الطريق نحو الدبلوماسية الاقتصادية

 

حمود بن علي الطوقي

 

أُطل عليكم بمقالي الأسبوعي هذه المرة من مدينة لاهاي بمملكة نيذرلاندز؛ حيث انتهزت فرصة زيارتي لهذه المملكة التي تربطها علاقات اقتصادية مع سلطنة عُمان منذ أكثر من 4 قرون، لزيارة سفارة سلطنة عمان في لاهاي.

وقد تعودت أثناء زياراتي الخارجبة أن التقي بأصحاب السعادة السفراء والدبلوماسيين للتعرف على الجهود التي تبذلها هذه البعثات الدبلوماسية لتطوير وتعميق عرى التعاون بين سلطنة عُمان ومختلف دول العالم. وقد أسعدتني جدًا زيارة سفارة سلطنة عمان واللقاء الذي جمعني بسعادة الشيخ الدكتور عبدالله بن سالم بن حمد الحارثي سفير سلطنة عُمان لدى مملكة نيذرلاندز.

كلنا يعرف الدور الحيوي والدبلوماسي الذي تقوم به سفارات سلطنة عمان في الخارج وجهودها في تنمية العلاقات في مختلف الأصعدة، وكون كتاباتي تصب جلها في الجوانب الاقتصادية فكان لا بُد لي أن أتعرف على المزيد من جهود سفارتنا الغراء في لاهاي؛ حيث تقع المحاكم الدولية ومنظمة حظر الأسلحة الكميائية، لتمنح هذه السفارة تجربة فريدة تمزج فيها بين العمل الثنائي والمتعدد، ناهيك عن دورها في تنفيذ توجيهات الحكومة الرشيدة للتركيز على ملف الدبلوماسية الاقتصادية وهو موضوع حديثنا في هذا المقال.

ومن خلال مُحرك البحث على حساب سفارة سلطنة عمان في منصة تويتر، لاحظت التحرك النشط والمتميز الذي توليه السفارة في تعزيز الجوانب الاقتصادية والتحرك المقدر الذي يقوم به سعادة السفير لزيارة كبريات الشركات النيذرلاندية والترويج لسلطنة عمان والتعريف بالفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات؛ سواء في الزراعة أو الصناعة أو الموانئ أو اللوجستبات أو النفط والغاز أو التعليم العام والتعليم التقني والتدريب، وكذلك في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والسياحة والتبادل التجاري.

فتحت لي هذه المعلومات التي استقيتها من تويتر السفارة الشهية والحماس لفتح الحوار مع سعادة السفير؛ حيث اتضح لي أن جهود السفارة متقدمة جدًا في تحقيق التواصل المنشود والمتوقع، وقد وضح لي جليًا أن سعادة السفير رسم خارطة طريق ووجّه البوصلة نحو ترجمة توجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- لتعزيز وتعظيم مجالات التعاون خاصة في الجوانب الاقتصادية.

وتصب الجهود من قبل السفارة للتحرك نحو مؤسسات القطاع الخاص والاستفادة من برامج التدريب والتأهيل ونقل الخبرات وافتتاح أفرع للشركات النيذرلاندية العريقة في سلطنة عمان أضحى أولى الأولويات لأداء هذه السفارة هو التركيز على فرص الاستثمار.

وقد أشاد سعادة السفير بالتعاون الذي تحظى به السفارة من قبل المؤسسات الاقتصادية وكذلك التسهيلات التي تحصل عليها من الجهات النيذرلاندية الرسمية، وخاصة وزارة الخارجية والتكامل المشترك مع سفارة نيذرلاندز في مسقط وعلى رأسها سعادة السفيرة ستيلا كلوث. وأضاف أنه بفضل توجيهات وزارة الخارجية وعلى رأسها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وأصحاب السعادة الوكلاء، فإنَّ مسيرة هذه السفارة وغيرها من السفارات العمانية في الخارج أصبحت تنطلق نحو آفاق واضحة من النجاح وبناء مستقبل واعد لتحقيف الآمال المعقودة وتنفيذ الأهداف المرسومة.

العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عمان ونيذرلاندز هي علاقات استراتيجية وقدمت نماذج للتعاون المتين بين البلدين يتمثل في التعاون الكبير بين ميناء صحار وميناء روتردام والإنجازات التي تحققت من خلال شركة شل التي تعمل بنجاح في سلطنة عمان، وكذلك الجهود التي تقوم بها وزارة الطاقة والمعادن بقيادة معالي وزير الطاقة لتسويق سلطنة عمان كوجهة عالمية في مجال الهيدروجين الأخضر. وكذلك كبريات الشركات العاملة بين البلدين.

هذه الجهود بدأت تؤتي ثمارها خاصة بعد الزيارات الاستثنائىة المتكررة واللقاءات التي تتم بين الجانبين ودعوة المستثمرين بين البلدين لعرض الفرص الاستثمارية بما يخدم مصالح البلدين الصديقين. وقد أكد سعادته أن مستقبل التعاون الاقتصادي بين الدولتين واعد ويسير بخطى تستحق أن نعرب فيها عن الرضا.

وخلال استماعي إلى هذه الجهود وغيرها من الجهود التي تبذلها السفارة استحضرت اللقاء الذي جمعني بسعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية؛ حيث تحدث عن الاهتمام الكبير من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بأن تعمل كافة سفارات السلطنة بالخارج بكثافة لجعل الدبلوماسية الاقتصادية من أهم الأركان الأساسية التي تقوم بها السفارات في مختلف الدول لجلب الاستثمار إلى سلطنة عمان، وأن وزارة الخارجية تقوم بجهد تكاملي من أجل بناء أرضية تساهم في تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية.

لا شك أن جهود السفارات أصبحت واضحة، ويجب على الجهات الحكومية الأخرى أن تساند هذه الجهود، من أجل تحقيق المصلحة العامة التي ينشدها الجميع، ويتعين وضع خطة طموحة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ذات القيمة المضافة وتحقيق التكامل الاقتصادي مع الدول، وعلى الجهات المعنية أن تهيء الأرضية اللازمة من خلال تبسيط الإجراءات وتشجيع الاستثمارات لتجد لها موطئ قدم في بلادنا، وبذلك سوف تصب هذه الاستثمارات في دفع عجلة الاقتصاد ونقل الخبرات والمعرفة بما يرفد سوق العمل بالخبرات اللازمة.

الأكثر قراءة