"مجموعات التواصل" ومسؤولية المشرفين


جابر حسين العماني
jaber.alomani14@gmail.com

يُعد تطبيق "واتساب" من أبرز تطبيقات التواصل الاجتماعي انتشارًا في الوطن العربي والعالم، وذلك لسهولة استخدامه في الهواتف النقالة والأجهزة اللوحية، ويلتقي من خلاله النَّاس ببعضهم البعض لنقاش العديد من القضايا الاجتماعية والأسرية، وأصبح النَّاس باستخدام الواتساب ما بين عضو ومشرف ومتكلم وصامت، والكل يعمل بحسب قناعاته الشخصية، إما عبر الحوارات المختلفة، أو الاستماع إلى الرأي والرأي الآخر، وذلك من خلال إعداد مجموعات (جروبات) حوارية مختلفة؛ سواءً على صعيد الأسرة أو المجتمع أو بيئات العمل الحكومية والخاصة وغيرها.
واليوم ونحن نواكب التطور العلمي وما يحدث في القرية العالمية الواحدة، من خلال برامج التواصل الاجتماعي والتي من أبرزها الواتساب، نلاحظ انتشارًا واسعًا للمجموعات، وهي في حد ذاتها بيئات خطيرة على المجتمع وأبنائه، إن لم تُسخَّر لخدمة المجتمع بالطريقة السليمة والصحيحة، وهي بكل تأكيد تعكس ثقافة المجتمع ومبادئه وتقاليده وقيمه، لذا قد يحدث في تلك المجموعات الاتفاق، وكذلك الاختلاف في وجهات النظر، وذلك لتفاوت العقول، فهناك من العقول الناضجة والكبيرة والمتعلمة، وهناك من العقول الصغيرة والجاهلة التي لا تعي أهمية الحوار وآدابه، ومن الطبيعي جدا حدوث  بعض المشاكل بين بعض أفراد المجموعات.
لذا ينبغي تدخل أشخاص حُكماء من أهل العقل والدراية والأخلاق، للإشراف على تلك المجموعات ومساعدتها على تجاوز المشكلات والحفاظ على المبادئ والقيم والتقاليد الاجتماعية واحترام القانون، وذلك بمنع تداول السب والشتم والقذف والكذب والافتراء على الآخرين ونشر الشائعات، كما إنه من واجب المشرفين تدوين القوانين الحكيمة التي تحتوي الجميع وتجمعهم ولا تفرقهم ثم عرضها على الأعضاء الكرام.
إنَّ مسؤوليات وواجبات مدير المجموعة والمشرفين معه- بل وكل من يتصدون لإدارة تلك المجموعات- أن يكونوا على قدر عال من المسؤوليات الاجتماعية، والتحلي بنظرة ثاقبة وشاملة للمجتمع، ووضع خارطة واضحة وصريحة لصناعة المحتوى الحواري اللائق والمفيد للمجتمع، وذلك من خلال تنشيط الحوارات النافعة، والتشجيع عليها بين أعضاء المجموعة الواحدة، وضبط النفس وعدم التهور تجاه الحوارات السيئة أو الأعضاء السيئين ومعرفة كيفية التعامل مع الجميع بالتي هي أحسن، وكسبهم وتربيتهم بالأخلاق والكلمة الطيبة. وقد روي عن أمير المؤمنين ومولى الموحدين الإمام علي بن أبي طالب أنّه قال في كتابه لواليه على أذربيجان أشعث بن قيس: "وَإِنَّ عَمَلَكَ لَيْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ وَلَكِنَّهُ فِي عُنُقِكَ أَمَانَةٌ".
هناك بعض النقاط التي نقترحها والتي ينبغي مراعاتها من قبل المشرفين على مجموعات الواتساب الاجتماعية والأسرية، وذلك من أجل صناعة إدارة سليمة ومجموعة ناجحة، خالية من الخلافات والتمزقات الاجتماعية التي تطرأ على هذه المجموعات، كما يلي:
على المديرين والمشرفين على مجموعات الواتساب ضبط النقاشات السيئة وإبعادها عن الأعضاء واستبدال السيئ بالحسن، والدعوة المستمرة إلى الحوار الجاد الخالي من المنغصات التي لا داعي لها بين أعضاء المجموعة.
منع الجدال العقيم واحترام أهل التخصص في المجموعات الواتسابية، والاستفادة منهم ومن إمكانياتهم، وربط المجتمع بهم، والحفاظ على تواجدهم الدائم في المجموعة، لذا يجب أن يرد الاختصاص إلى أهله قال المولى عزوجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.
فرض ضوابط عامة يلتزم بها الجميع، بهدف استمرار المجموعة وعدم انقطاعها.
استغلال المجموعة لتفعيل الأنشطة الدينية والاجتماعية والدعوة إلى اللقاءات الاجتماعية المباشرة لزيادة أواصر المحبة والمودة والتلاحم بين أبناء المجتمع الواحد.
انتقاء الإدارة الحكيمة والواعية لإدارة المجموعات الواتسابية، وإبعاد الأشخاص غير المؤهلين للإدارة من قائمة الإشراف.
عقد لقاءات مباشرة بين المشرفين بهدف تطوير المجموعة والوقوف على الإيجابيات والسلبيات، وتفعيل كل ما هو إيجابي، والابتعاد عن كل ما هو سلبي في المجموعة.
إعداد مشرفين حكماء للمستقبل قادرين على مزاولة الإدارة الواعية، يتصفون بروح الكلمة الطيبة والابتسامة الساحرة والجاذبة لأعضاء المجموعة.
احترام وتقدير الاقتراحات الواردة من الأعضاء، وأخذها بعين الاعتبار، ودراستها بشكل جيد، وانتقاء المفيد منها وتطبيقها على المجموعة بهدف تطوير ونجاح وازدهار المجموعة.
بث روح التعاون في نفوس الأعضاء وذلك من خلال توزيع المهام الاجتماعية.
رفع شعار حب الوطن وخدمته، وترسيخ ذلك في نفوس الجميع، فقد ورد عن أهل بيت الرسول أن "حبُّ الوطنِ منَ الإيمانِ" [سفينة البحار: ج2، ص668].
وأخيرًا.. على الجميع أن يعلم أن صناعة المجتمع الناجح لا تكون إلا ببث روح التعاون والحكمة والدراية والأخلاق الطيبة، والحفاظ على القيم والمبادئ، والابتعاد عن المُعكِّرات والمُنغِّصات؛ سواء كان ذلك في داخل نطاق الأسرة أو المجتمع أو من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي والتي من أشهرها "الواتساب".