التعليم.. بين عوالم الميتافيرس و"ChatGPT"

 

مؤيد الزعبي **

كثيرًا ما يُطرح هذا التساؤل؛ هل التعليم وأقصد هنا التعليم المدرسي والجامعي فهل يواكب تطورات العصر من تقنيات وعوالم وتطورات تكنولوجية ومفاهيم جديدة تدخل حياتنا، أم أنه مكتفي بعلوم قد يكون أحدثها ما تم إنتاجه قبل 10 سنوات، ولكن السؤال الأهم بالنسبة لي؛ كيف للتعليم أن يواكب كل هذا التطورات وأن يدخلها ويستفيد منها في تسهيل وتبسيط عملياته، وكما هي العادة في هذا الطرح، لنتعمق أكثر سويا عزيزي القارئ ونرى بعض الإجابات لهذه التساؤلات.

إذا تحدثنا عن أغلب مؤسساتنا التعليمية فهي لم تدخل أنظمة التكنولوجيا لا كجزء من تخصصاتها ومخرجاتها وخططها الدراسية، ولا حتى كأدوات مساعدة أو مساندة تبسط العملية التعليمية وتثريها بالمعرفة، فحتى الآن مازالت الكثير من خطط تطوير التعليم تستخدم التكنولوجيا على استحياء في تطوير مهارات الطلاب وهذا من جانب، ومن جانب أخر لا يوجد  آلية واضحة لكيفية الاستفادة من القدرات التقنية الحديثة.

وعند الحديث عن تقنيات الواقع الافتراضي VR أو الواقع المعزز AR تخيل كم من الشروحات التعليمية ستكون سهلة لو استخدمنا هذه التقنيات، وحينها لا حاجة لأن تشرح للطلاب الكون وكيف شكله ومكوناته وأين موقعنا منه نحن بل كل ما عليك أن تصور كل هذا الأمر باستخدام تقنيات الواقع المعزز وتستعرضها أمامهم تتحرك وتشرح نفسها بنفسها، أو تستخدم تقنيات الواقع الافتراضي وتدخلهم في عوالم افتراضية أقرب ما تكون للواقع من خلال نظارات الواقع الافتراضي أو بعض الأدوات المتطورة في هذا الجانب، ومع دخول تقنيات الميتافيرس نحن لن يكون بإمكاننا أن نستعرض الكون فقط بل نصنع كونا افتراضيا يدخل الطالب لهذا الكون ويكتشفه كما لو كان رائد فضاء يسبح بمركبته في هذا الكون الفسيح.

للأسف هناك من يتخوف من دخول هذه التقنيات إلى قطاع التعليم في حين أنها ستعمل على إثرائه بشكل كبير وستحسن من مخرجات التعليم بشكل واضح، فباستخدام هذه التقنيات يمكنك أن تصنع محاكاة لمحكمة مثلًا وتدرب طلاب المحاماة على كيفية المرافعة وتدخله في أجواء العمل الفعلي، أو أن تجعل الأطباء الجراحيين يقومون بمئات العمليات الافتراضية قبل أن تدخلهم غرف العمليات الحقيقية، أو أن تجعل طلاب الكيمياء يقومون بملايين التفاعلات الكيميائية قبل أن يجربوها في المختبرات والمعامل، أو أن تخلق محاكاة لبيئة عمل صحفي أو تلفزيوني لطلاب الإعلام يجربون فيها التقديم التلفزيوني والتعامل مع الأحداث وتغطية الأخبار في مناطق النزاع والمناطق المنكوبة وهذه المحاكاة ستخلق للطلاب الكثير من الخبرات، وكذلك جميع التخصصات؛ المهم أن تجد النموذج الصحيح لاستخدام التقنية في تطوير مهارات الطلاب.

اليوم ومع وجود تقنيات المحادثة الروبوتية ChatGPT قد يقول البعض بأنها ستؤثر سلبًا على التعليم لقدرتها على تقديم معلومات دون الحاجة لبذل الطالب أي مجهود أو أن تقوم بالقيام بدلًا عنه بحل الواجبات المدرسية أو إعداد البحوث الجامعية، ولكن رغم وجود هذه النظرة السلبية إلا أن هناك نظرة إيجابية أيضًا؛ فمثلًا يمكن أن تساعد هذه الأنظمة في تقوية معلومات الطلاب أو توظيفها في إعادة شرح المواد الدراسية كنوع من دروس التقوية أو الحصص الخاصة، او يمن استخدامها كنشاط تحفيزي للطلاب للاستفادة من المعلومات الهائلة التي يقدمها النظام، وفيما يخص البحوث والدراسات يمكن أن تساعد الباحثين وطلاب الدراسات العليا في توفير معلومات كثيرة عن الأطروحة قبل الشروع في كتابتها، وبدلًا من البحث في مئات المصادر يمكن أن تكون روبوتات المحاكاة مساعدك في البحث والدراسة، وعلينا استغلال هذه التقنيات لتطوير دراساتنا وما تقدمه من حلول لمشاكل معقدة أو الاسترسال في بحث مفهوم أو موضوع ما.

من وجهة نظري فإن التقنيات الحديثة عامل مهم لتطوير المنظومة التعليمية ويجب أن نستغلها أشد استغلال لتطوير مهارات طلابنا، وفي نفس الوقت التخصصات الجامعية يجب أن تواكب هذه الثورة في التقنية، والمقصد هنا ليس إيجاد تخصصات جديدة تتناسب مع هذه التكنولوجيا فقط بل يجب أيضًا إدراج كيف تعمل هذه المنظومة وكيف تساهم في تطوير جمع التخصصات، فمثلًا يمكن تطوير الخطط الدراسية لطلاب الإعلام ليواكبوا ما هو مستجد من تقنيات في عالم الإعلام، وكذلك الأمر في جميع التخصصات العلمية أو علوم الاجتماع، فالتقنيات الحديثة بدأت تأخذ حيزا كبيرا وتغير مسارات العمل في الكثير من القطاعات والتخصصات، وعلى مخرجات التعليم أن تواكب ما يستجد أو يستحدث بصورة سريعة ومناسبة، والأمر لا يتطلب قرارات جديدة بقدر من الانفتاح بشكل أكبر داخل المؤسسات التعليمية وادخال عنصر الإبداع كنوع من التخطيط المستقبلي للمنظومة التعليمة ككل.

تحدثنا عن كيفية الاستفادة من التقنيات لتطوير المسيرة التعليمية وهذا أمر مهم جدًا الخوض فيه.

** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط