خُذلان الأحبة

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

 

نرسم سقفاً عالياً لتوقعاتنا تجاه من نحب وتتحرك قلوبنا باتجاه خط سيرهم لكن مع مرور الوقت وتجشمنا عناء الطريق نُدرك أنَّ الطريق الذي أحضرنا إليهم لا يسعنا وأننا توجهنا للمكان الخطأ فلا قلب يتسع لنا ولا حضن وأن سقف توقعاتنا ارتفع في العالي وأن من نحبهم خذلونا.

كم من أسرة لا تحافظ على عهود المحبة ولا على التواصل الدائم بين أفرادها وكم من أسرة تفككت بسبب التكهنات والظن والأقاويل والقيل والقال وكم من عيد مر وأنت وحيد حيث لا أسرة تفرح معها ولا أهل ينتظرون قدومك وأنت الذي تعبت في الوصول وملت خُطاك الطرقات في التقدم نحوهم تجد وجعًا في دربك وأشواكا كثيرة تحيط بك فلا أرض تتسع لك ولا سماء.

وأنت تمضي باتجاههم باحثًا عن صوت ضجيجهم وابتساماتهم وضحكاتهم ونداءهم لاسمك عائدا بذاكرتك للوراء لحنين الماضي وأيام الطفولة والذكريات التي لا تفارقك.. صالة مظلمة وباب مقفول وخوف من الآخرين ولَّد فيك إحساسًا بالخجل وعدم الانخراط سريعًا مع أبناء جيلك.

تمر اللحظات الأولى وأنت تتصل بهم؛ حيث لا مجيب يتعاونون جميعهم عليك وينقلبون ضدك ويتفقون على عدم إدخال السرور لقلبك ويحاربونك وفي النهاية يضحكون بقولهم لا تزعل منِّا..

لكنك أنت الذي فعلت كل ذلك لنفسك وأردت أن تكون حاضرا بينهم تحيط بك وجوههم التي تطاردك بالتجاهل.

مرَّت أيام العيد وأنت تبحث عنهم وتنتظر أن يحسون بك ولكن لا حياة لمن تنادي، وأنت ظللت تصنع من اسمهم أسطورة يشار لها بالبنان وتحيك مجدهم على طبق من ذهب وتسعى لتخليد ذكراهم التي يمسحونها يوميا وتتفاءل بأنهم سيكونون أفضل وسيتغيرون.

لكن هيهات هيهات وفي كل مرة يكون الشق أكبر من الذي قبل ويكون الجرح أعمق ولكنك تمضي محاولا إدراك أنك قوي بهم أو دونهم رغم ذلك الشيء العجيب الذي بقي متصلا بهم وبقيت تحن إليهم وهم يمارسون معك أقسى أنواع الخذلان فتستمر ويستمرون وتحاول ويفعلون وتقاتل ويقتلون.

سكين غدرهم أدمت ظهرك ضحكاتهم الاستفزازية خلفك مؤامراتهم، ولكن ما دمت على حق سيعودون إليك تباعا سيركضون خلفك مجددا حينها أنت الحكم، إما أن تعود وتفتح الأبواب التي لطالما تركتها مفتوحة لهم أو تمضي كما فعلوها معك.

السرور الذي تبحث عنه هو محيط بك من كل جانب ولكن أنظر جيدا لمن هم حولك فرب أخ لك لم تلده أمك يكن لك نعم الأخ ورب صديق لك يكون أفضل من أخيك الحقيقي فالحقيقة هي ما نحس به ونشعر به. أما العلاقات الوراثية فأصبحت مجرد علاقات بالدم إلا أنها لم تعد كما كانت في السابق لم تعد القلوب حيَّة كسابق عهدها لا أحد يحس بشيء إلا عندما يفقده ولا أحد يفوز بشيء إلا عندما يخسره.

"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"، وتجري الأحبة في وادٍ ليس ذي زرع وهكذا نمضي.

همسة..

كن قريبًا من أحبائك، أهلك وأقاربك وكل من هم متصلون بك فهناك لحظة وداع قريبة وهناك حزن يتلوه حسرات فلا تضع نفسك في هكذا حال وكن السبّاق في فعل الخيرات وكن الأفضل في التواصل مع الآخرين أيًّا كان أسلوبهم ولا تقطع أرحامك مهما كان وكن لهم قدوة.