سارة البريكية
مرت سنة أخرى.. لن تكون موجودًا فيها معنا لن نستمع لصوتك، ولن نرى فرحة عينيك وابتهاجك ككل عام بشهر رمضان المبارك ناقص وجودك بيننا، وناقصة ضحكاتك وسجداتك وتلاوتك للقرآن، لن ننتظر عودتك فأنت ذهبت ولن تعود، وبقي شيء في الروح يختلج المشاعر لا نستطيع التعبير عنه بتاتًا لأنه لا يُقال يبقى في أقصى مساحات الفؤاد هناك ينام ويصحو ويتنفس معنا إحساساً بأننا سنلتقي ولكن في زمن آخر.
تسعد الأمة الإسلامية بدخول أجمل الشهور وأفضلها وأقربها إلينا ألا وهو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فسعِد البشر وفتحت أبواب الجنان تستقبل في لحظة شوق وترقب أصوات الصلوات والدعوات والتراويح والنوافل وختمات القرآن ونفحات الإيمان المختلفة.
يسعد الناس بشهر رمضان ويسعد كل من في الأرض وإحساس غريب يراودنا وفرحة تغمر النفس وشعور مختلف.
يفرح الأطفال برمضان رغم أن تفكيرهم مختلف، فهم لا يعون ما رمضان، إلا أنهم يحبون طقوسه من وإلى تعليق الفوانيس وإعداد الإفطار والروحانيات المختلفة، أما البعض الآخر فيسعد لكونه أول عام يصومه مع أسرته فيحس بالفخر والقوة والتباهي والفرح.
في رمضان هناك الأجر مضاعف والحسنات مضاعفة والأجور تزيد وفي رمضان نتصارع مع النفس ونكون في جهاد عظيم فإما أن نستغل هذه الأوقات وإما أن تضحك علينا أنفسنا.. الوقت الذي يذهب لا يعود وساعات رمضان وأيامه معدودة فلنجاهد النفس مجاهدة حقيقية ولنتغلب عليها تغلبا كاملا لنشعر بالسعادة الأبدية والفوز برضى الله وتوفيقه وجنته.
الناس في مشارق الأرض ومغاربها إذ تستقبل هذا الشهر الفضيل أجمل استقبال، يحزننا أن هناك عوائل وأسر لم يكن بمقدورها أن تكون معنا في هذه السنة لما حدث من أحداث أخيرة كزلزال تركيا وسوريا المدمر. وأما الأسر التي فقدت أشخاصا منها بسبب المرض والحوادث والذي أدى إلى الموت سيكون وقعه مختلفا عليهم، إلا أن رمضان يبقى رمضان ولكن وجود الأسرة والأهل والأحباب هو إحساس مختلف. وقد يختلف رمضان في طقوسه من فترة عمرية إلى فترة ما، فعندما كنا صغارا كنَّا نرى رمضان في طبق الحلويات وعندما كنَّا في فترة المراهقة شاهدنا المسلسلات وعندما كبرنا أدركنا أن تضييع الأوقات لن يجعلنا سعداء وإنما سنكون في إخفاقات كثيرة فلا يغرك المسلسل الفلاني أو البرنامج الفلاني عود نفسك وأغلق التلفاز فما كل هذا إلا مضيعة للوقت فرمضان شهر الطاعة والعبادات والصلوات لا شهر تضييع الأوقات وعندما تغالب النفس والهوى تنتصر عليها بجدارة وتكتب عند الله مجاهدا وكم هذا الشعور جميل.
يجب علينا ألا ننسى الأسر المعسرة التي لا يمكنها أن توفر ولو الشيء البسيط من مأكولات خاصة بهذا الشهر وعادات قد تعودنا عليها لذا يجب علينا المساهمة والمساعدة بما نتمكن وبالشيء اليسير ولا ننسى الأسر المتعففة التي لا تطلب الناس والتي قد يخيل للأذهان أنها مكتفية فلربما خلف الجدران أطفال تبكي وأب وأم ليس بإمكانهما فعل شيء لعدم توفر المال اللازم لإفطارهم من هنا أدعو جميع الجمعيات الخيرية والناس الطيبة للمساعدة والمساهمة في إدخال البسمة على تلك الأسر وأقصد بها المتعففين وذلك بالسؤال عنهم وعن أوضاعهم وأن لا نكتفي بالظن.
دعاء صادق للجميع ودعاء خاص لسيدي جلالة السلطان أن يمدكم الله بالصحة والعافية وكل عام وأنتم بألف خير بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، وكل عام وأنتم ترفلون في ثوب العز والسؤدد والسلام.. حفظ الله عُمان وسائر بلاد المسلمين.