مقترح بإضافات على موقع "عودة الماضي" بالحافة

 

 

خالد بن سعد الشنفري

 

إيماءً إلى مقالي (يوم في "عودة الماضي") المنشور بصحيفة الرؤية العدد 3670 الصادر في يوم الثلاثاء 22 أغسطس 2023، التمسُ العذر بدايةً من بلدية ظفار وعلى رأسها سعادة الدكتور أحمد الغساني رئيس البلدية التي أبهرتنا بحق في هذا الموسم السياحي من مهرجان خريف ظفار بتعدد وتنوع وانتشار فعاليات مناشط المهرجان لتغطي أكبر مساحة في نطاق صلالة الكبرى والولايات المجاورة، وأقول إنه لولا هذه الخطوة لشهدنا اكتظاظا وازدحاما غير عادي.

وبما أن موقع "عودة الماضي" أصبح اليوم الموقع الأهم لهذه الفعاليات ومن منطلق أن يكون مكتملا بكل جوانب تراث وموروث ظفار الثقافي المادي وغير المادي في خريفها الرذاذي المُميز، فإننا نقترح إضافة بعض هذه الجوانب حسب الأهمية بالطبع والإمكانات المتاحة للموسم القادم وكل عام وأنتم خير.

على سبيل المثال لا الحصر، فإن البيئة الزراعية لم تُمثل تمامًا في الموقع، رغم أنه طالما كانت الزراعة قديمًا عصب الاقتصاد الظفاري والحياة فيها، جنبًا إلى جنب مع البحر وخيراته وسنن ممارستها والاستفادة منها بين الأهالي، وقد أًهملت تمامًا في هذا الموقع رغم أن مزارع وبساتين (غوارف) الحافة شاخصة، تُحيط بهذا الموقع من الجهات الثلاث ورؤوس نخيلها تشخص حزينة مما يجري تحتها وحواليها، دون أن تكون ممثلة فيه؛ وهي ما كانت عليه من أهمية في زمانها وما زالت وستظل كذلك لكل العصور، وبكل ما وصل إليه كل عصر من تقنياته، إلّا أن الهدف من هذا المقال وهذا المقام، ليس سوى التذكير والتأطير لما كان لها من أهمية في ماضيها الجميل في تلك الحقب من الزمن الجميل- زمن الطيبين- وهنا نقترح مثلًا إضافة ما كان يعرف قديمًا بـ"المقود أو السناوة"، لما كان لها من دور في الزراعة آنذاك، والمتمثل في بئر المزرعة وجابيتها وسواقيها، وفي جمال السناوة وصرير حبالها الذي يحدثه شد غرابيل المياه الجلدية من البئر، الذي يحدث أرقى وأعذب وأشجى الألحان مع أصوات وأشعار (الساني) الذي يقود جمال شد الحبال جيئة وذهاباً والمعبرة والمصاحبة لكل ذلك وكلها محفوظة وموثقة ويسهل تنفيذها من قبل الشباب بيسر وإتقان.

ثم إن "الرصرة" وهي المكان الذي كان مخصصاً لدرس الحبوب واستخراجها من قصبها؛ سواء بواسطة الثيران أو مسابيط النساء بالضرب عليها مع إطلاقهن أشجى الألحان والغناء لاتقل روعة عن المقود والسناوة، أيضًا موقع هذه الرصرة لا يبعد عن موقع عودة الماضي سواء مسافة أمتار ناحية الشمال. ولا يفوتنا الإشارة كذلك لعملية طحن الحبوب بواسطة الرحى الحجرية وطقوسها والتي لاتخلو بدورها من أصوات النساء المصاحبة وأغانيهن الجماعية الشجية المصاحبة لذلك وكلها ستضيف لزائري الموقع جمالا على جمال.

وفي جانب البيئة البحرية، فإنها لم تحظ لا بالمساحة لها وسننها وفنونها ولا بالاأشطة التي كانت تُمارس على شاطئ الحافة الذهبي؛ الذي يشغل النصف الجنوبي كاملًا من أرض موقع المهرجان، وما زال رجال ونساء وأبناء ممارسي هذه المهن موجودين، ويمكنهم تنفيذها بحب وحماس ويسر، وحتى مجسم سفينة "الفوز" الخشبية التي وُضعت هناك على الشاطئ لإعادة تمثيل طقوس عودة المسافرين (السفارة) عن طريق البحر بعد غياب سنين، تاركين الولد والأهل لكسب العيش، تفتقد حتى لما يُعرف بـ"السنابيق" أو "أمير البحر" التي ينزل من خلالها الركاب من السفينة إلى الشاطئ، ليس لها وجود ولا هواري الصيادين الصغيرة الرشيقة أيضا، والتي كانت تصنع من جذع شجرة كبيرة موجودة.

أمورٌ كثيرة مهما كانت صغيرة أو بسيطة إلّا أنه بوجودها تكتمل منظومة مكونات هذه البيئات الثلاثة، التي عرضت في الموقع، وأشرنا لها في مقالنا السابق، وليس الهدف من مقال اليوم سوى التذكير، مع تأكيدنا على عدم تقصير أي من القائمين على أمر فعاليات الخريف، وهدفنا التذكير لا أكثر.

وفيما يتعلق بالمساحة المطلوبة لكل ذلك، فإنَّ الجانب الشرقي مساحته تكفي وزيادة لاستيعاب كل هذه البيئات برحابة، وتتوزع أعداد الزائرين على الموقع على أكبر مساحة مُمكنة لتقليل الزحام.

أما الجزء الغربي الحالي بالموقع والمقام عليه حاليًا سوق شاطئ الحافة التراثي الأنيق الذي نفذته شركة "أساس" مشكورة، وما اشتمل عليه من أرقى المقاهي والكافيهات وتقاطر المستثمرين على تشغيله؛ فهو يمثل المعاصرة حقًا بروح الماضي الجميل، وبذلك نكون قد جمعنا الأصالة والمعاصرة معًا في أزهى وأبهى حُللها وزاوجنا بينها.

اللهم إني بلّغت.