محمد جربوعة **
** شاعر من الجزائر
إن بُحتَ أو إن لم تبح، سِيّانِ
فالحبُّ تفضحه بك العينانِ
***
ما شَوقُ مثلكَ حين يَذكرُ واديًا
لمنابت الجَثجاثِ أو للْبانِ
***
وتقول: (وادي دوكةٍ)..في لهفةٍ
وتريدُ واديَ مورد الغزلانِ
***
أفهاجَ شوقكَ للبخورِ بمسقطٍ
ولظبية في خدرها بعُمانِ؟
***
فإذا ذكرتَ صَبا المساء فإنما
تَكْني عن العطِرات في النسوانِ
***
كالناي مكسورا يحنّ لنغمةٍ
إن ساقَت النسماتُ لحن أغانِ
***
ولكل دمنةِ غائبينَ شفايفٌ
حُزْنا تقبّلُ صامتَ الجدرانِ
***
كتْمُ الهوى كالنار يشربها الذي
يُخفي ظهورَ فضيحة الدخّانِ
***
وهوى الجمال بقرية أو ظبيةٍ
في مذهبي نوع من الإدمان
***
وهوى النسا كهوى العواصم واحدٌ
لا فرق بينَ الجمر والنيرانِ
***
والحبّ أعمى لا يرى، لكنّني
في الحبّ أعشقُ مذهبَ العميانِ
***
قالتْ: وماذا في عمانٍ يا فتى
مما سباكَ؟ فقلت لي عذرانِ
***
عذرٌ أموت ولا أبوح به، لذا
أخفيه عن نفسي وعن خلاني
***
أما الذي أبدي ففي تفسيرهِ
عند الذين تأوّلوا، قولانِ
***
أنا طائر لا بد لي بعد الذي
قد طفتُ في الأجواءِ من أغصانِ
***
تحت القوادمِ في الجناح بقيةٌ
من نصل سهم، في خضابٍ قانِ
***
تعِبَ الجناح، وحين يتعبُ طائرٌ
فوجود غصنٍ أضعفُ الإيمانِ
***
تعبت عصا الترحال مني،
إنني ألقِي العصا بخلاصة البلدانِ
***
بلدٍ من الفردوسِ قُدَّ، مطرّزٍ
بروائع الديباجِ كالفستانِ
***
ومعطّرٍ مثل العروسِ بفتنةٍ
منْ مُعْطِر من باهظ الأثمانِ
***
بلدٌ به ما قد حسبتُ حسابهُ
وكذا الذي ما كان في الحسبانِ
***
حتى التفاصيلُ الدقيقة عندها
فيه من البصماتِ كالعنوانِ
***
حنّاءُ بركاءٍ، بَخورُ مُسندمٍ
نظْرات ثمريتٍ إلى سمحانِ
***
واللمسة الخضراءُ والحمراء في
ما تلبس النسوان من ألوانِ
***
ورسائل الحوراء تخبر يَنقلًا
بهوى الخطيمِ الرائع الفتّانِ
***
كلمات عبري وهي توصي فجأةً
حصن السليف بشيخهِ سلطان
***
أقراطُ محضةَ، في مساء الأربعا
عِشْقًا ترنُّ بسحرها الربّاني
***
وجَلُ الظباء عشيّةً بصلالةٍ
تأتي مواردَها لدى حمرانِ
***
وتَغامُزُ الفيروز في سهراتهِ
تحت النجوم، بشاطئ البستانِ
***
وغناء نزوى وهي تَمْشُط شَعرَها
وتقول للمرآة: ما أحلاني
***
وتقول: (يا جبلا أحبّ شموخهُ)
للأخضر المغرور بالرمّانِ
***
وببلدة العمقات من قصص الهوى
ما لا يبوح بسرّه البرجانِ
***
لا شيء يشبهُ ما يقول ممازحا:
بحبوحُ للرحيان في جعلانِ
***
وروائح التاريخ تذكر ما مضى
في مطرح، في أقدم الأزمانِ
***
أنا إن سكنتُ ديارها فلأنني
أختارُ جيرةَ حافظي الجيرانِ
***
وأنا وقد شهد النبي لأهلها
لعلى كلام الصادق العدناني
***
شهد الرسول لها..بأن رسوله
لو جاءها لأتى بلاد أمانِ
***
فأتيتُ مشتاقا أسوق قصائدي
سوْقا كسوق البدو للأظعان
***
هي مذهبُ الإجماع في عشّاقها
وعلى هواها يلتقي الضدانِ
***
إذ لا مجال سوى لرأي واحد
فيها، وما في حبّها رأيانِ
***
هي وحدها، لا غيرها، في حسنها
ما من عمانٍ في الوجود اثنانِ