هل سنمتلك سيارات طائرة في المستقبل؟!

 

مؤيد الزعبي **

نتخيل دائمًا بأن المستقبل سيحمل لنا الكثير من المفاجآت خصوصًا ونحن نتصور شكل المدن وشكل المواصلات فيها، ونتخيل تلك الطائرات الصغيرة التي نركبها ونسير فيها في السماء وتنقلنا لبيوتنا وأماكن عملنا بسرعة دون زحمة، ونتخيل تلك الصورة السينمائية ونحن نهبط أمام منازلنا ونترجل من طائراتنا الخاصة؛ فما الذي يحمله المستقبل لنا في هذا الخصوص؟ وهل سنمتلك طائرات في المستقبل؟

سؤال سنجيب عليه من خلال هذا الطرح.

تتسابق شركات التكنولوجيا لصناعة طائرات نقل شخصية، وقد قامت العديد من هذه الشركات بتجربة نماذج ناجحة لهذه الطائرات، وحتى نفهم أين وصلنا حتى الآن في هذا المشوار الطويل يجب أن نفهم أين وصلنا، وإلى أين وصلت الشركات في نماذجها وتطويراتها.

قبل سنة تقريبًا شاهدتُ التجربة الفعلية للسيارة الطائرة والتي قامت بها شركة xpeng الصينية؛ حيث قامت بتجربة طائرتها X2 بنجاح في دبي، بعد أن نجحت في اختباراتها في عدة مدن، وتُعد X2 طائرة تتسع لراكبين وحجمها صغير تستطيع قيادتها داخل المدن ولا تحتاج لمساحات كبيرة للهبوط والإقلاع، وقبل ذلك أختبرت شركة اي هونغ الصينية طائرتها من طراز 184 والتي تُعد أول طائرة ركاب صغيرة قادرة على حمل وزن 100 كيلوجرام، وتستطيع السير بسرعة 160 كيلومترًا في الساعة، وقامت شركة «إي بلين» الهندية، التي كانت وراء تصميم الطائرة الكهربائية المُبتكرة التي عرضتها خلال معرض إكسبو 2020 دبي، وتنوي طرحها بحلول ديسمبر 2024.

أيضًا قامت شركة "فولوكوبتر" الألمانية بتجربة اختبارات مركبتها "فولوسيتي"، بوصفها أول سيارة أجرة طائرة تعمل بالكهرباء ومرخصة للأغراض التجارية، وقد نجحت شركة «سكاي دراييف SkyDrive» اليابانية التي تتعاون مع شركة تويوتا بالقيام برحلة تجريبية لشخص واحد لأحد مشاريع السيارات الكهربائية الطائرة،  وأيضًا هناك مشاريع مماثلة لعمالقة النقل الجوي مثل شركة Airbus ومشروعها المعروف باسم فاهانا الذي أطلقته عام 2016 لتطوير حل للتنقل الجوي في المناطق الحضرية ليحل محل السيارات والقطارات للسفر لمسافات قصيرة، هذا بخلاف مشاريع شركات السيارات العملاقة مثل هيونداي موتورز وجنرال موتورز واللتان تقومان بتطوير نفس النموذج للوصول للسيارة الطائرة.

في الحقيقة ليست شركات التكنولوجيا وحدها من تتنافس في هذا الجانب؛ بل أيضًا هناك شركات كبرى تستعد لإطلاق خدمة "التاكسي الطائر" وعلى رأسها شركة أوبر والتي أطلقت مشروع "Uber Elevat" لإدخال سيارات الأجرة الطائرة ضمن خدماتها في النقل الشخصي والتجاري.

بخلاف السيارات الطائرة، هناك نماذج أخرى للطيران الشخصي وعلى رأسها "البدلة النفاثة" والتي شاهدنا العشرات منها؛ حيث تسمح للأشخاص بارتدائها والطيران لمسافات قصيرة، وصحيح أن هذه النماذج يراها البعض خطيرة ولكن المستقبل يحمل الكثير من التطورات خصوصًا فيما يتعلق بالسلامة، وأعتقد أننا سنستخدمها في تنقلاتنا كوسيلة من وسائل التنقل المستقبلية.

في المستقبل.. سنمتلك طائراتنا الخاصة بدلًا من السيارات أو على الأقل سنستخدمها في التنقل الجماعي كوسيلة من وسائل المواصلات، وستطلق الكثير من الشركات خدمات التنقل المريح أو السريع لنجد هذه الطائرات تجوب مدننا وسماءنا، والأمر ليس ببعيد؛ فالتجارب قد بدأت والنماذج الأولية وجدت، والقوانين التنظيمية يتم وضعها وصياغتها، ولم يتبق سوى الإعلان عن التشغيل التجاري والبدء بالمرحلة الجديدة من التنقل.

رغم أن الأمور قد تبدو إيجابية من جانب، إلا أنها سلبية من جانب آخر؛ حيث إن الصعوبات التي ستواجهها هذه التقنية وهذا التطور كثيرة وعديدة، بداية من وجوب إجراء الكثير من التعديلات على البنية التحتية في المدن لتستوعب مثل هذه الطائرات مثل إيجاد أماكن للهبوط والإقلاع. وصحيح أن هذا الأمر محلول نسبيًا نظرًا لحجم هذه الطائرات وعدم احتياجها للكثير من المساحة، لكن ما هو صعب نظريًا صعوبة تنظيم الطيران، خصوصًا وأنها ستؤثر على حركة الملاحة الجوية، وما هو إيجابي في هذه النقطة أن أغلب هذه الطائرات يتم العمل عليها لتكون ذاتية القيادة؛ أي إنه مرسوم لها خط سير معين وبارتفاعات معينة لتجنب تصادمها مع أجسام أخرى.

الأمر الآخر الذي يشغل بال الكثيرين، هو موضوع السلامة وصحيح أن التجارب الأولية ثبتت سلامة الاستخدام، ولكن الأمر لا يخلو من الخطورة، خصوصًا في حال انتشارها بشكل موسع حينها تظهر جميع العيوب ومن هنا تكمن المعيقات والتحديات.

حتى نصل للزمن الذي نكون فيه قد امتلكنا طائراتنا الخاصة أو سياراتنا الطائرة، يجب أن نُجرِّب وأن نخوض هذه التجربة أولًا من ناحية التطوير التقني والفني والهندسي، وثانيًا أن نطور المنظومات والقوانين الملاحية لتسوعب هذا الجديد في سمائنا، وصولًا لقبولنا لتجربتها لتعم التجربة وتصبح واقعًا في مستقبلنا وتُسهل حياتنا وتنقلاتنا؛ وإلى ذلك الحين سنبقى نتابع التجارب ونثق بالتطورات، حتى نجدها يومًا تجوب السماء من حولنا.

** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام- الشرق الأوسط