أحمد السلماني
الأندية والفرق الأهلية مؤسسات تُقدِّم خدمات اجتماعية وثقافية ورياضية للمجتمعات المحلية، وتحتاج إلى استخدام الكهرباء لتشغيل مرافقها وتفعيل أنشطتها وخدماتها، لكنها تواجه صعوبات في دفع الفواتير المرتفعة، خاصة وأنها كانت- وما زال- الغالب منها يعتمد على الهبات والتبرعات ومساهمة الأعضاء والذي تقلّص كثيرًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمُر بها الجميع.
لذلك، تطالب هذه المؤسسات الأهلية بالحصول على دعم حكومي من إعفاءات أو تسهيلات أو تخفيض تعرفة الكهرباء المرتفعة جدًا والتي تصل إلى 29 بيسة للكيلوواط الواحد وتتضاعف وفق الشرائح التي لا نعرف لِمَ وُجِدَت أصلًا.
مطالبة الفرق الأهلية والأندية بالدعم الحكومي لفاتورة الكهرباء له دوافعه العديدة والتي أورد بعضا منها:
أولًا: أن هذه المؤسسات تقوم بدور إيجابي في المجتمع، وتساهم في رفع مستوى التنمية البشرية والاجتماعية والثقافية والرياضية للأفراد، وتشجع على قيم التطوع والتضامن والانتماء.
ثانيًا: أن هذه المؤسسات توفِّر فرص عمل وتدريب للشباب، وتساعدهم على تطوير مهاراتهم وقدراتهم، وتحقيق طموحاتهم.
ثالثًا: أن هذه المؤسسات تشكل جزءا من التراث الوطني، وتحافظ على التاريخ والثقافة والهوية الوطنية.
رابعًا: قطاع عريض من الشباب العماني يمارس هواياته الرياضية والثقافية من خلال الأندية والفرق الأهلية، والتي تؤدي دورًا حيويًا وكبيرًا في شغل أوقاتهم بالمفيد وتجنيبهم والبلاد من الانخراط في أتون مشاكل أمنية واجتماعية تؤثر عليهم وعلى المجتمع.
خامسًا: هناك أكثر من قيمة مضافة من وجود هذه الأندية والفرق الأهلية بشكل خاص يتمثل في الصحة والرياضة التنافسية وتطوير المواهب والقدرات وتنمية الشعور بالانتماء والولاء للكيان ومنه للوطن.
سادسًا: تشكل الفرق الأهلية رافدا مهما وأساسياً للأندية ومن ثم المنتخبات الوطنية.
سابعًا: الفرق الأهلية بسلطنة عمان تشكل ظاهرة وتجربة عريقة وفريدة من نوعها بالمنطقة ولها إطار منظم للعلاقة بينها والأندية، ومتى ما وجدت الدعم والمساندة والتسهيلات فإنها ستكون عاملا حيويا ومهما في بناء منظومة شبابية تعودت على قيم الجماعة والوحدة والتعاون والتكاتف.
تاسعًا: هي مؤسسات أهلية ومجتمعية على تماس مباشر بالمجتمع وتساهم في مشروعات أهلية وخيرية في إطار منظم.
عاشرًا: طالما أن هذه المؤسسات مُشهرة رسميًا وتعنى بها جهة مسؤولة وأصولها ومنقولاتها تعود للدولة، فإن الأخيرة مسؤولة بشكل مباشر في ضمان نجاح واستمرارية هذه المؤسسات الأهلية.
لذا.. هناك عدة وسائل وطرق يمكن بها دعم الأندية والفرق الأهلية بشكل خاص وذلك من خلال تخفيض التعرفة الكهربائية إلى التعرفة الخاصة بالمواطن (14 بيسة) للكليوواط الواحد وتسهيل التصريح لها بإيجاد مصادر مياه لها، وتقديم دعم مباشر لها بتسهيل إجراءات الاستثمار ومنحها أراضٍ تجارية وحتى صناعية، ولو بنظام الانتفاع للاستثمار ولتسيير التكاليف التشغيلية من راتب العامل وتسديد الفواتير وتوفير مياه سقي الملاعب الخضراء والأسمدة والمبيدات ومعدات القص، وتنفيذ الأنشطة والبرامج الرياضية والثقافية والاجتماعية.
وكل مصروفات الأندية وغيرها، تُدفع من مساهمات الأعضاء وهؤلاء يُعدون على أصابع اليد، والمؤسف أن تلجأ إدارات هذه المؤسسات وهي تطوعية إلى طلب الدعم، من أجل ضمان ديمومة عمل مؤسسة أهلية مجتمعية تقوم بأدوار مُهمة داعمة لعمل المؤسسات الحكومية والرسمية وربما بدلًا عنها في بعض الأحيان، بينما تُترك هكذا للمستقبل المجهول والذي قد يُفضي إلى توقف نبض حياتها، لنرى شبابها فريسة للفراغ وما يلي ذلك من ظواهر اجتماعية سلبية خطيرة للغاية على المجتمع والبلاد.
لذلك.. فإن دعم الحكومة للفرق الأهلية والأندية يعد استثمارًا في المستقبل، وينعكس إيجابًا على المجتمع بأكمله، كما إن هذا الدعم يتوافق مع رؤية "عُمان 2040"، والتي تهدف إلى بناء مجتمع مزدهر اجتماعيًا وسلوكيًا وماديًا وتتحق التنمية البشرية المستدامة لكل فئات المجتمع، وفي الطليعة منهم شبابنا الفتيّ.