأبدية، بينما يفر المحتل الجبان مثل الجرذان خوفًا من الموت وخشية الأسر.
تحيا المقاومة الباسلة، وتحيا فلسطين، وتحيا القدس، وكلنا من أجل الأقصى باقون.