شكرًا عُمان والجزائر والعراق على عودة سوريا

 

سالم بن محمد بن أحمد العبري

لعل إرهاصات عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بدأت منذ تولي الرئيس عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر، ونشاط الدبلوماسية العراقية، فتلاقت جهود الدولتين مع الحراك العماني الذي لم يفتر توضيحًا وحثًا وتقريبًا ونصحًا؛ ليثمر اليوم  قرار جامعة الدول العربية بإلغاء ذلك القرار الذي أُخذ في يوم الظلة في 2012 بإبعاد الدولة السورية الوطنية المناضلة عن "بيت العرب"، وإبعاد العرب عن الفعل العربي الصحيح والسير بالعلاقات العربية وبوحدتها في مسار ضيق لم يكن يُرضي شعوب الأمة، فضلًا عن مفكريها وكتابها ووطنييها ومؤسساتها المدنية.

فكأنَّ ذلك القرار المقبور بمثابة خنجر سُلِّط على رقاب الأمة، فأخذ ينحرها بلا عقلية أو ترو أو قدرة على القول، (لا العالية) إلا بعض أصواتنا المبحوحة، وكان لي سبق في رفض ذلك والقول إنِّه لا يجوز ولا يُستساغ ودعوت السلطنة لأن يكون لها موقف مميز بالتميز عن هذا المسار الذي يبدو به الخطأ والغشم المتسرع البعيد عن الرؤية الصحيحة المستقاة من حقائق التاريخ والجغرافيا والمصالح والروابط المشتركة. ونشرت مقالي في حينه بجريدة الوطن العمانية بموقف صحيح فذ يميز دائمًا هذه الصحيفة الوطنية، والتي كانت أول جريدة عمانية تواكب النهضة العمانية العملاقة التي قادها السلطان قابوس رحمه الله وطيب ثراه.

مما لا شك فيه أنه رغم تلك الفترة العصيبة والعصبية التي أصابت البعض بعمى بصري فإن البصيرة العمانية المستقاة من التاريخ الاستقلالي العماني وروعة فكرة وحفاظاً على الاستقلال والسيادة والتميز الإيجابي انفردت بموقف موفق وبدأت بسعيها لكشف الغمة والتوضيح بأن هذا الجفاء والابتعاد عن سوريا العربية إحدى الدول المؤسسة للجامعة ووحدة الأمة والمضحية بدماء أبنائها وصمودها ضد الحملات والاعتداءات على الأمة وهي ركيزة واثقة للتنمية والنهوض العربي، ولم تنكص عمان قيادة وشعبًا وسياسة عن العمل الهادئ المثابر الواثق وكلما بدأت الظلمة تنقشع وتزيحها اليد العمانية المباركة كلما بدأ النور يشعشع مبددًا ذلك الليل الغاشم.

لقد تلاقت الحكمة والدبلوماسية العمانية مع الصمود والإصرار السوري، وقفة جيش وقيادة وشعب، فذة مميزة مبتكرة مبادرة، فجاءت بالنصر الذي أحرزته سوريا، والذي وإن حاولت القوى المناوئة الدولية والإقليمية أن تبصره وتعترف به، لكن الحقائق تسفر عنه وتقول إن الاستراتيجية السورية وتشبيكها الدولي القائم على النظرة الاستراتيجية المستشرفة والتحليل التخطيط بعيد المدى، أعطى سوريا الأسد قدرة الصمود والتصدي ثم التحرير والبناء تمهيدًا للمرحلة المقبلة، التي تعمر وتبني، لا للوصول لما كانت عليه قبل هذه الكارثة والحرب الكونية، وإنما تجاوزها تخطيطًا وإنجازًا، ولتبقى سوريا دومًا جوهرة الحضارة العربية حاضرًا وماضيًا ولكي تعوض للشعب السوري المجاهد الصابر القابض على الوطنية والسيادة صبره وتحمله ومقاومته.

تحية إكبار لسوريا والعالم يعترف لها بمكانها ومكينها ويعود إليها الإخوة والجيران والقريب والبعيد ليقول نأسف للبس الذي أصابنا وقصر النظر الذي ألم بنا فهي تعيد بناء فهم وقيم ونظم تؤسس على احترام السيادة والخصوصية وعدم التدخل وعلاقات محترمة وخصوصا احترام النظم الدولية، وشكرًا للجهود العمانية والجزائرية والعراقية التي مهدت لما حدث اليوم، ولنعتز نحن الذين استشرفوا الوقائع والحقائق الموصلة إلى هذه النتيجة التي نحتفي بها الآن، ولتعود الأمة والبشرية إلى فضل الله وأوامره.

تعليق عبر الفيس بوك