السعادة.. قرار!

 

مدرين المكتومية

قرأت مقولة ذات يوم تقول: "استمتع بشبابك، فلن تعود شابًا أكثر مما أنت عليه في هذه اللحظة".. استوقفتني كثيرا هذه المقولة لدرجة أنني أخذت وقتا طويلا لأتمعّن فيها وأفكر بعمق في معناها، وفي الكيفية التي يمكنني من خلالها معرفة حقيقة العيش بها.

وبعد تفكير عميق، توصلت لقناعة تامة بأن الحياة التي نعيشها ما هي إلا حصاد لما نرى أنفسنا فيه، والطريقة التي نعيش بها، ومدى قدرتنا على تغيير بعض الأنماط والأفكار التي تجعلنا لا نستمتع بحياتنا، أو تحول بيننا وبين أن نفكر بطريقة يمكن أن نطلق عليها مصطلح "التفكير النظيف"، وهو التفكير الخالي من شوائب السلبية والفشل والرفض والتعثر.

إننا باختصار يجب أن ندرك أن حياتنا ما هي إلا لحظات تصنع لنا ساعات وأياما وتفاصيل كثيرة؛ وبالتالي علينا أن نستمتع بتلك اللحظات التي بين أيدينا، أي في هذه اللحظة التي قررت فيها أن أكتب هذا المقال.

إنَّ اللحظة التي أقصدها هي المتاحة لكم الآن، التي بين أيديكم حالا، التي من شأنها أن تصنع لكم ماضيا جميلا وأياما رائعة، فقط لأنكم فكرتم أيضا -للحظة- أنكم تستحقون الأفضل، وأننا خُلقنا لأن نُسعِد أنفسنا لا أن نصيبها بالشقاء.

اللحظة التي أقصدها بالتأكيد هي لحظة استمتاعي بما أكتب الآن وما أشارككم به من أفكار ومشاعر، لحظة شخص آخر في مكان ما بلقاء من يحب، لحظة أحدهم وهو يستلم شهادة التخرج، ولحظة صديق عائد من السفر، وزميل حصل على ترقية، ويا لها من لحظات لا تعد ولا تحصى تلك التي نعيشها، ولكن البعض منَّا في كثير من الأحيان لا يستشعر قيمتها.

إنَّ استشعار السعادة يأتي من شعورنا بقيمة ما نملك وما بحوزتنا، اللحظة التي أعنيها هي ما نمتلكه فعلاً، وإذا لم نحسن صنع لحظاتنا فإننا لن نجد إلا الشقاء والتعب والخذلان، كما أن حاجة الشخص لأن يكون سعيدا ترتبط ارتباطا وثيقا بالكيفية التي يعيش فيها لحظاته، لا أطلب منكم ألا تحزنوا أو ألا تبكوا، لكن أطلب أن تعطوا كل لحظة قيمتها ووضعها، ولا تتمادوا في تحويل اللحظات الحزينة إلى مأساة دائمة، فقدرنا جميعًا أن نمر بلحظات نشعر فيها بالضعف وقلة الحيلة، ولكن ليس من المجدي البقاء عند تلك اللحظة لفترة طويلة من الزمن.

تعلموا التجاوز وتعلموا تغيير الأماكن، تعلموا البحث عن مكامن السعادة وتعلموا ألا تجعلوا من حياتكم طريقاً يعبر عليه غيركم، بل استفيدوا من كل إمكانياتكم لبناء حياة لا تشبه أحدا، واصنعوا لأنفسكم تفاصيل جديدية لا يفهمها غيركم، اجعلوا الحياة فرصة لنشر السعادة واستشعارها والعيش معها.

إذا لم تكن تحب شيئًا فاستبدله، وإذا لم تستطع البقاء في مكان اتركه، وإذا لم تكن تحب رفقة أحدهم فابعد عنه، لا يمكنك الاستمرار في طريق يجعلك حزينا، فالحياة تحتاج خطاً فاصلًا ونقطة تحول لتكون أكثر سهولة وجمالا، الحياة تحتاج إلى القوة في اتخاذ القرارات، تحتاج أن تؤمن بأنَّ اللحظة التي تعيشها الآن لن تعود؛ لذلك عليك الاستمتاع بها لأن الزمن لا يعود للوراء.

فكروا دائمًا أن تجعلوا من لحظاتكم فرصة لحياة أكثر سعادة.