◄ تطبيق أي نظام أو سياسة أو إجراء أو خطة أو مبادرة جديدة لابد له أن يجد مُعارضة من البعض وهي ظاهرة صحية لأي مجتمع حي
خلفان الطوقي
"إجادة" هو برنامج حكومي لتقييم أداء الموظف ومدى تحقيقه لأهدافه التي كتبها لنفسه وبمساعدة من مديره أو المسؤول المباشر عنه؛ وقد بدأ التحضير لهذا البرنامج من نهاية عام 2020م إلى نهاية العام 2021م، وأخذ وقته الكافي لتجربته وتقييمه على نطاق محصور. وبعدها، بدأ تطبيقه في العام 2022م في حوالي 57 جهة حكومية، ولأكثر من 175 ألف فرد، وقبل عدة أيام تم مكافأة عدد ممن حصلوا على درجة "ممتاز" في التقييم وعددهم حوالي 17 ألف كما هو متداول.
هناك فريق عارض هذه المبادرة، ورأى أنها ليست عادلة أو شفافة أو واضحة مع صعوبة قياس أداء الفرد في بعض الوظائف، وبعضهم رأى أنها مبنية على المحسوبية والمجاملة ودرجة القرب من المسؤول المباشر، وأنَّ ما يصلح في القطاع الخاص ليس بالضرورة أن يصلح في القطاع الحكومي، وبعضُ من انتقد هذه المنظومة رأى أن المسؤول الكبير سوف يستفيد من حوافز هذه المبادرة، وأنَّ تقييمه سيكون بدرجة "ممتاز".
أمَّا الفريق المناصر، والذي مع المبادرة، فيرى أنَّ لكل مجتهد نصيبًا، وأنه ليس من العدالة أنَّ المكافأة والحوافز والترقية تكون جماعية دون تقييم واضح، وأنَّ الأمم والبلدان لا تُبنى بالعشوائية وبدون أهداف وخطط وإستراتيجات، ولأجل تجويد الخدمات وتقويم أداء الموظف الحكومي فلابد من تحفيز المجتهد منهم، ومُعاقبة الكسول والاتكالي ومعطل مصالح العملاء والمراجعين، وذلك بإيجاد منظومة واضحة وشفافة وعادلة لتقييم أداء الموظف.
الاختلاف في وجهات النظر ظاهرة صحية لأي مجتمع حي، وما حدث من الفريقين "المناصر أو المعارض"، هو مُتوقع منذ بداية المبادرة، ومن المعلوم أن تطبيق أي نظام أو سياسة أو إجراء أو خطة أو مبادرة جديدة، لابد له أن يجد معارضة من البعض، وهذا ما حصل ميدانيًا مع مبادرة "إجادة"، لكن لا يعني أن يتراجع القائمون عليها بسبب معارضة البعض، وإنما الواجب أن ينظروا إلى وجهات نظر المعارضين منهم بجدية وحيادية، وأخذ المفيد مما يقولون، وتكثيف الحوار فيما بينهم، وتعزيز الجهود التسويقية للمبادرة لجميع الموظفين من الآن للأعوام القادمة، والالتزام برفع مستويات المتابعة الميدانية لهذه المبادرة النوعية، وتحفيز الموظفين لمزيد من الإنتاجية، وتعظيم كل فوائد ما أنتجته مبادرة "إجادة"، وسد الثغرات لمساوئها قدر الإمكان.
وأخيرا.. فلنكن واعين وواقعيين أنه لا توجد مبادرة ناجحة بنسبة مائة بالمائة، وإن حققت هذه المبادرة في سنتها الأولى ما نسبته 30 أو 40%، فذلك إنجاز في حد ذاته، وعلى الحكومة عامة والقائمين على هذه المبادرة خاصة رفع النسبة سنة بعد سنة لما فيه فائدة الموظف والمراجع والمؤسسة الحكومية والوطن، ويكون ذلك من خلال أسلوب علمي وكفاءة مهنية عالية ووحدة مستقلة ومحايدة.