آفاق ومستقبل القطاع العقاري في عُمان

 

سالم البادي (أبومعن)

سعيا منَّا لتعزيز مكانة وأهمية القطاع العقاري بسلطنة عُمان وحرصا منَّا على أهمية غرس المبادئ والقيم الأخلاقية والمهنية والمعرفية السليمة الصحيحة، وترسيخ الثوابت والمعايير العالمية في نفوس المتعاملين والعاملين والمهتمين والمستثمرين بالقطاع العقاري، ارتأينا تسليط الضوء على التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجه السوق العقاري بسلطنة عُمان، ووضع بعض المقترحات والمرئيات والحلول التي قد تساهم في تحسين وتطوير وتنظيم القطاع، وإبداء الرأي نحو رسم سياساته المستقبلية ومدى تنفيذها على أرضية صحيحة وبيئة سليمة .

كما هو معلوم بأن تكرار المؤتمرات والندوات والمعارض السنوية والدورية في العقود الماضية لم تأتِ بالنتائج المرجوة والتي كانت من المفترض أن تسهم إسهاما كبيرا في تطوير وتنمية القطاع العقاري أو تنعكس إيجابا على العاملين والمهتمين بالقطاع، وللأسف لم تكن ذات جدوى اقتصادية كبيرة .

سبق وذكرنا في مقالات سابقة أن القطاع العقاري في أي دولة هو "عصب الاقتصاد" كونه هو القائم عليه جميع مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية والصناعية والترفيهية وغيرها .

فإذا ما توقدت الهمم العالية والإرادة الحقيقية لدى المعنيين بالقطاع العقاري حول مستقبل واعد للقطاع، بلا شك ستكون النتيجة إيجابية وفاعلة ومرحب بها من جميع المتعاملين والعاملين والجهات المعنية المختلفة بالقطاع العقاري بالسلطنة والمستثمرين، وبلا شك أنه سينعش السوق العقاري لمستويات أعلى وعوائد مالية أكبر.

وحتى نحصل على قطاع عقاري بناء وفعال وحيوي ومنتج جيد، وحتى يصبح ركيزة وطنية أساسية للاقتصاد الوطني، وكوننا شركاء في تطور وتنمية هذا القطاع، والواجب الوطني والمهني يحتم علينا أن نكون متضامنين مع جميع الجهات المختلفة للرقي والنهوض بهذا القطاع إلى مستويات أعلى، واستكمالا إلى ما أردفناه من آراء ومقترحات سابقة للارتقاء بالقطاع إلى آفاق أوسع وأرحب، نضيف مجموعة مقترحات، فيما يلي:

أولًا: إنشاء هيئة عامة للعقار، فما زلنا نكرر أهمية إنشاء هيئة مستقلة إداريا وماليا تعنى بهذا القطاع وتتبع مجلس الوزراء، بحيث تجمع كل الجهات المعنية بالقطاع تحت قبة واحدة ومظلة واحدة، ويسهل ويبسط ويسرع من عملية تنمية القطاع وتطويره وتنظيمه وسن قوانينه وتشريعاته الخاصة به، هذا إذا ما علمنا أن هناك دول سبقتنا في هذا الجانب وبالإمكان الاستفادة من خبراتها.

ثانيًا: تعزيز التكاملية فيما بين جميع الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.

ثالثًا: سرعة الانتهاء من تطبيق "نظام الوساطة العقارية" الإلكتروني في جميع محافظات السلطنة ليسهل ويبسط ويسرع تخليص جميع الأعمال والتداولات العقارية.

رابعًا: استكمال البنى التحتية لجميع المخططات المعتمدة من قبل الحكومة والتي تم توزيعها للمواطنين وصالحة للاستخدام بجميع استعمالاتها.

خامسًا: مراجعة وإعادة النظر في تخفيض أو أعفاء المواطنين من بعض الرسوم الحكومية للتخفيف عليهم حتى يكونوا قادرين على استكمال إجراءات البناء.

سادسًا: إعادة النظر في بعض القوانين والأنظمة والتشريعات المتعلقة بالاستثمار والتملك الأجنبي وبالتنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة للتشجيع على جذب الاستثمارات الخارجية وزيادة حركة السوق العقاري.

سابعًا: طرح مزيد من مساحات الأراضي والمخططات للانتفاع، للتحفيز والتشجيع على جذب المستثمرين المحليين والأجانب.

