سارة بنت علي البريكية
ذلك الأب العظيم الذي رأيت في عينيه النجاح والطموح والحب والأمان والدفء والقوة والصبر والتحمل والأمل ورأيت تلك النظرة التي تجعلني أبقى شامخة بكبريائي متكئاً على يديه وقلبه وعمره أن الاهتمام بمن اهتم بنا في صغرنا هو أعظم رسالة ورد دين فالديون التي علينا كثيرة ويجب أن نسددها ليست ديوناً مادية فقط إنما ديون معنوية فالأب يكدح منذ الصباح إلى الليل من أجل توفير متطلبات الحياة لأسرته في ظل الظروف الصعبة ويتشارك الفرحة مع أبنائه لا بل يؤثرهم عليه دائمًا ويحب أن يراهم أفضل منه لذا يقف معهم ويساندهم ويمدهم بطاقة الأبوة فالأب سند وأمان قلب يمتلئ بالحنان رغم كل ما يعانيه يعود مبتسمًا إلى بيته يخفي خيباته وحسراته وما يحدث له وليس كل أب أب.
لكن الأب الذي تربيت على يده كان معي دومًا رفيقي في كل شيء وصديقي كثيرا عندما أكون مع أبي نتبادل أطراف الحديث بطريقة تشعر الإنسان بأن الحياة جميلة وبأن هذا الأب يسمع من أبنائه ويتحدث لهم ويخبرهم بما يحدث وماذا سيحدث وعندما أكون معه أحس بأن الدنيا لاتزال بخير مادام صوت أبي لايزال موجودا..
إن أبي الرجل الطموح يرى كل ذلك في أبنائه فكل أحد منا يراه في مكان ويفرح لفرحه ويشاركه النجاحات المتتالية ويخفف من روعه في وقت الأزمات والخيبات والحسرات .
كان أبي شاعرا ولكنه انخرط بالحياه فأصبح شاعرا بتعامله وراقيا بفكره وأسلوبه عصاميا وناجحا ومعطاء وكريماً وكان حيث يتواجد يتواجد الفرح لا تزال ذكريات الصغر تحوم في مخيلتي لاتذكر أن أبي كان ينتظرني وينظر إليَّ من نافذة الصف ويأخذني إلى البيت بسيارته كوني من منطقة بعيدة قليلا عن مكان دراستي كان أبي يخرج وكنت أختبئ بسيارته لكثرة تعلقي به وفي نصف الطريق أفاجؤه فيندهش ويعيدني إلى المنزل ولا أريد العودة فأبكي وأبكي كثيرا لأنني أريد أبي .
إن أبي الذي كتب في ديوان حياته أنه سيعمل من أجل أبنائه كان وفيًا وكان لا يمل من العطاء ولا زال أبي كما كان تجده الأول والرقم الصعب .
يرتاح الأب لأحدٍ من أولاده دائماً أكثر من الآخرين ويحس بالتوافق العجيب والتشابه بينهما فيفضي إليه أسراره وأخباره ويخبره بما يعتمل في نفسه وبما حدث ويحدث له .
كنت أرى جدي رحمه الله – وهو متعلق بأبي يحبه كثيرا وينادي باسمه ويحاتيه رغم أنني أرى أن أبي كبر على هكذا النوع من الاهتمام من قبل والده ففهمت أن الآباء يبقون يخافون على أبناءهم حتى وقت الممات وإن قلوبهم رطبة كقلوب الطير ومتعلقون تعلقاً تاماً بأبنائهم فهيا أيها الابن العاق الابن الذي لا تكترث لنعمة وجود أب يحميك ومحيط بك فق من غفلتك فقد يأتي عليك وقت تتمنى فيه عودة أبيك وتنادي وتصرخ ولكن وقتها لا ينفع الندم فهيا سارع الآن وعد إلى أبيك وأمك وأهلك وذويك واترك التكبر والغرور وهذا المرض الذي يبعدك عن أهلك عد لهم واعتذر وقبل رؤوسهم ولا تنسى من قبل رأسك وأنت صغيرا ومن ساندك ووقف معك لتكبر ومن رسم الابتسامة على شفتيك أياماً كثيرة وسنين طويلة ومن أعطاك قبل أن تعطيه فلا تتبجح ولا تصبح إنساناً يحب نفسه وأنانيا وسيئاً .
عد إلى ذلك الباب الذي هجرته واطرقه وعد لحضن والديك فأنت من تكون كي تتكبر على من دفع عمره لك ولم يسألك الثمن من ضحى بصحته ووقته في سبيل إسعادك ومن تحمل الإهانات والأسى لأجلك وأجل إخوتك.
نصيحة :
حافظوا على آبائكم فنعمة الآباء عظيمة لا تقدر بثمن.