سارة البريكية
نعيش في هذه الأرض الطيبة وننهل من خيرات هذا البلد المعطاء ونشعر بالفخر والانتماء لوطننا الغالي، نشكر الله كثيرًا على هذه النعم التي أنعمها علينا وهذه الخيرات التي حباها بلادنا؛ إذ إننا في بلد استثنائي نعيش حالة من الأمن والأمان قد نكون محسودين عليها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك".. ومن هنا تصلنا الرسالة الكبرى عن أخلاق العمانيين وصفاتهم الحميدة وتكفي في ذلك شهادة رسول الله الكريم فينا أننا قومٌ من خيار الأقوام وصفاتنا ومعادننا من ذهب، وقد نرى جميعًا كيف يعامل العماني غيره من البشر من مختلف الجنسيات؛ بل كيف يقدم الآخرين على نفسه، نعم لم نأتِ بهذه الأخلاق العظيمة من فراغ، وإنما تربينا عليها وكبرنا ونحن ننعم بحسن الخلق ولا نرضى بالظلم.
نعم نحن لا نرضى بأن نظلم العباد ولا نرضى أن نُظلَم، فنحن من أهل عمان الغر الميامين الشامخين أحفاد مازن بن غضوبة والصلت بن مالك الخروصي، ونحن إن وقفنا في أمر ما كُنا الحلقة الأقوى، وأدرنا النقاش وعمَّ السلام.
إننا شعب نقي لا نفكر بسلبية ونؤمن بأن المؤمنين إخوة ولا نعلم ما يكنه الطرف الآخر لنا وما يحيكه من دسائس ومؤامرات وما يضمره من شر وحقد وتلاعب وافتراء وإخفاء للحقيقة من أجل مصلحته الشخصية لا من أجل المصلحة العامة، ومن كان مثل هذا النوع يجب معاقبته عاجلًا غير آجلٍ وفق القانون، فما جزاء من يُصر على الكذب والتزوير والخداع إلّا العقاب؟!
وأودُ هنا أن أتحدث عن بعض معارض السيارات المستعملة التي تشترط أن يتم دفع عربون أو مبلغ شراء السيارة قبل تجربتها، بينما لا يتحلى هذا التاجر بالمصداقية، حيث يدعي أن ما يعرضه في حالة ممتازة، ويتعمد خداع الزبون وتضليل المشتري بحقائق عن السيارة المعروضة للبيع، لكن المشتري وبعد أن يقع الفأس بالرأس يكتشف الزيف الذي تعرض له.
هذا ماحدث الأسبوع الماضي، عندما ذهبت صديقتي لشراء سيارة مُستعملة تفي بالغرض وتفي باحتياجياتها اليومية، فقد دفعت المبلغ بعد أن استلمت السيارة التي كان من شروط العقد أن لا تتحرك إلا بعد أن تدفع، وبعد الدفع استقلت صديقتي سيارتها المستعملة والتي كانت تراها في حالة جيدة ومن حديث صاحب المعرض ومدحه للسيارة وأن السيارة "ما عليها كلام" وووو...!
عندما استقلت صديقتي تلك السيارة وفي أول وهلة سمعت أصواتًا غريبة كهدير الرعد، وتارة كنهيق الحمار الذي ينهق من تلقاء نفسه رفعت سماعة هاتفها وتواصلت مع مالك المعرض ليرد عليها بنبرة سخيفة: "غيري إطارات السيارة.. ربما هذه الأصوات بسبب الوقفة الطويلة". ذهبت صديقتي لمنزلها وفي الصباح الباكر وغيرت الإطارات لتكلف نفسها ما ليس باستطاعتها، وهي التي أنفقت أموالها على تلك السيارة. وبعد تبديل الإطارات عادت الأصوات وكأن شيئًا لم يتبدل، تواصل أهلها مع المعرض حتى يتم استرجاع مبلغ السيارة وردها لهم، ليرد عليهم صاحب المعرض بلهجة ساخرة إنه تصرف بالمبلغ وإنكم إن أردتم تبديلها ادفعوا الفارق! هنا وجدت صديقتي نفسها في صدمة وفي حال يرثى له.
السيارة التي أرادت أن تغنيها عن الآخرين كانت لها شرًا، وأنها عندما أرادت الوثوق بما يُعرض لم تنجح في تقديراتها للموقف، وأن هناك لصوص ومرتزقة يعملون خلف هذه المعارض يتكتمون على الواقع، ويخفون الحقائق لمصالحهم الشخصية، ويتعمدون إلحاق الظلم بالمشتري بطريقة لا يمكن للعقل تصديقها.
صديقتي ذهبت إلى هيئة حماية المستهلك لتقديم شكوى، فكانت النتيجة أن طلبوا منها الذهاب إلى المحكمة!!
أين حقوق المشتري؟ ولماذا لا تتدخل الهيئة مباشرة قبل المحكمة وغيرها من الإجراءات؟
رسالة لمن يهمه الأمر..
نناشد بقوة بضرورة تعديل لوائح واشتراطات بيع وشراء السيارات المستعملة؛ إذ لا يعقل عدم السماح للمشتري أن يحرك السيارة إلا بعد شرائها.
ونطالب بمُعاقبة كل من تسول له تزييف الحقائق والكذب على الناس وأخذ أموالهم بالباطل.
عرفت صديقتي فيما بعد بعد أن فحصت السيارة أن هذه السيارة تعرضت لحادث، لكن تم سمكرتها وإصلاحها، بينما البائع تعمد ممارسة التضليل وتزييف الحقائق، لأنه نفى وقوع أي حادث لها، كما لم يسمح لها بإجراء فحص ما قبل الشراء.
وأخيرًا.. أقول لصاحب المعرض: كيف لك أن تنام قرير العين وأنت تعلم في أعماق نفسك أنك تمارس الظلم والجور وتستحل أموال النَّاس بالباطل؟! الظلم ظلمات يوم القيامة.