ثامنًا: التشجيع والتحفيز لزيادة العاملين العُمانيين بالقطاع من خلال التسهيلات الحكومية وإعفائهم من الرسوم وزيادة الدعم المالي لهم، ومتابعتهم ومراقبتهم وصقلهم بالورش والدورات المهنية والفنية ليصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم ومساهمين في عجلة البناء والتطوير العقاري.

تاسعًا: زيادة أواصر التواصل والترابط بين العاملين والمطورين والمسوقين والوسطاء العقاريين وبين جميع الجهات المعنية حول تطوير وتنمية القطاع العقاري، وتبادل المعلومات والخبرات وسبل الارتقاء بالقطاع ليصبح رافدا اقتصاديا مهمًا من روافد الاقتصاد الوطني.

عاشرًا: البحث عن حلول وأفكار مبتكرة وسريعة بما يتعلق بالأراضي "البيضاء" والتي مرَّ عليها عقود طويلة وأصبحت تسبب أزمة بيئية وتخطيطية وتنموية وصحية أيضا وعبئا على مؤسسات المجتمع.

أحد عشر: البحث عن حلول وأفكار مبتكرة وحديثة وسهلة لمعالجة المدن والحارات القديمة واستثمارها الاستثمار الصحيح سواءً تهيئتها لتصبح صالحة للسكن أو للسياحة أو هدمها وترميمها وتطوير بنيتها التحتية وغيرها من الحلول.

اثنا عشر: التركيز على نشر ثقافة إقامة المدن الذكية، من أجل مواكبة متطلبات العصر الحديث، وإثراء السكان وتحسين البنية التحتية وتحسين الخدمات، وتحفيز الاستدامة، وتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصحية.

ثلاثة عشر: تجديد وتحديث وتعديل بعض سياسات القطاع المصرفي والتمويلي والرهن العقاري نحو سبل جديدة ومتطورة بحيث تتواءم مع التطورات والمتغيرات الحالية نحو النهوض بالقطاع العقاري.

أربعة عشر: تمكين وتنظيم سوق العقار وخاصة "مهنة الوساطة العقارية" وتطبيق قانون العقوبات على المخالفين سواءً للوسطاء غير المرخصين أو المطورين أو المسوقين غير المرخصين للحد من المتلاعبين بالسوق، ونشر ثقافة الوعي والمصداقية والشفافية في التداولات والمعاملات العقارية من أجل كسب ثقة المستثمرين ونشر المعلومات والأخبار والأسعار الصحيحة بالقطاع العقاري.

خمسة عشر: زيادة التركيز على التواصل الدبلوماسي مع سفارات الدول الشقيقة والصديقة داخل وخارج السلطنة من خلال التشجيع والتحفيز والترويج عن فرص الاستثمارات بالسلطنة بشتى المجالات.

إنَّ انتعاش القطاع العقاري مرتبط ارتباطًا مباشرًا بانتعاش جميع القطاعات الاقتصادية بالسلطنة، لذلك يجب على جميع الجهات المعنية بالقطاع تحمل المسؤولية الكاملة من أجل التعامل مع التحديات والعراقيل التي تحد من استقرار القطاع العقاري بموضوعية وجدية تامة، ليصبح هذا القطاع المورد الاقتصادي الأول في رفد خزينة الدولة بموارد مالية كبيرة، وذلك تطبيقا لرؤية "عُمان 2040" والتي جاءت أهدافها المنشودة إلى التقليل من اعتماد الدولة على عوائد النفط.

وأخيرًا.. نود أن ننوه بأن العقار هو صناعة وليس سلعة، لذا نرجو ونمني النفس من الجهات الحكومية المعنية بالأمر أنه في حالة استحداث أو مراجعة أو استبدال بعض التشريعات والقوانين والأنظمة، أو استحداث أو زيادة رسوم وضرائب حكومية أن يتم أخذ آراء واستشارة "أصحاب المهنة" العاملين والمهتمين بالشأن العقاري والمستثمرين والمطورين العقاريين، بحيث من الضروري بمكان أن يتم اللجوء إلى أهل الخبرة والاختصاص، وذلك من أجل الحفاظ على استقرار واستمرار السوق العقاري، ومن أجل السماح بالمشاركة والمساهمة في صنع القرار؛ بما يخدم المصلحة العامة لتطوير وتنمية القطاع العقاري بسلطنة عُمان.