صالة استثمر في عُمان (1)

 

محمد بن حمد البادي

mohd.albadi1@moe.om

 

يمثل الاستثمار الأجنبي المباشر أحد أبرز مصادر التمويل في الوقت الحاضر، نتيجة للمزايا العديدة الناجمة عنه، ولعل أبرز مزاياه تحسين الأوضاع الاقتصادية للدول؛ الأمر الذي جعل العديد من البلدان تتنافس في تقديم الحوافز المختلفة لجذب هذا النوع من الاستثمار، والفوز بعقد صفقات برؤوس أموال فلكية في هذا المجال.

وعوامل النجاح لأي دولة من الدول في مجال جذب الاستثمار تعتمد أساسًا على قدرتها في تحسين بيئة الاستثمار فيها، هذه البيئة التي تشمل كافة الظروف والأوضاع الاقتصادية،والسياسية،والاجتماعية ،والأمنية وكذا القانونية، والتنظيمات الإدارية المكونة للمحيط الذي تتم فيه العملية الاستثمارية والتي من شأنها التأثير المباشر على نجاح المشروعات الاستثمارية فيها.

وفي هذا الصدد، أشارت العديد من المؤسسات والهيئات المتخصصة إلى أهمية مناخ الاستثمار، والتي ترى أن الاستثمار الأجنبي يتدفق في البلدان التي تتمتع بمزايا محددة كالموقع الجغرافي المناسب، والأسواق المالية التي تتميز بقوة شرائية عالية، والموارد الطبيعية الهائلة، والعمالة الماهرة ذات الأجور المنخفضة، كما يتدفق الاستثمار للدول التي لها بيئة سياسية واقتصادية مستقرة؛ وكذلك التي تمتلك بنية أساسية متقدمة ونظم ضريبية مشجعة للاستثمار.

وعلى هذا الأساس، فقد بذلت سلطنة عُمان- من خلال بوابة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار (استثمر بسهولة)- جهودًا كبيرةً من أجل توفير البيئة الاستثمارية الملائمة؛ والمناخ الاستثماري المميز بهدف جذب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية، لتستثمر هذه الأموال في العديد من القطاعات الواعدة في سلطنة عُمان؛ كما عملت على تهيئة عدد من المؤشرات التي يمكن أن تساهم في نجاح البيئة الاستثمارية بها.

وتتويجًا لتوجهات سلطنة عُمان في هذا الشأن وبجهود حثيثة من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار؛ افتُتحت قبل أشهر قليلة صالة "استثمر في عُمان" التي تعد مُحفزًا للمستثمرين الأجانب والمحليين من حيث اختصار الكثير من الوقت والعناء للمستثمر ولتكون بيئة حاضنة لتبسيط وتسهيل الإجراءات التي ينشدها المستثمر دائمًا؛ من خلال تكاملية أدوار الجهات الحكومية والخاصة ذات الصلة في محطة واحدة وتحت سقف واحد.

وصالة استثمر في عُمان "نافذة موحدة تقدم كافة الخدمات للمستثمرين"؛ حيث جاء إنشاؤها لتحقق عدة أهداف لعل أبرزها عرض الفرص الاستثمارية الواعدة والجاهزة التي يفوق حجمها مليون ريال عُماني، وتمكين المستثمر من استكشاف الفرص الاستثمارية في كافة القطاعات، وتوفير المعلومات التي تساعد المستثمر في التعرف على الميزات التنافسية في مجال الاستثمار. كما إن صالة استثمر في عُمان أنشئت لتسهيل حصول المستثمر على الموافقات والتصاريح والتراخيص الاستثمارية في جميع القطاعات مثل قطاع اللوجستيات، وقطاع التصنيع، وقطاع الثروة الزراعية والسمكية، والتعدين، والطاقة المتجددة، وقطاع الاقتصاد الدائري، وقطاع التعليم التكنولوجي وتقنية المعلومات، والقطاع الصحي، والقطاع السياحي.

