النيادي .. قواعد المعاهدات الدولية

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

"يمثل هذا الكتاب دليلًا للمشتغلين بالمعاهدات الدولية؛ حيث يتضمن شرحًا مُفصَّلًا لمختلف جوانب المعاهدات بين الدول، بأسلوب علمي وبسيط". مطر حامد النيادي.

********

ثمة تشابه كبير وتقارب لا يخفى على الباحثين بين دراسات السياسة الدولية أو العلوم السياسية وبين القانون الدولي العام، المتعلق بتنظيم قواعد المعاهدات والاتفاقيات بين الدول، وليست صدفة أن تجد كثيرًا من أهل السياسة قد درسوا القانون، والعكس صحيح، وفي لوائح القبول لتوظيف الدبلوماسيين في وزارات للخارجية يتم قبول خريجي الحقوق والقانون، وكذلك خريجي التاريخ جنبًا إلى جانب خريجي العلوم السياسية، ذلك للتقارب الكبير بين تلك التخصصات وتمكن الدارسين في هذه التخصصات من بلوغ المرام في مجال العلوم السياسية وممارسة الدبلوماسية بشكل عام؛ وهي تخصصات يُكمل بعضها البعض.

من الكتب النادر وجودها في عالمنا العربي هي الكتب التي تفصل الفنيات اللائحية السياسية والمصطلحات القانونية المساعدة والمكملة للاتفاقات والمعاهدات بين الدول؛ حيث يحتاج الدبلوماسي لاستخدام وسائل قانونية تُعينه على صياغة وربط وضبط الاتفاقيات محل التوافق أو تنظيم الصراع بين الدول، وكذلك ما يتعلق باستخدامات الألفاظ والمفردات ذات المصطلح الدال ووضعها ضمن بنود وشروط المعاهدات والاتفاقيات، ومن هذه الكتب التي تعين الدارس أو المهتم الباحث قرأت كتابًا بعنوان: "قواعد المعاهدات الدولية في القانون الدولي العام" للباحث الدكتور مطر حامد النيادي (1) من دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو كتاب لا غنى عنه لدارسي العلوم السياسية، خاصة فيما يتعلق بمواد الدبلوماسية والمنظمات الدولية والعلاقات الدولية، وكذلك مهمة جدًا قراءته لدارسي وباحثي القانون الدولي العام.

يتكوَّن الكتاب من مقدمة و9 فصول، واستعان كاتبه بخمسة مراجع عربية إلى جانب 51 مرجعًا أجنبيًا، فضلًا عن 8 من التقارير والدراسات والأبحاث من لغات أجنبية، إضافة إلى قائمة بالقضايا المشار إليها بالكتاب تتضمن 15 قضية باللغة الأجنبية. والكتاب يقع في 248 صفحة من القطع المتوسط، وصادر عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، دار الكتب الوطنية، في سنة 2011. ومما قرأته في هذا الكتاب القيِّم في صفحة 165، في باب: "السلوك اللاحق لأطراف المعاهدة"، ما يلي: "ويُقصد بالسلوك اللاحق كل ما يصدر أو يقع من أطراف المعاهدة بعد إبرامها والمتصل بموضوعها سواء كان بالفعل أو الترك، ويشمل هذا التصريحات والآراء الصادرة من المسؤولين وإصدار وتداول الخرائط وإصدار التشريعات والممارسات اليومية لمؤسسات الدولة إزاء مسألة متعلقة بموضوع الاتفاقية بما في ذلك أحكام المحاكم المحلية والسكوت عن مواقف معينة اتخذها طرف آخر في المعاهدة أو القبول بتفسير أو أسلوب تتفيذ أحد أطراف المعاهدة لأحد بنودها".

وتنبع أهمية الكتاب من كونه يختص بجوانب فنية تمس الدراسات والممارسات المتعلقة بالدبلوماسية والعلاقات الدولية، وكذلك- كما أسلفت- دارسي القانون الدولي العام، كما يصلح للمهتمين من غير المختصين، بفضل لغته السهلة التي صيغ بها الكتاب، رغم أن محتوى الكتاب يمثل دليلًا للعاملين في الشؤون السياسية القانونية ذات الصلة بالعلاقات بين الدول. ويذكر المؤلف منها اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969م، والتي عقدت بعد مؤتمر الأمم المتحدة لقانون المعاهدات الذي انعقد في فيينا خلال الفترة من 26 مارس 1968، إلى 24 مايو 1968 وخلال الفترة من 9 أبريل إلى 22 مايو 1969. (2)

الكتاب رغم صدوره منذ أكثر من عقد من الزمن، لكنه ما زال مُحتفظًا بأهميته؛ كونه يُعد مرجعًا لا غنى عنه، بلغته السهلة وصياغته المرنة، واحتوائه على كل ما يحتاجه المُهتم من خلال الدخول إلى عمق الاتفاقيات وأهدافها وتفصيلها، وبحثها بشكل واضح يُتيح فهمًا أفضل للباحث والدارس والمهتم، ويستحق الكتاب الاهتمام، وإبرازه وتقديمه كمرجع ومصدر للدارسين في حقل العلوم السياسية والقانون الدولي.

******************

  1. يشغل حاليا منصب: سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في دولة الكويت.
  2. صفحة 11، نفس الكتاب.