سلطنة عُمان.. هكذا الصداقة دون ضوضاء

د. جمال الأمين **

واندلعت الحرب في بلدي السودان، ووضع الكثير من النَّاس الأيادي على رؤوسهم هولًا، ولسان حالهم يقول: ماذا حل بالسودانيين؟ مستحيل هذا يحصل بين "الزولات " ياناس إيش صار فيكم، تحجو!!

لسان حال الخليجيين يتساءل، وأصدقاء لي من الشام يتساءلون "ليش هيك يا زلمات، والله عيب عليكم، خبرنى خيي ليش هيك صار؟ والناس يتساءلون، يتهامسون، وبدأت أصوات المدافع وأزيز الطائرات يعلو. القذائف لاتخطئ، أي شيء أمامها هدف، فلم يشعر المواطن بالخوف والفزع إلا عندما رأى بأم عينه البعثتات الدبلوماسية الأوروبية والمنظمات الأجنبية تهرب من السودان بعد أن استشعروا ندرة الغذاء والماء والوقود، عندما علمت أن سفنًا وبوارج حربية  رست على شواطئ البحر الأحمر حسبتها مددًا عسكريًا من أوروبا لوقف القتال بين الأشقاء، فكانت المفاجئة أن هذه السفن والبوارج لإجلاء رعاياهم، خرجوا بسرعة دخولهم للسودان وتركونا لمصيرنا، فلم نجد غير إخواننا العرب بدول الخليج؛ حيث وصلتنا أول معونة قادمة من سلطنة عمان، وألحقتها اليوم بأربع طائرات من سلاح الجو العُماني تحمل أكثر من 80 طنا من المواد الإغاثية المتنوعة.

قدمت سلطنة عمان ومازالت تقدم بصمت دون أن تكسر كبرياء "الزولات" السودانيين الذين تكن لهم كل احترام وتقدير، وصلت بواخرهم وطائراتهم بينما الآخرون يتدافعون للخروج من جحيم الحرب، ليس هذا فحسب؛ بل تواصل كل العمانيين مع أصدقائهم في السودان وداخل السلطنة للاطمئنان على أحوالهم، وما شدني مقال الأستاذ سالم بن نجيم البادي، يجتر فيه ذكريات الماضي مع صديقه أستاذ اللغة الإنجليزية (دفع الله) والدكتور بابكر الذي درسه بكلية الشريعة والقانون بدولة الإمارات العربية المتحدة متحدثًا عن السودان بكلمات أثلجت صدورنا حينما قال: ما يؤلمكم يؤلمنا.

هذا هو الشعب العماني وهاهي عمان قابوس الراحل والباقي حيا بنفوسنا، وهيثم السلطان الذي على درب الخير سار، نشكر لكم وقفتكم مع الشعب السوداني في محنته، وعشمي كبير في حكومة صاحب الجلالة السلطان هيثم- حفظه الله- بأن يكون لعُمان دور في الوساطة بين الأخوين المتخاصمين، ومن هنا نشيد ونثمن دور أشقائنا بمجلس التعاون الخليجي، ونشكر حكومة المملكة العربية السعودية لدورها البارز في استضافة المفاوضات بين الطرفين والتوافق على حل الأزمة السودانية.

** كاتب سوداني

تعليق عبر الفيس بوك