المشاهير وقيادة الرأي العام

 

 

سالم بن نجيم البادي

ما دور مشاهير السوشال ميديا في التأثير على الرأي العام؟

يُطرح هذا السؤال كلما ظهرت قضايا مهمة تشغل بال الجماهير، خاصة وأن لهولاء المشاهير متابعين كثر يمطرونهم بالإعجاب ويحرصون على متابعة كل ما ينشرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ويمكن قياس تأثيرهم من خلال تهافت الناس على السلع التي يعلنون عنها وسعي بعض الناس لاخذ الصور معهم والظهور معهم في مقاطع فيديو وهذا فخر يتباهون به أمام الاخرين وينشرونه بين الناس. وقد يكون الظهور مع المشاهير حلمًا وغاية وهدفًا، خاصة عند المراهقين والمراهقات، ونحن نرى ذلك التزاحم والهرج والمرج والفوضى والتدافع بهدف الفوز بصورة مع أحد المشاهير. لذا؛ من غير المستغرب أن يكون ثأثيرهم الفكري على عامة الناس عميقًا ينقاد له بعض الناس دون تفكير ودون وعي ولمجرد أن فلان المشهور قال رأيه في القضايا المطروحة على الساحة والمتداولة بين الناس. وقد يلجأ بعض هؤلاء المشاهير إلى طرح استفتاء على الناس بعد أن يقول رأيه في القضية أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، ومن الطبيعي أن تأتي نتائج التصويت في صالح رأيه الذي جهر به قبل الاستفتاء.

وهو هنا يقوم بدور مراكز الدراسات وقياس ومعرفة اتجاهات الرأي العام. ومع غياب هذه المراكز وتجاهل بعض الجهات المعنية التي تصدر القرارات رأي الناس قبل إصدار هذه القرارات ولو من باب جس نبض الشارع.

ولطالما طالبنا أن تعرض القرارات التي تمس حياة الناس على نقاش مجتمعي موسع ومشاورات مكثفة قبل إقرارها، وألا تصدر فجأة وتصبح أمرًا واقعًا يجب تفيذه مع التهديد بالعقوبة القاسية لمن لا ينفذ. ولو أن الجهات المعنية بإصدار القرار أخذت في الحسبان ردة فعل الناس لما قام بدورها المشاهير، ولا حدث هذا اللغط الحاصل في وسائل التواصل الاجتماعي، وانقسام الناس إلى مع وضد و يذهب بعضهم الى تحريم مناقشة بعض القرارات ويعد ذلك من التفاهات والخواء الفكري في حين يرى بعضهم أن منع مناقشة هذه القرارات هو مصادرة لحرية التعبير.

إذن؛ حين تغيب الشفافية والمصارحة أحيانًا عند اتخاذ القرار، ولا يؤخذ رأي الناس ولا يوجد مُتحدث باسم الجهات الرسمية، فلا عجب أن يتصدر المشاهير المشهد لقيادة الرأي العام للدرجة التي تجعلهم ينفذون الاستفتاء مع أو ضد! ولا يهم إن أدى ذلك إلى زيادة الاحتقان وتأجيج المشاعر الدينية، أو أثر على الوئام والانسجام بين أفراد المجتمع -لا قدر الله- أو كان فيه تجاوز بحق أي جهة.

لستُ ممن يلقون باللوم على المشاهير وحدهم، وأدرك أن هذه الفئة من الناس قد حباها الله بصفات ومميزات وربما ملكات خاصة استغلوها واجتهدوا وثابروا وتعبوا وعرفوا كيف يستغلون الفرص المتاحة بذكاء وفطنة حتى وصلوا إلى عالم الشهرة والمال والقبول لدى الناس؛ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده. لكن اللوم كل اللوم يقع على من يعطل عقله ويصير تابعا لغيره بمحض إرادته، وإلَّا فإن المشاهير لا يجبرون أحدًا على اتباعهم والانسياق وراءهم.

ويقع اللوم على الجهات المختصة التي تترك الناس يخوضون في القضايا العامة مع عدم وجود متحدث رسمي في كل جهة رسمية، واتباع إستراتيجية الصمت و"خلهم يتكلموا لين يملوا وبيسكتوا".