أضف إلى ذلك أن صالة "استثمر في عُمان"، سيكون لها الدور الريادي في الإشراف على أعمال المستثمرين والإسراع في إنجاز معاملاتهم بكل بساطة ويسر، خاصة فيما يتعلق بالمعاملات التي تحتاج أكثر من جهة حكومية لإنجازها؛ ويتجلى ذلك من خلال الربط الرقمي بجميع الدوائر والمؤسسات الحكومية والخاصة ذات الصلة بالاستثمار في سلطنة عُمان، وأيضًا لديها ربط مباشر مع السفارات خارج سلطنة عُمان، الأمر الذي يعتبر أحد أهم الركائز التي تهم المستثمر الأجنبي؛ بل ربما تكون أول ما يبحث عنه المستثمر في بيئة الاستثمار؛ كونها تسهم في انسيابية بيئة العمل في المجال الاستثماري.

وبذلك فإن صالة استثمر في عُمان سيكون لها دور مهم في بناء مشهد استثماري واعد يساعد على تعزيز مكانة سلطنة عُمان التنافسية العالمية والذي يعد من أبرز مستهدفات رؤية "عُمان 2040".

من زاوية أخرى.. وترجمة لرؤية وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في مجال النهوض بالاستثمار المحلي؛ لم تغفل الوزارة عن حق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتكون شريكًا أساسيًا في صالة استثمر في عُمان؛ بل جعلت لها نصيبًا وافرًا من خلال طرح 14 فرصة استثمارية جاهزة باشتراطات في المتناول؛ حيث إن الاشتراطات الخاصة بحجم رأس المال الاستثماري وضعت ليكون أقل عن مليون ريال عُماني.

ومن أجل أن تحقق هذه الصالة أهدافها التي أنشئت من أجلها بنسبة كبيرة؛ فإن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار تسعى جاهدة لتنمية وصقل وتطوير مهارات الفرق التي تتفاوض مع المستثمرين لضمان تعريف المستثمرين بحقوقهم وما يجب عليهم، وبذلك ضمان نجاح العمليات الاستثمارية بأعلى درجة ممكنة، كما أن الوزارة وضعت خططًا وبرامج لمتابعة المستثمرين الأجانب والمحليين والوقوف معهم في كل خطوة لتكون هذه الصالة كمظلة كبيرة تدار تحتها الأعمال الاستثمارية؛ ولكي لا تكون هذه الأعمال مجرد أرقام تضاف في القائمة الإحصائية؛ بل تسعى الوزارة  لتحقيق العوائد المرجوة منها.

إن الجهود التي تبذلها حكومة سلطنة عُمان في الفترة الأخيرة ممثلة في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، شهدت نموًّا واسعًا للاستثمار من خلال تمكين صالة استثمر في عُمان في التعاطي مع كافة الطلبات الاستثمارية لكافة القطاعات المختلفة؛ بغية تحويل سلطنة عُمان إلى وجهة استثمارية واعدة تجعلها في مصاف الدول المتقدمة من خلال فتح أفرع للصالة في كافة مقار المديريات والإدارات التابعة للوزارة لاستقطاب الاستثمارات النوعية التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وإيجاد فرص عمل وتنمية المحافظات من خلال إقامة مشاريع استثمارية فيها تخدم أبناء المحافظة. أضف إلى ذلك سعيها الدائم لتحديث التشريعات والقوانين التي تنظم العملية الاستثمارية وتوفير الأرض الخصبة لها؛ وتسهيل الإجراءات التي تهم المستثمر، وأيضًا سن قوانين الحوكمة التي تحمي حقوق المستثمر؛ وكذلك التطور المتسارع في تعزيز مبدأ تكامل الأدوار مع الشركاء من خلال تضافر جهود كافة الجهات الحكومية الذي يعد المحرك الأساسي لتسهيل العمل في بيئة استثمارية واعدة بكفاءة عالية؛ جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي.