روبوتات مُقاتلة برًا وبحرًا وجوًا

مؤيد الزعبي **

من أخطر المهام التي يمكن للروبوتات أن تنفذها، أن تصبح جنديًا مقاتلًا في ساحات الحرب، وللوهلة الأولى قد نتخيل جيشًا من الروبوتات بقدرات خارقة يقفزون عاليًا، يطيرون، يفجرون ويطلقون القنابل، يدمرون كل ما حولهم ولا تؤثر بهم لا الرصاصات ولا حتى القنابل، تمامًا كما نراهم في أفلام الخيال العلمي! فهل هذه هي المخاوف فقط؟ بالتأكيد لا.. فقدرات الروبوتات في الجانب العسكري مرعبة وخطيرة جدًا، ومن خلال هذا الطرح أودُ أن أستعرض إلى أين ستصل هذه التقنيات، وما المخاوف الحقيقية؟

تخيَّل أن نجد جنديًا روبوتًا مزودًا بأسلحة فتّاكة وليزرية ويتمتع بقدرات خارقة، ولديه قدرة وسرعة كبيرة في الحركة والطيران والقفز، ولا يتأثر بالعديد من الأسلحة، ولديه قوة كبيرة في تحديد الأهداف وإصابتها، وتخيل أن تسير هذه الروبوتات بجانب دبابات هي أيضًا روبوتات وقادرة على تحليل الموقف وتشكيلات العدو والسير وفقًا لمنهجيات ذكية لتصيب أهدافها وتتقدم على الأرض بمساعدة راجمات الصواريخ الدقيقة لأهدافها، ومع كل هذا نجد طائرات دون طيار أو طائرات مقاتلة دون طيار تتمتع ببرمجيات ذاتية للمناورة والقدرة على ضرب أهدافها بقوة، وتوفر غطاءً جويًا للعمليات الأرضية بطريقة مُحكمة ومُتناسقة مع الوحدات الأرضية والبحرية. وهذا أمر بسيط عليها مع تطور أنظمة الاتصال والمحاكاة فيما بينها وسرعة اتخاذ القرارات وإعادة التشكيل، وحتى تُحسم المعركة نجد غواصات وسفن حربية ذاتية القيادة وتقوم بعملياتها المرسومة وفقًا لمتغيرات الأرض وتغييرات العدو، وحتى تقضي على العدو، يُربط كل هذا بصواريخ عابرة بالستية أو صواريخ قادرة على المناورة تُطلق من الطائرات، وتخيل أن تُدير كل هذه العمليات كلها في وقت واحد كمبيوترات عملاقة قادرة على تنفيذ ملايين العمليات الحسابية في وقت واحد، ومرتبطة بطائرات استطلاع تجوب أجواء المعركة، ولديها اتصال بكل قطعة تشارك في المعركة وتقوم بتحريك جميع العناصر لتنسجم مع بعضها البعض.

للوهلة الأولى قد تقول قد حُسمت المعركة وانتهت الجولة، لكن ما رأيك إن أضفنا عنصرًا مهمًا في حروب الروبوتات، وهي أن يتم دمجها مع الحروب الرقمية، وفي وسط المعركة تنفذ الكمبيوترات محاولة اختراق لأجهزة العدو والتشتيت عليها أو محاولة السيطرة عليها، حينها ستجد أن من يتحكم في هذه الروبوتات ومن يستطيع اختراقها هو من يحسم المعركة لا مفر من ذلك.

بوجهة نظري أن الخطورة لا تكمن في امتلاك كل هذه التقنيات والتطورات؛ بل الخطورة في إيجاد كل هذه المنظومة بأكملها لتعمل كوحدة قتال روبوتية شاملة وواسعة النطاق، حينها ستكون المعارك والحروب لها اعتباراتها الخاصة، فلن يخاف البشر من مسألة فقدان الجنود أو تكاليف الحرب البشرية؛ بل ستتمكن هذه الأنظمة من تنفيذ مهماتها دون أن تعود لأوطانها بإصابات وإعاقات، ولن يُطالب أهلها بالتعويضات ولا البدلات! ولن تجد من يتعاطف ليوقف حربًا أو معركة، طالما الخسائر حديد وأسلاك ووحدات كهربائية وحواسيب.. لن تجد إنسانًا يعاني من آثار ساحات الحرب، فيطالب بوقفها أو منعها؛ بل سنشجّع عليها طالما لن تسيل الدماء، ومثل هذه التقنيات مُرعبة جدًا ليس لقوتها وقدراتها ودقة عملياتها فقط؛ بل الخطورة تكمن في أن هذه الروبوتات لن يكون لديها أي مرجعية أو أي اعتبار لا إنساني ولا سياسي ولا حتى ديني أو عقلاني، فهي مجرد آلات تنفذ أوامر البرمجيات، وكلما تقدمنا في برمجتها، سنجعلها مدمرة بشكل أكبر ومن الصعب تدميرها.

عزيزي القارئ.. الأمر لم ينتهِ هنا وما ذكرته ما هو إلا جانب من حروب الروبوتات، فماذا لو قلت إنَّ الإنسان كجندي سيدخل المعركة بقدرات خارقة هو أيضًا؛ فحاليًا يجري البحث والتطوير لتطوير أنظمة ومعدات قادرة على جعل الجندي بطلًا خارقًا، كأن يقفز عاليًا ويمتلك قدرة كبيرة من الحركة والسرعة دون تعب، فهو يرتدي معدات تساعده على ذلك، ولديه نظارات ذكية تُمكِّنه من قراءة ساحة المعركة، كما إنه متصل بشكل نموذجي مع الوحدات الأخرى، وبكبسة زر يستطيع أن يُحدث تدميرًا كبيرًا حوله، بفضل أسلحته المتطورة والفتّاكة والمرتبطة بأنظمة شبه ذاتية تساعده على تحديد أهدافه واصابتها. في هذه الحالة سيعمل الروبوت والإنسان جنبًا لجنب لتدمير أكبر وقتل أكبر.

صحيحٌ أن هناك الكثير من المُنظمات والهيئات الأممية تحاول أن تحِد من سباق التسلح بأنظمة الذكاء الاصطناعي، لكن لا أتوقع أن تستطيع القيام بذلك، فكما طوَّر البشر أسلحة بيولوجية وأسلحة نووية من قبل رغم منعها وتقييدها، إلّا أن الكثير من الدول تمتلكها، فما هو الحال في أسلحة متواجدة حاليًا فقط تُضاف لها عناصر ذكية لتصبح أقوى وتمتلك قدرات خارقة!! بالطبع لن يتوقف أحد وجيوش الروبوتات سواءً الأرضية أو البحرية أو حتى الجوية، ستتواجد بكثرة في قادم الوقت.

** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط