أصداء واسعة ترحيبًا بالمرسوم السلطاني في شأن زواج العُمانيين من أجانب

الزواج من الأجانب.. ترسيخ للحريات الفردية وتأكيد لحق الإنسان في اختيار شريك حياته

◄ قانونيون: التشريع الجديد يتوافق تمامًا مع النظام الأساسي للدولة

◄ مطالب بتعديل قانون الجنسية للسماح لأبناء العُمانية نيل الجنسية العمانية

◄ الهنائي: التشريع الجديد يواكب المرحلة الجديدة والتطورات الاجتماعية

◄ الجهوري: تقنين الزواج من الأجانب يحقق الاستقرار الاجتماعي

◄ المعمري: الاستقرار الأسري يعتمد على علاقة الطرفين بغض النظر عن جنسيتهما

◄ البوسعيدي: الانفتاح الثقافي من أبرز منافع الزواج من الأجانب

 

الرؤية - ريم الحامدية

أجمعَ خبراء قانونيون على أن المرسوم السلطاني رقم (23/2023) في شأن زواج العُمانيين من أجانب، يُمثل نقلة نوعية في مجال الحريات الفردية، ويدعم جهود ترسيخ حقوق الإنسان، خاصة الحق في اختيار شريك الحياة، بما لا يتعارض مع القوانين والتشريعات الأخرى المنظِّمة للحقوق المدنية.

وأصدرَ حضرةُ صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم -حفظه الله ورعاه- المرسوم السلطاني السامي رقم (23/2023) في شأن زواج العُمانيين من أجانب.. فيما يلي نصُّه:

"نحن/ هيثم بن طارق - سلطان عُمان.. بعد الاطلاع على النظام الأساسي للدولة، وعلى قانون الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 32/97، وعلى قانون الكاتب بالعدل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 40/2003، وعلى قانون الجنسية العُمانية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 38/2014، وعلى المرسوم السلطاني رقم 58/93 بالتفويض في إصدار أحكام تنظيم زواج العُمانيين من أجانب وإجراء تعديلات في قانون تنظيم الجنسية العُمانية، وعلى المرسوم السلطاني رقم 37/2022 بتحديد اختصاصات وزارة الداخلية واعتماد هيكلها التنظيمي، وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة.. رسمنا بما هو آتٍ:

- المادة الأولى: يلغى المرسوم السلطاني رقم 58/93 المشار إليه، والقرارات الصادرة تنفيذا لأحكامه.

- المادة الثانية: يجب ألا تخل أحكام هذا المرسوم بأحكام الشريعة الإسلامية، أو النظام العام، أو بأي حكم في القوانين والمراسيم السلطانية والنظم المعمول بها يقضي بعدم الزواج من أجنبي كشرط لتولي بعض الوظائف العامة ذات الأهمية أو الطبيعة الخاصة والاستمرار فيها.

 -المادة الثالثة: توثَّق المحررات التي تثبت زواج العُمانيين من أجانب والتي تتم داخل سلطنة عُمان وفقا لأحكام القوانين والمراسيم السلطانية ذات الصلة، وتعامل المحررات الأجنبية المثبتة لهذا الزواج معاملة الوثائق العُمانية الرسمية بعد التصديق عليها من الجهات المختصة في الدولة الأجنبية ووزارة الخارجية العُمانية.

- المادة الرابعة: يُعتد بالمحررات المثبتة لزواج العُمانيين من أجانب الصادرة من جهات رسمية أجنبية قبل تاريخ العمل بهذا المرسوم بالمخالفة لأحكام تنظيم زواج العُمانيين من أجانب المعمول بها آنذاك، وذلك بعد التصديق عليها من وزارة الخارجية العُمانية، وبما لا يتعارض مع حكم المادة الثانية من هذا المرسوم.

- المادة الخامسة: على وحدات الجهاز الإداري للدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة تنفيذ أحكام هذا المرسوم، كل فيما يخصه.

- المادة السادسة: يُلغى كل ما يخالف هذا المرسوم أو يتعارض مع أحكامه.

- المادة السابعة: ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

صدر في: 25 من رمضان سنة 1444هـ، الموافق: 16 من أبريل سنة 2023م.

