إضاءة حول مرسوم زواج العمانيين من أجانب

خالد بن سعد الشنفري

اعتد النظام الأساسي للدولة بالشريعة الإسلامية أساسًا لأي تشريع ونص على ما يلي: "وتعزيزا للحقوق، والواجبات، والحريات العامة يعتد بالشريعة الإسلامة كأساس للتشريع".
إذن النظام الأساسي للسلطنة اشترط في أي قانون يصدر في عمان أن لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وهذا ما جاء في المادة الثانيه من المرسوم السلطانيرقم (23 /2023) في شأن زواج العمانيين من أجانب، وتضمن ما يلي: وجوب" ألا تخل أحكام هذا المرسوم بأحكام الشريعة الإسلامية"، بل وأضاف : "أو النظام العام".
مما تقدم وببساطة، فإن ما أثير من زوبعة حول الموضوع في وسائل التواصل الاجتماعي غير مبرر تماما للأسف الشديد، عدا ما سينقله عنا كعمانيين من صورة لا تعبر عن ما يعرفه العالم عنا وما يشيد به دائما من حكمتنا وحسن أخلاقنا.
لا يخفى على أحد اليوم ما مرت به بلادنا الحبيبة من انغلاق شبه تام عن العالم المعاصر  لعقود مضت  قبل نهضة عمان الحديثة في العام 1970 للأسباب المعروفة. 

والفترة منذ 1970 بداية نهضتنا الحديثة وإلى بدابة 1993؛ أي لمدة 20 عاما، لم يضع المُشرِّع العماني أية ضوابط تحد من زواج العمانيين من أجانب، وحتى بعد أن وضعت الضوابط في ذلك العام، لم يكن هناك منع قطعي للزواج من أجانب؛ بل مجرد تنظيم كان الهدف منه تنظيم زواج العمانيين من الخارج ووضع ضوابط تنظيمية لحماية المجتمع الفتي عموما حينها؛ لكونه حديث العهد بالتواصل مع العالم الخارجي مما نتج عنه سوء تقدير من البعض في اختيار الشريك المناسب في تلك المرحلة.
أصبحت عمان اليوم تتمتع بعلاقات عالمية مرموقة وانفتاح على العالم، وبطبيعة الحال هذه تتطلب من المشرع الانفتاح بنفس المستوى بما لا يتعارض مع مبادئ السلطنة الأساسية  والشريعة الإسلامية والنظام العام، وهذا ما أكد عليه المرسوم.

لقد ارتأى المشرع أنه آن الأوان بعد مضي 50 سنة ونيف على نهضة عمان الحديثة واكتمال بناء الإنسان مع البنيان، أنه لم تعد هناك حاجة لوضع حجر ووصاية على المواطن العماني في تحديد خياراته؛ فيما يتعلق بحياته الخاصه ما دام ملتزمًا بهذه المبادئ إضافة الى أن شريحة كبيرة من المواطنين سبق لهم الزواج من قبل بدون الحصول على ترخيص وأصبحوا في نظر القانون مخالفين؛ مما جعل حياتهم العائلية يشوبها التوتر والقلق على مستقبلهم الأُسري والشعور بالمظلومية، أضف إلى ذلك أنه بهذا المرسوم ستتوقف العديد من قضايا هؤلاء في أروقة المحاكم.
في الحقيقه إن المرسوم رقم (23 /2023) في شأن زواج العمانيين من أجانب قد أعطى كامل الثقة للمواطن العماني وحمَّله المسؤولية عن تحديد خياره في أهم أمر يتعلق بمستقبله ومستقبل أسرته، وأنه أصبح على درجة من الوعي والإدراك وحسن الاختيار فيما يخص حياته الشخصية، وهذا يفترض أن يكون مطلبًا لأي إنسان سوي، كما إن هذا لا يعفيه بطبيعة الحال من تحمل مسؤولياته حسبما حدددها قانون الأحوال الشخصية وأيضا مراعاة أعراف وعادات المجتمع العماني، ولعمري هذه أشد قسوة على من يخرج عليها من أي قانون آخر في اختيار الزيجة المناسبة التي تتوائم مع عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية والعربية الأصيلة.