ناصر بن سلطان العموري
لن نتكلم هنا عن أهمية المياه فقد ذكرها الله في كتابه العزيز حينما قال في سورة الأنبياء آية رقم 30 "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ"، ولن نتكلم عن مدى حاجة الإنسان لها فهذه معروفة منذ الأزل حينما قامت ومازالت تقوم حروب غير منظورة من أجل ترياق الشعوب وإن تكلمنا بشكل علمي فيجب أن نعلم أن الماء يغطّي 71% من سطح الكرة الأرضية (حوالي 95%) منها من مياه المحيطات.
ومع كل هذا وذاك ما زال البعض يعاني من ضعف إمدادات المياه؛ سواء من ناحية الأنابيب المستخدمة التي لا تتحمل ضغط المياه أو عند الأعطال الطارئة من انهيارات جبلية وغيرها؛ بل إن البعض ما زال في قائمة الانتظار، يترقب مد خدمة المياه له، هذا ونحن في القرن الحادي والعشرين!
تطرقنا عبر مقالات مختلفة في كتابتنا ومنذ سنين عدة، إلى ما تعانيه ولاية العامرات بمحافظة مسقط (العاصمة)، من انقطاعات للمياه وتأخر معالجة الأمر من الجهات المختصة رغم تشعبها واختلاف مسمياتها بين هيئات حكومية وشركات والمحصلة يشرحها الواقع المَعيش.
أصبح سكان ولاية العامرات يضعون أيديهم على قلوبهم عند سماع أخبار عن انفجارات للأنابيب أو أعطال مفاجئة، ويعدون العدة ويشحذون الهمة من أموال وعتاد لمواجهة ذلك، فقد تطول المدة؛ نتيجة عدم إعطاء الأمر أهمية قصوى وبالشكل الكافي من قبل الجهات المختصة بإمداد وتوصيل قطاع المياه وهذا طبعاً لا علاقة له بالتهديد والوعيد عند تأخر المواطن في دفع فاتورة المياه لأي سبب من الأسباب وما أكثرها في هذا الزمان؟! من باب حقي أخذه بكل الطرق أما حقك فيظل في حدود الإمكانيات المتوفرة والبدائل المتاحة.
الملاحظ للعيان أنه لا توجد خطط طوارئ واضحة المعالم للمناطق المتأثرة سوى البيانات وتصريحات المسؤولين التي تسعى لطمأنة الرأي العام.
لكن الواقع يختلف تمام الاختلاف، فهناك مناطق تتأثر بشدة حتى ما بعد عودة المياه، وهناك مناطق مُنعمة مجاورة للخزانات الرئيسية يسيل فيها الماء سيلًا ويرجع فورًا!
المواطنون في المناطق المتضررة التي يتأخر فيها وصول الماء ولعدة أيام يبحثون فيها عن صهاريج المياه وينتظرون بالساعات لايهم من يستغلهم ماديا ويرفع القيمة أضعافا من ضعاف النفوس طالما أنهم يوفرون شريان الحياة لأبنائهم وعند الاتصال والسؤال عن توقيت عودة المياه تكون الإجابة هي نفسها لدى جميع الموظفين (ان شاء الله قريب) والقريب يصبح بعيدا والمواطن مكتوب عليه تكبد مشقة العيش وإضافة انقطاع المياه لقائمة المعاناة.
المعاناة مستمرة ولم يُحل الأمر منذ سنين، والسؤال: هل الأمر بسبب الأنابيب الصدئة التي تغير البعض منها حسب ما نسمع من أخبار أم من ناحية طرق مواجهة الأزمات وعدم الاهتمام بها بالشكل الفوري؟!
أين الحلول السريعة والبدائل العاجلة لمواجهة مثل هذه الأزمات التي تنقذ المواطنين قبل استفحال الأمر أم أنها مكتوبة مطوية في الأدراج لا وجود لها على أرض الواقع والمفروض من قبل الجهات المسؤولة عن قطاع المياه أن تنوع البدائل وتجد الحلول وتتوقع مواجهة الأزمات حتى قبل حدوثها.
عند نشر هذه السطور، ربما تكون الحادثة قد مرت مرور الكرام والخزانات قد امتلأت من جديد ورجعت لها الحياة، لكن المواطن هنا لا يريد بيانات اعتذار منمقة؛ بل ما يريده الجودة في أداء الخدمة والسعى والحرص لعدم عودة نفس هذه الإخفاقات وما يصاحبها من سيناريو متكرر كل مرة وكأن شيئًا لم يكن.
وأخيرًا.. شهر مضان المبارك على الأبواب والمواطن يرجو ألا تتكرر مثل هذه الأزمات، وإن كان لدى الجهات المختصة مشاريع مستقبلية، فيرجى تأجيلها لما بعد الشهر الفضيل خشية وقوع الفأس في الرأس، ويكون المواطن هو من يدفع الثمن مثل كل مرة!