حرية اختيار الشريك

وقال الدكتور خليفة الهنائي الخبير القانوني إن هذا التشريع يأتي متوافقًا مع حرّية الإنسان في اختيار شريك حياته؛ باعتبار أن الأصل هو حرية الاختيار، وللدول أن تنظّم مسألة الزواج من خارج الدولة مراعاةً للمصلحة العامة، وهذه النظرة تختلف من فترة إلى أخرى وفقا لتغيّر المقتضيات والظروف؛ لذلك فإنَّ هذا التشريع يواكب المرحلة الجديدة التي تنفتح اقتصاديًّا بدرجةٍ أكبر، وتمهِّد لما يتبع ذلك من ضرورات التطوُّر الاجتماعي، ووفقًا لجُملة ضوابط ضوابط؛ أهمها: أن يكون الزواج مراعيًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وأن لا يخالف القوانين والنظم المعمول بها في البلاد، ومن ذلك مراعاة بعض الوظائف التي تستدعي أن لا يكون شاغلوها متزوجين بغير من يحمل الجنسية العُمانية.

د.خليفة الهنائي.jpg
 

‏وأضاف الهنائي -في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن لكل قرار جوانبه الإيجابية والسلبية، فمنع الزواج من الخارج سابقًا ترتبت عليه بعض الجوانب الإيجابية، ومن بينها المحافظة على النسيج الاجتماعي، وتجنب الإشكاليات التي تقع في حالات الانفصال، خاصةً مع وجود أبناء، وفي المقابل وُجدت سلبيات للنظام السابق تمثلت في حرمان الأشخاص من حريتهم التي يكفلها النظام الأساسي للدولة، في اختيار الشريك المناسب لهم؛ لذلك جاء هذا التشريع ليحقّق حرية الأشخاص في اختيار شريك حياتهم، وهذا يساعد على تحقيق الاستقرار الاجتماعي.

وأوضح الهنائي أنَّه وفي المقابل من المحتمل أن تترتب أضرار على هذا القرار؛ وأبرزها عند وقوع حالات انفصال أو هجرة الزوج الأجنبي بالأبناء إلى خارج السلطنة، لذلك فإنه لا يمكن القول بأن أيًّا من النظامين سوف يكون خاليًا من الإشكاليات أو الإيجابيات، وهذا يمثل هنا دور السلطة في اختيار التشريع الأنسب وفقا للظروف والمعطيات والتوجهات.

‏وأشار الهنائي إلى أنَّه من المهم أن تصدر تعديلات على قانون الجنسية، تراعي الأوضاع التي تتناسب مع موضوع التصريح بالزواج من الخارج ومن أهم ما يتطلب مراعاته، هو منح الجنسية للشريك الأجنبي خلال مدة يحددها القانون، وكذلك مراعاة مسألة منح الجنسية لأبناء العُمانية التي تتزوج بأجنبي، مراعاةً لأهمية هذا الأمر في المحافظة على كيان الأسرة وعدم تشتتها، خاصةً في الحالات التي يقع فيها الانفصال.

تنظيم قانوني وشرعي

من جهته، أوضَح الدكتور أحمد الجهوري المحامي والخبير القانوني، أنَّ المرسوم السلطاني في شأن زواج العُمانيين من أجانب يهدف لتنظيم زواج العُمانيين من الأجانب بما يتوافق ويتماشى مع النظام الأساسي للدولة والشريعة الإسلامية؛ حيث إنَّ المادة الثانية من النظام الأساسي في الدولة تشير إلى أنَّ الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع في سلطنة عُمان والقوانين والنظم العُمانية. وقال -في تصريح خاص لـ"الرؤية"- إنَّ الشريعة الإسلامية تُتيح حرية اختيار الزوج والزوجة، ما دام الاختيار متوافقًا مع أطر الشريعة، وأنه ليس من قواعد الشريعة أن تحدد جنسية ما، وذلك يتوافق مع بقية المنظومة التشريعية في النظام الأساسي للدولة في الحرية الشخصية وفي مسائل القواعد الاجتماعية وحرية اختيار الشريك، مادام أنَّ المسألة متوافقة مع الشريعة والنظام العام للسلطنة.

د.أحمد الجهوري.jpg
 

وأضاف الجهوري أنَّ اختيار شريك العمر حرية شخصية لكل فرد، إذ يحق له أن يختار -ما دامت المسألة أصبحت في ظلال القانون- من أي جنسية تتوافق مع أطر الشريعة الإسلامية؛ وبالتالي يستطيع الزواج بها دون قيد أو شرط، لكن تبقى فقط الخصوصية لبعض جهات العمل تشترط عدم الزواج من أجنبية إذا كان يريد البقاء في هذه الوظيفة، وإذا تزوج من أجنبية فإنه قد يُحرم من تلك الوظيفة.

