ناصر بن سلطان العموري
16 فبراير الجاري هو آخر يوم لاستقبال طلبات الترشح لعضوية مجلس الشورى، ورسالتي عبر هذا المقال رسالة الشارع العام، ومخاطبتي لكل مرشح هي مخاطبة من أحد أبناء عُمان، وعبر طيات هذا المقال هناك حديث صريح شفاف للمصلحة العامة لا غير.
تمنيتُ قبل المباشرة في عملية تلقي طلبات الترشح لعضوية مجلس الشورى للفترة العاشرة أن يكون هناك استبيان يُرسل ولو عن طريق الرسائل النصية للجمهور العام، لمعرفة رأيهم ليس عن العضو نفسه؛ بل عن سير العملية الانتخابية وكيف يرون أداء مجلس الشورى للمرحلة الحالية، وماذا يطمحون ويرغبون في القادم من تحسن يؤدي للأفضل، وبما يعكسه إيجابًا لصالح عُمان. فمجلس الشورى ممثل بالعضو المنتخب، ينبغي أن يكون من وإلى الشعب، فهو العين التي تبصر واللسان الذي ينطق والعقل الذي يقيم الأحداث ويحللها بنظرة واقعية مجردة وليس لمصلحة معينة.
حديثي هنا موجه للعضو الراغب في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الشورى وأطرح عليه السؤال الأهم: هل أنت مقتنع تمام الاقتناع بهذا الترشح؟ فلا يجب أن يكون ترشحك على أساس الاسم والقبيلة، فهذا زمن قد ولى؛ بل الترشح على أساس ما تملكه من مؤهلات وامتيازات ومقومات تؤهلك لأن تمثل ولايتك تحت قبة مجلس الشورى خير تمثيل، لا أن تكون مجرد رقم بين الموجودين، وما أكثرهم!
الطيبة والأخلاق من المواصفات المطلوبة، لكنها وحدها لا تكفي؛ فالمطلوب من عضو مجلس الشورى أن يقيم نفسه من باب (تقدير الذات) ومن كافة الجوانب العلمية والثقافية التي اكتسبها عبر مراحل حياته ومدى انعكاس ذلك على الدور الذي سيقوم به في المجلس عند مقابلته لمسؤول أو طلب إحاطة أو مسألة ضيوف المجلس في اللجان أو الجلسات العامة، كما يجب أن يكون مُلمًا بالولاية التي يمثلها خير تمثيل وعلى أكمل وجه، وألا يكون سبب الترشح رغبة منه في جاهٍ أو منصبٍ أو حتى نزوة! أو يرشح نفسه بطلب أو ضغط من جماعة أو قبيلة أو أفراد! والغرض هنا طبعاً مختلف حسب الأهواء والتوجهات لكل شريحة، فيا ليت أن يدرك المُرشّح أن خدمة عُمان أولًا والولاية التي ترشح عنها ثانيًا، يجب أن يكون الهدف الأسمى، لا أن تكون قراراته مُسيّرة من أجل خدمة من كانوا السبب في انتخابه.
من أجل معرفة مكامن الخلل على سبيل الإصلاح لوحظ في الآونة الأخيرة استمرار عزوف بعض المواطنين عن الإقبال على العملية الانتخابية لعضوية مجلس الشورى، والسبب في أغلب الأحوال هو إجابة على السؤال المتكرر: ماذا سيفعل لنا العضو؟ والأنا هنا المقصود بها مصلحة الولاية وليست المصلحة الشخصية؛ فالاختلاط من قبل سعادة العضو مع المواطنين والمشاركة معهم في الأفراح والأتراح وإحساسهم بأنه قريب منهم وواحد من جماعتهم وفردا من ولايتهم، رأيه من رأيهم، كلمتهم للحق سواء، وهو معهم في السراء والضراء.
وعلى سعادة العضو أن يدرك تمام الإدراك أن الحصول على لقب عضو مجلس الشورى إنما هو تكليف في سبيل خدمة عُمان أولًا ومن رشحوه ثانيًا وليس تشريفا من أجل الوجاهة واللقب والحصانة البرلمانية، فمثل هذا أيامه معدودة ومواقع التواصل الاجتماعي تشهد، حينما أصبحت لا تخفى فيها خافية، ويظهر فيها الصالح والطالح بكل جلاء، فزمن وسائل الإعلام التقليدية التي تمجد قد ولّى.
رسالة لسعادة العضو المرتقب... أنت أعلم بنفسك وأكثر من يقيمها، فما عليك من إشادة فلان ولا مدح علان ودع إخلاصك لوطنك وحبك لتقديم الأفضل لولايتك وأمانتك أمام ربك هي المعيار واسترشد بقول الله تعالى "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ".