الجابري.. والبيان والبرهان والعرفان

 

عيسى الغساني

محمد عابد الجابري مفكر وفيلسوف ولد في 27 ديسمبر 1935 بفكيك بالمغرب، ورحل 3 مايو 2010 وترك خلفه إرثا فكريا وإنسانيا شكل إضافة نوعية أوقدت قلوب وعقول المفكرين والباحثين في شتى بقاع البسيطة، له قرابة 30 مؤلفا في قضايا الفكر المعاصر أبرزها نقد العقل العربي والذي ترجم إلى عدة لغات أوروبية وشرقية، وهو كذلك مختص في فكر ابن رشد.

قدّم الجابري ثلاث ركائز للنظر إلى الفكر وهي: البيان والبرهان والعرفان، ويرى الجابري أنَّ تصور ابن رشد بأن البيان أخذ بعدًا أعمق وأهم من البرهان والعرفان، ومرجع ذلك إلى الظروف التاريخية للشرق، وإلى التدافع والتداعي بين أطروحات السيطرة والتحرر والتجرد.

والأركان الثلاثة لنقد العقل العربي هي البيان والبرهان والعرفان.

ويمكن التعريف بعلم البيان اصطلاحاً على أنّه أحد علوم البلاغة في اللغة العربيّة، وهو يعني الوضوح، والإفصاح، وإظهار المقصود بأبلغ لفظٍ حتى تظهر الحقيقة لكل سامع، إضافة إلى تعريفه من علماء اللغة بأنّه: "العلم الذي يُعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه"، وذلك يعني أنّ هذا العلم يحتوي على مجموعة من القواعد المُستخدمة لإيصال المعنى الواحد بطرق وفنون مختلفة، مثل استخدام فنّ التشبيه أو الاستعارة، أو المجاز أو الكناية.

والبرهان بعبارة مبسطة هو جمع ما يكفي من الأدلة والحجج المنطقية للدلالة على حقيقة مفترضة،الفرضية هي تفسير مقترح لظاهرة ما. يشترط المنهج العلمي أن يتمكن المرء من اختبار الفرضية لكي تصبح علمية. يبنى العلماء الفرضيات العلمية بشكل عام على الملاحظات السابقة التي لا يمكن تفسيرها على نحو مُرض بالنظريات العلمية المتوفرة.

ولا تعد الفرضية العلمية مكافئة للنظرية العلمية، حتى وإن استُخدمت كلمات «فرضية» و«نظرية» بشكل مترادف في أغلب الأحيان. أو هناك الفرضية الإجرائية هي فرضية مقبولة ومقترحة بشكل مؤقت من أجل المزيد من البحث، في عملية تبدأ بتخمين أو فكرة علمية. والعرفان لغة هو لفظ مشتق من المعرفة : «والمعرفة أخص من العلم إذ العلم هو الإلمام بالكليات بينما المعرفة هي إدارك الجزيئات للكل باستشعار واستلهام قدرات وطاقات ما وراء الحواس أو الطبيعة  ويقول ابن سينا الزاهد لايسمح لنفسه بسيطرة الملذات.

أما الصوفي  فهو المترفع عن ما تقتضيه المادة، وليس في عقله ووجدانه سوى الحقيقة والتجلي.

وتأتي نظرية المعرفة كأحد طرق قراءة فكر الجابري؛ حيث يقول د. زكي نجيب محمود: "تحليل المعرفة الإنسانية من شتى نواحيها يوشك أن يكون الشغل الشاغل للفلسفة من القرن السابع حتى اليوم. ما طبيعة المعرفة بصفة عامة، بصرف النظر عن نوع الحقيقة المعرفة؟ والمصدر الذي يستقي منه الإنسان معرفته، وهل بمقدور الإنسان أن يتناول بمعرفته كل شيء بغير تحديد أم لمقدرته حدود تلك باختصار هي جل المسائل التي يحاول الفكر أن يعالجها عند النظر إلى إشكالية المعرفة"، وطريقة في ذلك الأنطولوجيا والابستمولوجيا.