وأشار الجهوري إلى أنَّ هذا المرسوم ينظم فقط مسألة تنظيم الزواج من أجنبي وليس له ارتباط بقانون الجنسية المرتقب صدوره، موضحًا أن قانون الجنسية منفصل، والمادة واضحة أشارت إلى مسائل الجنسية لها تنظيمها الخاص بالتالي القانون المرتقب صدوره سينظم مثل هذه المسائل.

أحكام تنظيمية

وقال المحامي سيف بن سالم المعمري عضو مجلس إدارة جمعية المحامين العمانية، إنَّه لم تُكن هناك موانع من الزواج من الأجانب في السابق، وأن ما كان يُطبَّق في وقت سابق هي أحكام تنظيمية يجب الأخذ بها للحافظ على الكيان الأسري والنسيج المجتمعي العُماني، ولقد تعددت الأسباب في ذلك الوقت لوضع تلك الأحكام التنظيمية، إلا أنها لم تكن عائقًا لإتمام الزواج من الأجنبي والتي هي بالمناسبة أحكام تنظيمية اختصت بها وزارة الداخلية آنذاك. وأضاف -في تصريح خاص لـ"الرؤية"- إنَّ المرسوم السلطاني رقم 23/2023 بشأن زواج العُمانيين من أجانب يهدف لإتاحة المجال بصورة أكبر دون عوائق.

المحامي.سيف المعمري.jpg
 

وأوضح المعمري أنَّ الغاية الأسمى من الزواج تتمثل في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي للزوجين، إلا أنَّ هذا الاستقرار يعتمد على الزوجين ومدى تفاهمهما والعلاقة العاطفية التي تربطهما. وقال: "ربما سيُسهم الزواج من الأجنبي في تحقيق مزيد من الاستقرار الاجتماعي لو كانت رابطة الزواج قوية، لكنه في الجانب المقابل قد يكون استقرارًا مؤقتًا؛ حيث إن متطلبات الأجنبي وعاداته قد تتسبب في ابتعاد العُماني أو العُمانية بحسب الأحوال عن المحيط الأسري الكبير، وقد يؤدي ذلك إلى تفكك الأسرة، متى ما نشأ صدع بين الزوجين نتيجة الاختلاف الثقافي أو أسلوب الحياة لكل منهم، وفي جميع الأحوال يبقى الزواج من الأجنبي له آثار يجب على الجميع الاحتياط منها، وإن تصوَّر للبعض خلاف ذلك".

وبيَّن المعمري أن المُشرِّع العُماني يسعى لتحقيق التكامل بين القوانين، وهذا ما أكده قانون زواج العُمانيين من أجانب؛ حيث أكد على مفهوم الحريات الاجتماعية من حيث حرية اختيار الزوج. وأكد المعمري أن القانون الجديد يجب أن يكون مترابطًا مع قانون تنظيم الجنسية العُمانية في بعض المواد، لا سيما اكتساب الزوج الأجنبي أو الزوجة الأجنبية للجنسية العُمانية.

استقرار اجتماعي

وقال الدكتور خلفان البوسعيدي اختصاصي استشارات أسرية، إنَّ زواج العُمانيين من الأجانب سيسهم في تحقيق المزيد من الاستقرار الاجتماعي من خلال تنوع الثقافات وتبادل الخبرات ومزيد من الانفتاح. مُستدركًا بالقول: إن ذلك الانفتاح والاستقرار يجب ألا يتعارض وألا يتناقض مع العادات والتقاليد المجتمعية العُمانية، وأنه حسب ما جاء في المرسوم السلطاني أن الزواج من الأجانب يُشترط فيه ألّا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.

د.خلفان البوسعيدي.jpg
 

وأوضح البوسعيدي -في تصريح لـ"الرؤية"- أن ثمة منافع اجتماعية ستتحقق من هذا القانون، من بينها أنه بات بالإمكان أن يتزوج العماني أو العمانية من قريب له من دولة أخرى، علاوة على أن ذلك ربما يسهم في تقليل المهور، معربًا عن أمله في تحقيق مزيد من الإيجابيات.

وأوضح البوسعيدي أنه وفيما يخص الإضافة التي يحققها زواج العُمانيين من الأجانب في مفاهيم الحريات الاجتماعية، لافتًا إلى أنَّ بعض الشباب ربما يكون قد تعرض للسجن لأي سبب، يجد رفضًا مجتمعيًّا عند تقدمه لطلب الزواج من أي عمانية، علاوة على إيجابيات أخرى تتمثل في الحد من غلاء المهور...وغيرها.

تعليق عبر الفيس بوك