"أبراج".. نجحت قبل أن تُطرح

 

خلفان الطوقي

للتنويه فقط، هذه المقالة ليست دعاية للاكتتاب من عدمه في أسهم شركة أبراج لخدمات الطاقة التي طرحت ما نسبته 49% من أسهمها (حوالي 377.3 مليون سهم) للعامة من أفراد ومؤسسات محليين ودوليين؛ حيث إنَّ هدف المقالة هو تحليل فكرة طرح الشركة في بورصة مسقط من شركة مُغلقة لتكون شركة مساهمة عامة، فهل فكرة الطرح ناجحة أو أنها سوف تنجح؟ ويبقى ما هو مطروح تحليل شخصي.

المعطيات الأولية تشير إلى أن فكرة الطرح للاكتتاب العام في شركة أبراج سوف تنجح للأسباب التالية:

الترويج المكثف؛ حيث إنِّه ولأول مرة يكون هناك ترويج بهذه الكثافة، فمعظم وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية- إن لم يكن جميعها- استضافت الإدارة التنفيذية العليا لتسليط الضوء على الطرح، بالإضافة إلى وجود حملة ترويجية شاملة استخدمت كل الأدوات التسويقية منذ فترة طويلة عن الشركة وإنجازاتها، والجولات في بعض محافظات السلطنة بالتعاون مع الهيئة العامة لسوق المال وغرفة وتجارة صناعة عُمان.

التخفيض الخاص بالأفراد: يسعى جهاز الاستثمار العماني- عبر مجموعة OQ العمانية- من طرح هذا الاكتتاب إلى تشجيع صغار المستثمرين على الاستثمار في هذه الشركة؛ بمنحهم سعرًا تفضيليًا بتخفيض يصل إلى 10% (224 بيسة للسهم) مقارنة بكبار المستثمرين من صناديق وأفراد، وهذه الخاصية- حسب علمي- تُمنح لأول مرة في الشركات المساهمة العامة في بورصة مسقط.

المرونة: لم تكتفِ الشركة بمنح صغار المُساهمين سعرا تفضيليا فقط، بل منحت نسبة مرنة لهم، ففي حال وجود كثافة من هذه الفئة للاكتتاب ووصلوها إلى نسبة 15%، فإنَّ النسبة سوف تزيد تلقائيا لتصل إلى ما نسبته 35%، وهذه خاصية إضافية وتطبق لأول مرة في عمليات التحول من شركة مغلقة إلى شركة مساهمة عامة.

البيانات المالية: جميع البيانات المالية لشركة أبراج تشير إلى نمو سنوي في الأصول، ومبيعات سنوية تصل إلى 125 مليون ريال عماني، وأرباح في عام 2021 تصل إلى حوالي 18 مليون ريال عماني، ونسبة فائدة تصل إلى 11%، وعشرات العقود المتوسطة والطويلة محليا وإقليميا بعضها يمتد إلى 10 سنوات، كما إنها تملك أكبر حصة سوقية في السلطنة، كما تعهدت الشركة بتوزيع 85% من الأرباح لسنة المالية 2022 للمكتتبين الحاليين في أبريل 2023، وفي لحظة كتابة هذه المقالة استطاعت الشركة توقيع عقود مع الشركة الكويتية لنفط الخليج، ومع شركة شيفرن السعودية لاستخراج النفط والتنقيب عنه في الكويت، والكثير من المؤشرات الإيجابية.

التوجه الحكومي: هذا الاكتتاب هو الأول من الخطة المعلنة لجهاز الاستثمار العماني والذي قد يشمل حوالي 3 شركات حكومية من الآن إلى نهاية عام 2025، عليه وبما أن هذا الطرح هو باكورة الخطة، فكان لابد له أن يكون طرحا ناجحا يمكن أن يستقطب مساهمين جددا لهذا الطرح، وباقي الاكتتابات المستقبلية.

المنافسة المحلية والدولية: من المتوقع لهذا الاكتتاب أن يتم تغطيته بأضعاف ما هو مطروح والسبب هو إقبال بعض المستثمرين الدوليين لشراء حوالي 151 مليون سهم منهم صندوق الاستثمارات العامة السعودي بما نسبته 20%، والشركة العالمية شلمبرجير لخدمات النفط بنسبة 10%، وصندوق تقاعد ديوان البلاط السلطاني بنسبة 10%. ويتردد في بعض الأوساط أن هناك مفاوضات مع مستثمرين دوليين آخرين. وهذه المشاركة المبكرة من أسماء مرموقة وموثوقة بها، مؤشر إيجابي لتشجيع المشاركة المجتمعية والمؤسسية الواسعة التي سوف يشهدها هذا الطرح.

سهولة الاكتتاب: مع توفر التقنية الحديثة والربط الإلكتروني أصبح استخراج رقم للمساهمين الجدد من شركة مسقط للإيداع والمقاصة سهلا، إضافة إلى ذلك الاكتتاب وشراء الأسهم يكون من خلال التطبيقات الإلكترونية التابعة للبنوك التجارية المختلفة، وهذا بحد ذاته يعتبر من المحفزات الإضافية لخوض تجربة شراء وبيع الأسهم دون عناء يذكر.

جميع المؤشرات الأولية تدل على مشاركة واسعة، فهي خطوة في الطريق الصحيح توسعة رقعة أحجام التداول في بورصة مسقط، وجذب رؤوس أموال محلية وعالمية، وتمكين القطاع الخاص المستقل، وترقية بورصة مسقط لتكون سوقاً ناشئة تجذب الصناديق الاستثمارية الإقليمية والعالمية، ويبقى التحدي المقبل- في حال حقق هذا الطرح جميع أهدافه- الإجابة على التساؤل التالي: هل سيستطيع جهاز الاستثمار العماني طرح 29 شركة حكومية ناجحة خلال خطته الممتدة من الآن إلى نهاية عام 2025؟