لقمة عيش كريمة في وطن كريم

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

 

(1)

ستظل مشكلة "الباحثين عن عمل" شغل الدولة الشاغل، وستظل الأعداد في ازدياد ما لم يُوجد حل جذري للمشكلة من أساسها، وسيطول طابور الخريجين وبه تطول مساحة الباحثين، ولن تنفع أي حلول ترقيعية، ولن تجدي نفعًا أي "فكرة" طارئة للحل، إذا لم تكن هناك رؤية واضحة، ومحددة، تُغلق هذا الملف، أو تقلص أوراقه الكثيرة على الأقل.

(2)

كثير من الشباب الذين تخرجوا من الجامعات أو المعاهد قبل سنوات يقبعون في منازل ذويهم، دون حلم، ودون مستقبل، بعضهم تخرّج قبل عشر سنوات أو تزيد، وأصبحت شروط التوظيف لا تنطبق عليهم، لتجاوزهم السن القانوني للوظيفة، بعضهم رضي أن يعمل في "وظائف دنيا" في مراكز تجارية وغيرها، بشهادات الثانوية العامة، و"أخفوا" شهاداتهم الجامعية طلبًا للوظيفة أيًّا كانت، وبعضهم ما زال ينتظر بيأس، ودون أفق واضح.. وبذلك يخسر الوطن كفاءات شابة ومؤهلة لسوق العمل بكل بساطة، ودون حلول ناجعة.

(3)

في أحد البرامج الإذاعية كانت الضيفة والمذيعة تتحدثان عن قضية الباحثين عن عمل، وتتفقان على أنها قضية "مُبالغ فيها"، وتحاولان التقليل من آثارهما، وكأنها قضية هامشية، وغير مؤثرة في جسد الوطن، ويضربان أمثلة بوجود البطالة في دول كبرى مثل الولايات المتحدة!!.. لا أعلم وجه المقارنة بين الواقع المحلي وبين أمريكا.. ولكن لن تزيد مثل هذه التحليلات والمقارنات السطحية الشباب إلا إحباطًا، واستهجانًا؛ فالقضية أكبر من حجم برنامج، أو عقليات تحاول تقزيم الواقع أو دسّه بغربال عن الشمس.

(4)

هناك مثل يقول: "غبّيتْ كَلْني السمك، غفّيتْ كَلْني الطير"، ويُضرب للناس الذين لا يجدون ملاذًا أو ملجأً، فهم إن "غبّوا" أي غاصوا في البحر أكلهم السمك، وإنْ هم "غفّوا" أي طفوا على سطح الماء أكلهم الطير.. وهذا هو حال بعض الشباب الذين حاولوا أن "يصنعوا" مصدر رزق لهم، فجاءتهم قرارات بعض المسؤولين كالصاعقة لتقضي على أحلامهم، فلا ترك هؤلاء المسؤولين الشباب يلتقطون لقمة عيشهم، ولا هم أوجدوا لهم مصدر رزق بديل.. وما مشكلة "عربات بيع المشاكيك" في ولاية السيب ببعيد.

(5)

قضية الباحثين عن عمل هي قضية عالمية وليست محلية فقط،، لا يمكن إغفالها، أو السكوت عليها، أو تهميشها، أو مداواتها بالمسكنّات، وكان بالإمكان معالجتها أولا بأول قبل أن تستفحل، وأعتقد أن الحل يكمن في استيعاب هؤلاء الشباب في المشاريع الحكومية التي يتم الإعلان عنها بين الحين والحين، وكذلك في الإحلال والتعمين في الوظائف التي تناسب مؤهلاتهم، والتي يشغلها الوافد، وأيضاً من خلال إنشاء "شركات جماعية" تحت إدارة وإشراف الدولة، تستقطب وتستوعب الشباب، وتؤهلهم ليقوموا بواجبهم تجاه وطنهم الذي بذل لأجلهم الكثير، ولكنه لم يستفد من طاقاتهم، ومؤهلاتهم، فظلوا حبيسي جدران البيوت، ينتظرون طوق النجاة، ومركب الأمل، فأبناؤنا يستحقون لقمة عيش كريمة في وطن كريم.