جولة في سوق السفر والسياحة العربي

سعود بن حمد الطائي

كان المعرض الذي شهدت أحداثه إمارة دبي حدثًا رائعًا من حيث عدد المشاركين والزوار الذين تجاوزوا 30 ألفًا، وكان الحماس والتفاؤل والرغبة الجامحة للعمل بادية على وجوه الجميع، وعندما تجولتُ في أركان المعرض شعرتُ وأنا أقف أمام الجناح العُماني بالاعتزاز والفرح، وأنا أشاهد بلادي تشارك الجميع في معرض قدِم إليه الناس من كل حدب وصوب.

وبينما كنت أسيرًا لعواطف جياشة، اقترب مني أحد وكلاء السفر المشاركين، وسألني إذا كنت قد شاهدت الجناح السعودي، وقال لي إنها أكبر مشاركة سعودية في أي معرض شاهده من قبل وإنه يعتقد أن السعوديين قادمون بقوة ويستعدون لاقتحام سوق السفر والسياحة بقوة وجرأة وأن استهدافهم لأربعين مليون سائح سنويًا لن يكون بعيدًا وسألني وماذا عنكم متى نراكم تأخذون دوركم في هذا القطاع الحيوي فأنا أحب عمان ولديكم مقومات سياحية فريدة وشواطئ جميلة غير مستغلة إلا من قبل الأندية التي لاتضيف شيئًا لكم ولديكم أيضا الجبل الأخضر في الداخلية وجبل سمحان في ظفار؛ حيث تنخفض درجات الحرارة في شهور الصيف وتصبح مقصدًا سياحيًا ولكنها تفتقر إلى خدمات كثيرة، ثم إن اليوم ستعقد ندوة مشتركة لتفعيل التأشيرة السياحية المُشتركة لدول مجلس التعاون، وقد سمعت أنكم غير متحمسين للمضي قدمًا نتيجة لتجارب سابقة مع الصين، رغم أن عدد السائحين بها سوف يتخطى العشرين مليون سائح.

لم أتمكن من الإجابة على جميع تساؤلات وكيل المبيعات ولكن ما قاله لم يكن بعيدًا عن الواقع فإذا كانت لدينا تجربة غير إيجابية مع الصين في السياحة، فذلك لا يعني إقفال الباب وعدم معالجة الآثار الجانبية الناتجة عن كل نشاط؛ فالسياحة مثلها مثل كل نشاط إنساني واقتصادي لها آثار إيجابية كثيرة وآثار سلبية، يُفترض أن نضع لها حلولًا لتقليل آثارها وتوجيهها إلى الطريق الأقل ضررًا، مثل تناول الدواء فهو يحمل أيضا آثارًا جانبية، ولكنه ضروري لشفاء الإنسان من العلل والأمراض والأمر الآخر الذي يجب أن نتطرق إليه أن علاقاتنا السياسية ومواقفنا الرائعة مع الكثير من الدول قطفت ثمارها دول أخرى، فنحن رغم علاقتنا الطيبة مع إيران إلا أن تجارتنا معها دون مستوى الطموح، وكذلك التبادل التجاري مع قطر، التي نقيم معها علاقات أخوية متينة لكننا لم نرَ الكثير من المستثمرين القطريين، لا سيما وأن مواقفنا السياسية شعبًا وحكومة كان يُضرب بها الأمثلة في التعامل مع دول العالم القائمة على مد خيوط السلام والمحبة مع الجميع ولكنها للأسف لم يكن لها أثر ولو من بعيد على الجانب الاقتصادي.

وعندما اشتعلت الحرب بين روسيا وأوكرانيا بحث الأغنياء عن ملاذات آمنة ولم نكن نحن في عُمان أحد هذه الملاذات، بينما تدفقت الأموال الروسية والأوكرانية على العديد من الدول القريبة والبعيدة ولم تكن عُمان من ضمن هذه الدول في حين أن علاقتنا مع كلا الطرفين جيدة ومستقرة!

إننا إذن بحاجة إلى تنسيق جهودنا السياسية لتعطي ثمارًا يستفيد منها اقتصادنا الوطني وتنعكس آثارها على صعيد الحياة الاقتصادية من تعاون مثمر واستثمارات توفر فرص عمل وتزيد من الدخل القومي للبلاد.