الجيش ينشر شرطة الاحتياطي المركزي جنوب العاصمة لحفظ الأمن

السودان: اتهامات متبادلة بين طرفي النزاع بخرق وقف إطلاق النار رغم تمديد الهدنة

 

الخرطوم- رويترز

تبادلت القوتان العسكريتان المتناحرتان في السودان الاتهامات بارتكاب انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار الذي أعلنت قوات الدعم السريع تمديده 72 ساعة بعد أن انتهى سريانها منتصف ليل أمس الأحد، مع استمرار الصراع الدامي للأسبوع الثالث رغم تحذيرات من الانزلاق إلى حرب أهلية كارثية.

وسقط مئات القتلى وآلاف المصابين منذ أن تحولت منافسة قديمة على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية إلى صراع في 15 أبريل. واستمر القتال بين الطرفين في معركة للسيطرة على العاصمة الخرطوم الواقعة على نهر النيل على الرغم من سلسلة اتفاقات لوقف إطلاق النار عبر تدخل وسطاء من بينهم الولايات المتحدة

وقال مراسلون لرويترز إن الوضع في الخرطوم التي يقاتل الجيش قوات الدعم السريع المتمركزة في أحياء سكنية فيها، هدأ نسبيا صباح أمس الأحد، وذلك بعد سماع أصوات اشتباكات عنيفة على الرغم من وجود هدنة.

وقال الجيش السوداني إنه دمر أرتالا لقوات الدعم السريع أثناء تحركها من الغرب إلى الخرطوم، في حين ذكرت قوات الدعم السريع أن الجيش هاجم بالمدفعية والطائرات الحربية مواقع لها في عدة مناطق بولاية الخرطوم.

وفي محاولة على ما يبدو لإعطاء دفعة لقواته، قال الجيش السبت إنه بدأ نشر وحدات من شرطة الاحتياطي المركزي بجنوب الخرطوم وسيتوالى نزولها تدريجيا في مناطق أخرى من العاصمة.

وقالت الشرطة السودانية إن شرطة الاحتياطي المركزي انتشرت لحماية الأسواق والممتلكات التي تعرضت للنهب. لكن قوات الدعم السريع حذرت شرطة الاحتياطي المركزي من أن تصبح طرفًا في القتال.

وتعد شرطة الاحتياطي المركزي فرقة كبيرة مدججة بالسلاح من الشرطة السودانية ولديها خبرة قتالية اكتسبتها من صراعات في دارفور بغرب البلاد وفي جبال النوبة في الجنوب.

وفي مارس 2022، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شرطة الاحتياطي المركزي، متهمة إياها باستخدام القوة المفرطة ضد محتجين كانوا يتظاهرون في الخرطوم وأماكن أخرى رفضا لانقلاب عسكري في عام 2021.

ونجم عن القتال الدائر في الخرطوم حتى الآن انتشار قوات الدعم السريع في أنحاء المدينة في ظل محاولات الجيش لاستهدافها بضربات جوية في الأغلب مستخدما الطائرات المسيرة والمقاتلات.

ودفع الصراع عشرات الآلاف إلى الفرار عبر حدود السودان وأثار تحذيرات من احتمال تفكك السودان مما يزعزع استقرار منطقة مضطربة بالفعل.

وقال محمد علي، وهو مواطن باكستاني ينتظر إجلاءه من بورتسودان ضمن نزوح جماعي للأجانب: "تركت كل شيء، منزلي وسيارتي، كل شيء وكل مدخراتي لمدة 13 عاما، سأرحل من هنا، فقط لإنقاذ حياتي".

وتبدو احتمالات إجراء مفاوضات بين طرفي الصراع ضعيفة، إذ قال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إنه لن يجلس أبدا مع قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، ومن جهته قال قائد قوات الدعم السريع إنه لن يبدأ التفاوض إلا بعد أن يوقف الجيش الأعمال القتالية.

ولفتت وزارة الخارجية السعودية إلى أن الوزير الأمير فيصل بن فرحان التقى مع مبعوث البرهان السفير دفع الله الحاج علي في الرياض، في محاولة للتوسط ووقف إطلاق النار. وأضافت الوزارة أن الوزير "أكد على دعوة المملكة بالتهدئة وتغليب المصلحة الوطنية ووقف كافة أشكال التصعيد العسكري".

وفي وقت سابق، قال فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان إنه استشعر تغيرا في مواقف الجانبين في الآونة الأخيرة وأنهما منفتحان بدرجة أكبر على التفاوض وسيقبلان "شكلا ما من المحادثات" دون تحديد جدول زمني لذلك.

ومع إعلان الأمم المتحدة أن 16 بالمئة فقط من المنشآت الصحية في الخرطوم تعمل بشكل طبيعي، قدمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ثمانية أطنان من المساعدات الطبية.

وقال باتريك يوسف المدير الإقليمي لمنطقة أفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "العاملون في مجال الرعاية الصحية في السودان يفعلون المستحيل إذ يعتنون بالجرحى في ظل عدم وجود المياه والكهرباء والإمدادات الطبية الأساسية". وأضاف أنه في الوقت الذي جرت فيه الموافقة على وصول الإمدادات إلى الخرطوم فإن مفاوضات تجري مع الجانبين لتسهيل توصيلها داخل المدينة حيث تتعرض المستشفيات والقوافل وسيارات الإسعاف للهجوم.

وقُتل في هذه الأحداث ما لا يقل عن خمسة من موظفي الإغاثة خلال القتال. وكان ثلث سكان السودان البالغ عددهم 46 مليون نسمة بحاجة بالفعل إلى المساعدات الإنسانية حتى قبل اندلاع الصراع.

وأفسد الصراع خطة انتقال سياسي مدعومة دوليا بهدف إقامة نظام حكم ديمقراطي في السودان في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019 بعد أن أمضى ثلاثة عقود في السلطة.

وبحسب وزارة الصحة السوداني، فإن 528 شخصا على الأقل قُتلوا وأصيب 4599 آخرون نتيجة القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.

تعليق عبر الفيس بوك