مقارنات بين الزواج من الداخل والخارج

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

أسس عجيبة وغريبة حملتها مواقع التواصل الاجتماعي، وتأويلات عديدة بين مشجع ورافض للزواج من الخارج؛ سواء للجنسين من الذين يرغبون في الزواج، الذي هو سنة الله في الكون، ونصف الحياة الآخر، ونصف الدين، ورباطه العشرة والمعاشرة الطيبة؛ إذ يقول الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

أما كيفية الاختيار للمُسلم كوننا مجتمع مسلم مُحافظ يتبعُ سنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". وهذه هي أسس اختيار المرأة الصالحة التقية النقية التي سوف تكون نواة الأسرة الصالحة.

اليوم وفي ظل ما نشهده من لغط بين الزواج من الداخل والخارج بين أبناء الوطن عبر مختلف المواقع، فإنني أُجملُ ما حملته نفسي من رؤية حول ذلك.

أولًا: الزواج من الداخل أفضل بكثير من الزواج من الخارج، لتأصل نفس العادات والتقاليد ومعرفة النسب بسهولة ويسر، وتشجيع عدم عنوسة بنات الوطن اللاتي هن أخواتنا وبناتنا، وعدم فساد أبناء المجتمع مع التخفيف من الأعباء المالية المتفق عليها عند خطبة النساء، ومع ضرورة أن يكون هناك دور كبير اليوم للمجتمع في ظل هذه الظروف التي يمر عليها الشباب من خلال التخفيف عنهم في أعباء الزواج ومستلزماته، بما يُحقق الاستقرار والتشجيع نحو أفضلية الزواج من الداخل بدلًا من الخارج، مع ضرورة وجود توجيه من الحكومة ومؤسسات الدولة لتعزيز تشجيع الشباب نحو الزواج من المواطنات بدل الزواج من الجنسيات الأخرى، والتي قد لا ترى فيها المرأة من الخارج هدفًا سوى ما في جيوب شبابنا من مال ويسر؟

ثانيًا: الزواج من الخارج والذي يُساهم في حل مشاكل قلة من الناس الذين صرفت بهم صروف الدهر في عدم زواجهم من المواطنات لكبر العمر أو ظروفهم الخاصة، فهذا ليس فتحًا على الجميع كما نسمع ونشاهد الآن في وسائل التواصل من تحليلات ومباركات؛ حيث إن الزواج من الخارج له ما له وعليه ما عليه من التزامات، ويحمل الكثير من التبعات والأعباء الشديدة، زد على ذلك المشاكل الزوجية التي لا تنتهي بسهولة من مطالبات وشروط قد تفضي إلى الخلل في العلاقة، وخاصة مع الأبناء في العادات والتقاليد الأصيلة التي يجب أن تحملها اللبنة العمانية الأصيلة بتربتها الطاهرة، والتي أصبحت مضرب كل مثل لنقاء أبناء هذا المجتمع، ومعدن شبابه وبناته الأصيل، فكيف لنسيج الخير والشموخ بعاداته وتقاليده أن يتقلد انفتاحًا كاملًا عليه من الخارج، ويكون ذلك نجاحًا في تأصيل العلاقات كما يزعم البعض؛ بل سيكون هدمًا لتلك العادات والتقاليد والأخلاق العمانية وعراقة المجتمع.

إن الزواج من الخارج من غير قيود يحمل تساؤلات حول مستقبل أبناء الوطن واستقرار المجتمع من مثل هذه الزيجات التي تأثرت بها عدة دول مارست نفس التجربة، فعادت بمشاكل على أبناء مجتمعاتها، وأصبحت تعاني من ضعف تماسك نسيجها وعاداتها وتقاليدها، أضف إلى ذلك المشاكل الأسرية والمالية التي يتكبدها الفرد.

هناك تجارب سابقة في الزواج من الخارج اطلعتُ عليها تشتت فيها عائلات بعد طلاق الزوجين أو مغادرة الزوجة بأبنائها إلى وطنها؛ فيعيشُ الأبناء خارج الوطن ويحملون الجنسية العمانية، بينما يعاني الأب من مطالبات مالية ثقيلة.

علينا أن نشجّع الزواج من المواطنات وحث أولياء الأمور وأبناء المجتمع وتكاتف الجميع على تخفيف أعباء الزواج وتخفيف المهور وتسهيل الأمور الزوجية من خلال اتفاق الجميع على مهر وتكاليف معقولة، مع تكاتف مؤسسات الدولة وجهات الوعظ والإرشاد، وكل ذلك سيساهم- بإذن الله- في التقليل من الحاجة للزواج من الخارج، والذي ستكون سلبياته أكثر من الإيجابيات التي يعتقدها الكثير من الناس. وهذه رسالة تذكير وتنبيه قبل أن يسبق السيف العزل، وقبل أن يندم من ينوي خوض مثل هذه التجارب في حياته.

ختامًا أدعو الله لأبناء عمان المُقدمين على الزواج جميعهم، بالسعة والدعة والذرية الصالحة الطيبة، وأن يحسنوا الاختيار؛ فبنات الوطن لآلئ مكنونة وجواهر فريدة وبيوت مصانة بالدين والأخلاق والعادات والتقاليد الأصيلة، وهن- بإذن الله- نواة المجتمع السعيد.

حفظ الله شباب وشابات عُمان ورزقهم العفاف والكفاف، فيما يحب ربي ويرضى.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية