خالد بن سعد الشنفري
"اقرأ" هي أول كلمة من أول سورة نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وإنها لدليل قاطع على أهمية القرءاة والتعلم للإنسان في قرآننا الكريم، مصداقًا لقوله تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" صدق الله العظيم.
وتأكيدًا على أهمية العلم والتعلم فقد حثَّ نبي الإسلام على طلب العلم، فقال فيما روي عنه: "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" وقال في حديث آخر: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا للجنة". أما عن الأمثال الإنسانية في طلب العلم منذ القدم فحدث ولاحرج: رأس مالك هو علمك، وعدوك هو جهلك. من فتح مدرسة أقفل سجنا. ترك النفوس بلا علم ولا أدب.. ترك المريض بلا طب ولا آسٍ.
فيالروعة هذه الحكم والأمثال.
عامنا الدراسي الجديد دخل، وتمنطق 729331 طالبا وطالبة من أبنائنا حقائب سلاحهم بعد أن أخذوا قسطهم السنوي من استراحة المحارب وتركوا النوم خلف ظهورهم واستبدلوه بالحقيبة المدرسية وتوزعوا على 1242 مدرسة حديثة جدًا في مختلف أرجاء عماننا الحبيبة.
فهل أعددنا العدة لذلك بحق وهل نحن راضون عن ذلك كل الرضا، وبأي حال ستعود يا عامنا الدراسي الجديد؟ هل سيكون كما سبقه أم بحال أفضل؟ أم أقل؟ أم إننا حتى لم نقف لنتفكر في ذلك ونسير على وتيرة واحدة في العملية التعليمية رغم عظم منظومتنا التعليمية وحجم ما يصرف عليها من موازناتنا المالية ولسان حالنا هو أننا ماضون كما وجدنا عليه آباءنا وذلك من منطلق المقولة العقيمة "من شابه أباه فما ظلم".
لماذا يترحم الواحد منا نحن من عاصر المدرسة السعيدية الوحيدة في ظفار قبل عام 1970 وشقيقتيها الأخريات في مسقط ومطرح، أو على مدرسيها ومديريها ومقرراتها الدراسية ونظامها الصارم الرحيم؛ بدءًا من طابور الصباح والتفتيش الصحي من قبل المدرسين حتى على الأظافر والهندام مرورًا باليوم الدراسي بأكمله ومناشطه، وسلوكنا كطلبة في هذه المدارس حتى خارج المدرسة وفي المجتمع والحياة، وبالتالي انعكاس كل ذلك على مخرجاتها من الطلبة وعلى رأسهم المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد، الذين على أيديهم قامت نهضة عُمان الحديثة التي ننعم اليوم بمنجزاتها المادية والمعنوية في الداخل والخارج.
إنه المعلم يا قوم.. نعم إنه أساس العملية التعليمية برمتها، وإلّا كيف بعد ذلك ومنذ بداية إشراقة شمس نهضتنا العمانية الحديثة عام 1970 رغم أن معظم مدارسنا كانت خياماً ترفع مبدأ "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة"، هكذا كانت الصحوات وهكذا تحققت النتائج. فقد أينعت لنا حينها مدارس ظل الأشجار والخيام وأي ظلال آخر زهور أصبحت قامات، واستلمت الرايات، وواصلت المشوار، وها أنتم أجيال ما بعد ذلك تنعمون بأحدث المدارس العصرية ووسائل الراحة والتعلم بها، وأجدد المناهج ببيئتكم وبتنقيحها المستمر والمتواصل.
لكن هل أنتم راضون عن أنفسكم؟ إنه المعلم مُجددًا. لم يسعفني فكري بأي سبب آخر في ضعف مستوى مخرجات منظومتنا التعليمية الحالية إلّا المعلم؛ فأعطوه حقه من التبجيل المعنوي والمادي والتأهيلي وسيعطيكم أفضل مما كان وقد أصبحت كل المنظومة في وقتنا هذا مهيئة لذلك ولم يتبقَ علينا إلا الاهتمام بالمعلم ليتمكن من العطاء أكثر.
تمنياتنا لأبنائنا وفلذات أكبادنا بعام دراسي جديد زاهر مثمر؛ فنحن ننتظر منهم الكثير إذا لم يكن كل شيء، وهكذا الحياة دواليك جيلًا يتسلم الراية بعد جيل.
فسقيا للمدارس من رياض
لنا قد أنبتت منكم زهورا
إذا ارتوت البلاد بفيض علم
فعاجز أهلها يمسي قديرا
ويقوى من يكون بها ضعيفا
ويغنى من يعيش بها فقيرا
(الشاعر معروف الرصافي).