حرائق المركبات

 

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

تعدُّ المركبات إحدى وسائل النقل المستخدمة للعديد من الأغراض، ومنها مركبات الأفراد بفئاتها، ويجتهد المصنعون في توفير أعلى معايير السلامة؛ حيث تخضع السيارات للعديد من الاختبارات قبل طرحها في الأسواق، إلا أنها مع الاستخدام وإهمال الصيانة قد تصبح عرضة لخطر الحريق.

وفي كل الأحوال لا يُمكن للحريق أيًّا كان أن يحدث إلا بتوافر العوامل المساعدة كما هي معروفة ضمن مثلث الاشتعال الذي تتكون أضلاعهُ من أوكسجين ومصدر حرارة ومادة قابلة للاشتعال.

ومع دخول الصيف وارتفاع درجات الحرارة تزداد حوادث حرائق المركبات، وتسهم درجات الحرارة العالية نهارا في هذه الظاهرة التي تحدث بين الفينة والأخرى من هنا وهناك، ومع أننا عرَّجنا على مثلث الاشتعال، لكن أسباب حريق المركبات تختلف من مركبة إلى أخرى؛ حيث يتبين ذلك بعد قيام المختصين لدى هيئة الدفاع المدني والإسعاف بتبيان الأسباب بعد معرفة مصدر الحريق، والتي لا تخرج في الغالب عن الأسباب التي سنتطرق إليها، إضافة لأنه يمكننا كأفراد تجنبها والمحافظة على سلامة مركباتنا، وسلامة الأرواح بقيامنا ببعض الإجراءات وفقاً للآتي:

التزامنا بإجراء الصيانة الدورية لدى مراكز خدمة معتمدة يوفر علينا الكثير، حيث لا تقتصر الصيانة على تبديل زيت المحرك مع الفلتر وغسيل المركبة فحسب، بل إن هناك نقاطًا أخرى يتم فحصها في المركبة، كتفقد سلامة الإطارات والمكابح وزيت الفرامل وماء الراديتر (المبرد) وصلاحية شمعات الاحتراق وسلامة نظام الهيدروليك وتفقد المصابيح وماسحات الزجاج، واختبار البطارية والتوصيلات الكهربائية للتأكد من نظام العزل، ومن المهم جداً التأكد من عدم ملامسة الأسلاك لأنبوب العادم؛ لأن ذلك يتسبب في نشوب حريق محقق، وفي كل الأحوال فإنَّ جميع نقاط الفحص هذه تجنبنا الأعطال المفاجئة والتي نحن في غنى عنها، كما لا بد للسائق من الانتباه للإشارات التحذيرية في لوحة مركبته وتجنب إهمالها والمبادرة بزيارة ورشة الصيانة لإجراء الفحص الفني بغرض تحديد المشكلة وحلها متى ما أضاءت له إشارة ما، حيث لا ينفع الندم بعد فوات الأوان.

كما أنَّ إجراء التعديلات على الدائرة الكهربائية للمركبة يُسهم في مخاطر حدوث حريق نتيجة التوجُّه لغير المختصين أو عمَّال محلات زينة السيارات بغرض تركيب إضافات على المركبة باستخدام أسلاك رديئة والقيام بتوصيلات خاطئة دون اللجوء إلى كهربائي مختص؛ مما قد ينتج عنه حدوث ماس كهربائي، حيث يُسهم تزويد المركبة بأجهزة رفع معدل صوت المحرك أو سرعته، أو تركيب شاشات إضافية وكذلك المظلات الكهربائية والكشافات والإنارة أسفل المركبة في حدوث ضغط عالٍ على البطارية التي تعمل في الأساس على جهد 12 فولت، وكل هذه الأجهزة تتسبب في حدوث ضغط على قوة تحمل كهرباء المركبة؛ مما يُقلل من مستوى السلامة التي وضعتها الشركات المصنـّعة وبالتالي تصبح عرضة لنشوب حريق.

كما تُشكل تسربات السوائل في المركبة كتسرب الوقود إما لأسباب تعود لتلف غطاء الخزان أو من خلال أنابيب التغذية، وكذلك تسرب الزيوت، مشاكل عديدة قد تجعل المركبة عرضة لخطر نشوب حريق مع الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة، وكذلك السياقة بسرعات عالية أو لمسافات طويلة جدا بدون توقف.

إضافة إلى ما سبق، فإن وجود مواد تساعد على الاشتعال يعتبر من مصادر الخطر التي يجب إزالتها من المركبة كزجاجات العطور والتي حدَّد لها المصنع درجة ضغط داخل العلبة حتى تسهل عملية الضخ، وعند تعرضها للحرارة يزيد مقدار الضغط داخل العلبة مما يولد انفجارا قد يأتي بنتائج وخيمة، وكذلك الحال لعبوات المياه، والتي عندما تتعرض لأشعة الشمس تصبح كالعدسة التي تحول أشعة الشمس لزاوية أخرى؛ الأمر الذي قد ينتج عنه حدوث الحريق، إضافة للقداحات وكذلك علب معقمات اليدين أو ملطفات الجو أو حتى علب رش الذباب المنزلي وبطاريات الليثيوم، كما يتوجب الحذر من استخدام شواحن الهواتف المقلدة لأن درجة حرارتها ترتفع بسرعة وقد تشكل خطراً هي الأخرى، كذلك يتوجب سحب سلك الشاحن من فيشة التوصيل لأن الطاقة تبقى حتى مع إيقاف تشغيل المركبة.

ومن جانب آخر، على السائق اتباع إجراءات السلامة الوقائية الخاصة بالمركبة كالالتزام بالصيانة الدورية وتوفير أسطوانة إطفاء من نوع الرغوة سعة 2 كجم وتكون مثبتة بأمان وفي المتناول، حيث فيما لو استشعر السائق خطر الحريق بانبعاث ريحة الوقود أو أسلاك تحترق أو تسرب الدخان، فعليه فوراً التوقف بالمركبة خارج الطريق وفي مكان آمن، وعليه إخراج من برفقته بعد ذلك، ثم من الضروري الاتصال على رقم الطوارئ لتقديم بلاغ، وكذلك محاولة البحث عن مصدر الحريق ومكافحته باستخدام المطفأة، ومن عاداتنا نحن العُمانيين التكاتف، وفي الكثير من هذه المواقف يتساعد المارَّة في إطفاء حرائق المركبات باستخدام مطفأة الحريق، وتُسهم سرعة الاستجابة في تجب حدوث حريق أو التخفيف من الضرر، وهذا يعتمد على سرعة استجابة السائق مع توافر مطفأة الحريق وحسن التصرف.

لو جلسنا مع الأشخاص الذين تعرضوا لحوادث احتراق مركباتهم، سنسمع قصصًا كثيرة تختلف في الشكل وتتفق في أن الأسباب متعددة، ولا تخرج عن دائرة ما تطرقنا إليه في الغالب، وعلينا كسائقين الالتزام بإجراءات السلامة الخاصة بالمركبات والالتزام بقواعد المرور لنحظى بقيادة آمنة.. ودُمتم بخير.