ساحة الجامع الأكبر

 

سعود بن حمد الطائي

 

الجامع الأكبر أيقونة مسقط ومحط أنظار القادمين والزائرين وواسطة عقد رصعت مآذنه بتاريخ حافل وأحداث جليلة وانتصارات، جاهد في تحقيقها في سبيل الله والوطن آباء قدام أجلوا الغزاة وردوا كيد الأعداء، حتى وصلت طلائع راياتهم إلى أقاصي أفريقيا وأعماق آسيا، حاملين على أكتافهم راية الإسلام خفّاقة فوق قمم الجبال وأسوار القلاع، التي انحنت أمام أقدامهم، رايات تغزو القلوب وتزرع الأمل والإيمان في القلوب والنفوس المعذبة، بسبب ما عانته من ويلات الغزاة البرتغاليين من وحشية وغلظة وقوة مفرطة.

والمنطقة المحيطة بالجامع بحاجة إلى تطوير لكي تضفي مزيدًا من القدسية والجلال والمكانة الروحية التي من أجلها شُيِّد هذا الجامع الكبير، ومن خلال تطويرها سيضاف مشهد رائع من الجمال والجلال، ولا سيما إذا شُيِّدت منشآت تحمل الطابع الإسلامي والموروث الديني المميز الذي حمل لواءه الآباء واستفادت من نتائجه الإنسانية جمعاء؛ ففي لندن- على سبيل المثال- يبرز المتحف الوطني وهو محاط بنوافير دائرية جميلة تحيط بها أسود سوداء تراقبك أعينها أينما ذهبت وكأنها تحرس الموقع الذي يتجسد فيه تاريخ طويل من تاريخ إنجلترا، الإمبراطورية التي لم تكن تغرب عنها الشمس في يوم من الأيام.

وكذلك بودابست عاصمة المجر، التي تحتضن ساحة كبيرة للعظماء الذين قدموا لبلادهم الكثير من المساهمات العلمية والفنية، وللأبطال الذين جاهدوا الغزاة وردوهم على أعقابهم، مخلدين في تلك الساحة منجزاتهم لكي لا يلفها النسيان وتضيع وتختفي في ظلمات التاريخ.

إن تاريخ عمان حافل ببطولات كثيرة وانتصارات مجيدة، والجيل الجديد مشغول بالإنترنت وزيارة المواقع التي لا تضيف شيئًا غير إبعادهم عن تاريخ بلادهم المشرق وفصل ماضيهم عن حاضرهم، حتى تضعف هممهم وتتزعزع عقائدهم، متناسين أن التاريخ أمانة في أعناق كل جيل جديد؛ لذلك فإنَّ تطوير ساحة الجامع الأكبر وربطها بأحداث عُمان التاريخية، أسوة بما تم تحقيقه في متحف عمان عبر الزمان بولاية منح، سوف يضيف بلا شك للجامع الأكبر مشاهد جمالية تنعكس أضواؤها على كامل المساحات التي يشغلها الجامع الأكبر، وتبرز من خلال تلك المشاهد الرؤية الصادقة التي أراد لها من اجتهد في صيانة وإعادة تاريخ حافلٍ بالمجد ونسيه أبناؤه في خضم الموجات المتلاحقة من الغزو الفكري وموجات لا متناهية من محو الهوية عبر الإنترنت.