.. وانطفأ نورك يا هلالة

 

 

سارة البريكية

Sara_albreiki@hotmail.com

 

دعيني ألملم شتات حزني وصدمتي وصدمة عُمان بأسرها، إذ إننا في ساعات الصباح الأولى من يوم أمس صدمنا وفُجعنا بخبر رحليك، لكن لا نقول إلا ما يُرضي ربنا: "إنا لله وإنا إليه راجعون".. هلالة ذلك البدر المنير، هلالة تلك الشمس الساطعة، هلالة تلك الضحكة العالقة بالأذهان، هلالة تلك الروح البريئة، هلالة تلك النفس الجميلة، هلالة تلك الأنثى المليئة بالأحاسيس والفرح، هلالة ذلك الوجه الذي عندما نراه نسعد ونفرح، هلالة ومن كمثل هلالة!

أيُعقل أن تكون الرحلة قصيرة جدا؟ وهل يعقل أن يتربَّى عبدالعزيز ذاك المولود الصغير بعيدًا عن حضن أمه؟ وهل تنتهي الضحكات في ذلك المنزل لتتبدل إلى أحزان ومآسٍ؟ فهلالة قبل أن تكون شاعرة هي أم، وعاطفة الأمومة هذه المرة أودت بحياتها من أجل ذلك، فقد قيل لها إنه من الخطورة عليك هذا الحمل، إلا أنَّها جازفت وكانت المجازفة الأخيرة.

وضعت هلالة مولودها بخير وصحة جيدة، إلا أنها في آخر ساعاتها تعرضت لجلطة قلبية أودت بحياتها فتركت لنا غصة وقصة وألمًا.

كان القمر يشع في وجه هلالة، وكانت أجمل ما يكون وهي تُلقي الشعر؛ فقد كانت مشاركتها الأخيرة في أمسيات ملتقى صحم الشعري.. أنا اخترت هلالة!

اخترت هلالة وكأنَّ شيئا قويا وهاجسا غريبا يدفعني لأن تكون هلالة موجودة بيننا فكانت، ولم أكن أعلم أنها المرة الأخيرة التي سأراها فيها. كانت في قمة حضورها، وحققت أمسيتها تفاعلا كبيرا على مستوى الوطن، لكن سرعان ما انطفأ الوهج وسرعان ما تلاشى.

قد عرفتُ هلالة لأول مرة قبل سنوات طويلة وجمعتنا أمسيات كثيرة، كانت هلالة مشعة بالعطاء والتحدي، وأتت بقوة، ماذا سيكون حال الكل بعد رحيلك يا هلالة؟!! خلَّفتي الجراح والقلوب الثكلى.. زوجك.. والدك.. أمك.. أطفالك.. إخوانك.. أخواتك.. محبيك.. متابعينك.. عالمك المليء بالشعر.. غرفتك.. ووجه عبدالعزيز.

وما الموت إلا هادم للذات، وما هذا الموت إلا خاطف؛ فقد خطف منا روحا جميلة كانت تعطر المكان، وكانت بيننا، وكنا معا نتابع بعضنا باستمرار. حبيبتي هلالة كيف لي أن أعزِّي نفسي برحيلك الذي ما زلت أعيش صدمته. لا أستطيع ذلك فأنا ما زلت أراكِ هنا بيننا، وما زلتِ تصدحين بالشعر وبأجمل الكلمات العطرة، وما زلت تكتبين

كلما كان الحنين يمر:

من وجهك واجيك

والأماني في غيابك

طير حلق واستمر

ومثلما قلتي قبل

(تعال نطير)!

أيها اليوم الحزين، وأيها الشعر الحزين الذي تلحف بالسواد، وأيها الوجع، فقدت الساحة العمانية والشعرية اسما كبيرا كان بارزا وقويا في ساحة الشعر النسائي والشعر العربي، هلالة بنت خليفة الحمدانية، اسم له صيت واسع في العالم الشعري، رحلت ورحل الهلال الذي كان ينير سماء الشعر، وكأن حاسة الفقد كانت تلوح أمامي وكنت أقول أشعر بأن شيئا سيئًا سيحدث، ولكني لم أكن أعلم أنه أنتِ.

تعازينا الحارة لأنفسنا وأهل الفقيدة.. فرحمة الله عليكي والصبر والسلوان لنا.