صالة استثمر في عُمان (2)

 

محمد بن حمد البادي

mohd.albadi@moe.om

 

تحدثنا في الحلقة الأولى من مقالنا هذا عن جهود وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وسعيها الدؤوب في خلق مناخ استثماري جاذب في سلطنة عُمان، كما تطرقنا إلى أهمية افتتاح صالة استثمر في عمان التي تعد نافذة موحدة تقدم كافة الخدمات للمستثمرين؛ حيث جاء إنشاؤها لتحقق عدة أهداف لعل أبرزها عرض الفرص الاستثمارية الواعدة والجاهزة التي يفوق حجمها مليون ريال عماني، وتمكين المستثمر من استكشاف الفرص الاستثمارية في كافة القطاعات، وتوفير المعلومات التي تساعد المستثمر في التعرف على الميزات التنافسية في مجال الاستثمار.

وإلحاقًا لما سبق ذكره من جهود حثيثة تبذلها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لتمكين صالة استثمر في عمان من أداء دورها المنوط بها بشكل فعَّال؛ فإن الوزارة بادرت بتشكيل لجنة مقرها ديوان عام الوزارة للنظر في كافة التظلمات والشكاوي التي يتقدم بها المستثمر الأجنبي ضد القرارات الصادرة من كافة الجهات الإدارية ذات العلاقة، حيث إنَّ هذه اللجنة تنظر طلب المستثمر بعد الجلوس معه بكل حيادية، بهدف توفير ضمانة للمستثمر من أجل استيفائه كامل حقوقه، فضلاً عن توفير عناء اللجوء للمحاكم.

لكن.. ماذا بعد إنشاء الصالة؟ هنا يبدأ العمل الجاد والتحدي الحقيقي.

إذ من أجل أن تؤدي صالة استثمر في عمان رسالتها على أكمل وجه، أولًا: لا بُد أن تتبنى وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بعض الإجراءات المُهمة، التي يأتي في مقدمتها التسويق الصحيح للصالة من خلال تفعيل الدور الإعلامي، وإعداد البرامج الإعلامية بأفكار ابتكارية تتضمن مواد دعائية إبداعية توضح الجاهزية التامة لسلطنة عمان لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وضمان أن تصل هذه الرسائل لأكبر شريحة من المستثمرين؛ سواءً على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي.

ثانيًا: لا ينبغي علينا الجلوس في الصالة بانتظار أن يأتي إلينا المستثمر حاملًا معه حقائب مليئة بملايين الريالات، فهو لا يعرف صالة استثمر في عمان، وبالتالي ليس لديه أدنى فكرة عن الفرص الاستثمارية في السلطنة، ولا يعرف الحوافز المقدمة للمستثمرين، ولا يدرك العمل المضني الذي قمنا به في سبيل خلق مناخ استثماري.

ويجب أن يتحول عملنا في هذا الشأن في كثير من الأحيان إلى عمل ميداني، يتخطى حدود السلطنة، ويمخر عباب البحار، ويطير جوًا ليعبر القارات، نسخر وسائل التقنية الحديثة لنصل إلى المستثمر في مقر إقامته؛ والأخذ بيده حتى يأتي إلى السلطنة؛ لأنَّ الدول من حولنا سخرت كل إمكاناتها لجذب الاستثمار لبيئاتها التي ربما بعضها يتفوق علينا بسنوات ضوئية.

لذلك على وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أن تجند فرقا من الكشافين الذين يجوبون العالم باحثين عن المستثمرين الراغبين في مضاعفة ثرواتهم، ومن ثم جلبهم للسلطنة من خلال عوامل جاذبة وتوفير ميزات تنافسية يشعر معها المستثمر بثقة تامة في مناخ سلطنة عمان الاستثماري؛ وبالتالي يفضل عن قناعة تامة سلطنة عمان على غيرها من البلدان كوجهة لاستثماراته.

ثالثا: إن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار عليها أن تعمل جاهدة من أجل إعادة ثقة المستثمرين بالمناخ الاستثماري العماني وأنه أصبح بيئة جاذبة للاستثمار؛ بعد أن شابها بعض التزعزع؛ مما أدى ببعض المستثمرين الى اللجوء إلى دول أخرى لضخ ملايينهم في أسواقها.

رابعًا: على وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إعداد خارطة بأهم الفرص الاستثمارية- حاضرًا ومستقبلًا- في كافة محافظات السلطنة؛ كل محافظة على حدة؛ اعتمادًا على بعض الأسس التي من بينها مراعاة الكثافة السكانية في المحافظة، والنظر إلى موقعها الجغرافي، وأيضا وضع الموارد الطبيعية التي تتميز بها تلك المحافظة في عين الاعتبار، وغيرها من الأسس التي يراها رجال التجارة والصناعة وترويج الاستثمار والاقتصاديين والمختصين كمعايير مناسبة لتحديد الفرص الاستثمارية.

إنَّ فكرة إنشاء صالة استثمر في عمان جميلة جدا، ورائعة وراقية وإبداعية وابتكارية لأبعد الحدود؛ كونها تختصر الوقت والجهد على الجميع، ويسير العمل بها بسلاسة تامة دون تعقيد، ونحن اليوم بحاجة ماسة لتطبيق هذه الفكرة على صالات مثيلة لها؛ تنشأ في كل ولاية من ولايات السلطنة ليس للاستثمار فحسب إنما لإنجاز معاملات المواطنين بكل سهولة ويسر، خاصة تلك التي تتطلب مراجعات لعدة جهات مختلفة، فلماذا لا يجتمع ممثلو هذه الجهات تحت سقف واحد وفي مبنى واحد؛ لنختصر الكثير من الوقت والجهد على الجميع؟!