طموحات وتحديات تقنيات الهندسة الطبية

 

مروة بنت أحمد الشهيمية

 

في ظل التسارع المستمر في مجال التقنيات الطبية وإمكانيات الاستفادة منها وتجنب الخطورة الناتجة عنها والتحولات الهائلة والمستمرة في هذا المجال الحيوي سأتحدث عن أهم التعريفات والمفاهيم والتحديات والفرص المتاحة والحلول المقترحة على أمل أن نصل إلى توصيات تسهل على الجهات الصحية المعنية الأخذ بها والتي تسعى بلا شك في تطوير هذا القطاع على أمل أن تتبعه مقالات أخرى ذات علاقة.

ومن باب تبسيط الموضوع على القارئ الكريم فإن الأجهزة الطبية تشتمل على أحدث التقنيات الصحية وأجهزة التصوير المتطورة وأجهزة التشخيص الدقيقة والجراحة الروبوتية والذكاء الصناعي وتحسين أجهزة الحقن الدوائي وتطوير وتحسين الأجهزة والإمدادات الطبية المختلفة ورفع كفاءتها من حيث التكلفة التي تساهم في تحسين الصحة والرفاهية البشرية وتطوير هندسة أنسجة الأعضاء؛ حيث إن هذه التقنيات غالية الثمن تتحملها الحكومات والمنظمات الطبية والمرضى أنفسهم ورغم تطور هذه التقنيات لا تزال هناك الكثير من التحديات التي يجب التغلب عليها للوصول إلى نقلة نوعية في الرعاية الصحية وتوفرها لجميع طبقات المجتمع. والتقدم التكنولوجي الحديث والمتطور قد يوفر العديد من الفرص والإمكانيات لمعالجة الأمراض المستعصية والتغلب على التحديات الصحية التي تواجهها المؤسسات الصحية بمختلف مستوياتهم، إلا أنه يمكن التغلب عليها بالمزيد من التقنيات الأحدث مع استغلال المعارف والخبرات الهندسية التي ستساهم دون أدنى شك في تخفيض التكاليف المتغيرة المصاحبة للعمليات التشغيلية والتي بدورها ستتغلب على التحديات التمويلية والتوعوية والعوامل الثقافية والاجتماعية لكي تتبنى التقنيات الأحدث، وتوزيعها جغرافيا على المحافظات قدر الإمكان وبالتدريج إلى جانب رفع مستوى الموارد البشرية في هذا المجال.

وهنا يأتي دور مهندس الطب الحيوي حسب العرف العالمي أو مهندس الأجهزة الطبية، كما يطلق عليه محليًا؛ حيث إن مهندس الطب الحيوي يُطلق على الشخص الذي يتولى تصميم وتطوير الأجهزة الطبية الحديثة، ويُساهم بشكل كبير في مجال البحث العلمي والتجارب السريرية والإكلينيكية والبحثية. ويعدّ مهندس الطب الحيوي من أهم الكوادر في المجتمع الطبي في المجالات الحيوية والبيولوجيا الحديثة وذلك نظراً لدوره المهم في تحسين صحة البشرية وإيجاد حلول طبية ومخبرية للعديد من الأمراض وتحسين حياة المرضى.

ويأتي هذا الحديث لإرشاد مهندسي الأجهزة الطبية والعاملين الصحيين والاختصاصات الصحية المساعدة بمختلف اختصاصات مهندس الطب الحيوي، من بينها تصميم الأدوات والأجهزة الطبية، وتحليل ومعالجة البيانات الطبية والأحيائية والاشتراك والتواصل مع علماء الأحياء والطب بمختلف مجالاته كذلك الأطباء والباحثين وغيرهم للمساعدة في تطوير علاجات وتقنيات جديدة للأمراض، وتصميم وتطوير المعدات الطبية والأجهزة والإمدادات الطبية ورفع كفاءتها بما يتناسب مع كلفتها، كما ينفذ اختبارات المواد الطبية ويقوم بتطبيق التكنولوجيا الحيوية في الأبحاث السريرية وهندسة الأنسجة البشرية وفحص الأجهزة والمستلزمات الطبية للتأكد من صحتها وجودتها. وهناك عدة تحديات يواجهها مهندسو الطب الحيوي في سلطنة عُمان، يمكن تلخيصها في ضعف الوعي العام لدى المهندسين والفنين أنفسهم في مكونات وإمكانيات التقنية للأجهزة الطبية بالمهام المختلفة، وبالتالي الحد من القدرة على تنفيذها وبقاء عمل المهندس الطبي حكراً على أعمال الصيانة والتركيب والمشتريات والإشراف العام على تشغيل الأجهزة وعدم التوسع في التخصصات الفرعية كهندسة الأنسجة والخلايا، هندسة النظم والشبكات الطبية والهندسة الإكلينيكية، ضعف موارد التمويل للأبحاث حيث يحتاج مهندس الطب الحيوي إلى الحصول على الموارد والدعم اللازم لفهم التكنولوجيا الحديثة لتطوير المعدات والأجهزة الطبية ومواكبة التطور التكنولوجي في هذا المجال العمل في بيئة تنظيمية حديثة وواضحة.

وهذا يتطلب وجود خبراء ومدققين ومختبرات مختصة بذلك، ضعف ربط البرامج التعليمية بنظام تدريبي داخلي لطلبة هندسة الطب الحيوي قبل التخرج لرفع الأداء التعليمي وزيادة التنسيق والتعاون بين المؤسسات الصحية والتعليمية والصناعية مضاعفة الجهود لتسريع وتيرة التقدم والابتكار في مجال الرعاية الصحية في القطاع العام وبالذات في القطاع الخاص الذي بدأ التوسع بسرعة في تقديم الخدمات الصحية المكملة لجهود وزارة الصحة؛ حيث إن الاسترشاد بالتقنيات المبتكرة لرفع كفاءة التقنيات الحالية التي بإمكانها الإسهام بفعالية في علاج الأمراض المختلفة ورغم ذلك لا يمكن إنكار أن أغلب التقنيات الطبية المستحدثة تتطلب تمويلا للبحوث الإكلينيكية لتحقق من كفاءتها وفعاليتها وعدم وجود آثار جانبية لها.

ويمكن تذليل التحديات من خلال خلق مساحة ومنصات لتبادل الخبرات بين الممارسين الصحيين محليا ودوليا للحوار وتبادل الخبرات في تطوير أداء هذه التقنيات والاستخدام الأمثل لها وبلورة رؤية مشتركة بين مؤسسات القطاع العام والخاص والجهات التشغيلية والتصنيعية لضمان توفر أفضل التقنيات الطبية وتطبيق أحسن الممارسات الصحية، تشجيع وتمويل المشاريع البحثية لتطوير التقنيات الطبية وأخيرا إقامة ندوة موسعة برعاية وزارة الصحة ومشاركة القطاع الصحي الخاص والمنشآت التعليمية والصناعية والتنفيذية ذات العلاقة بالقطاع الصحي لمناقشة التحديات الحالية وتوفير الحلول المناسبة لمستقبل صحي واعد ومتوافق مع رؤية "عُمان 2040".

** مهندسة أجهزة طبية

تعليق عبر الفيس بوك