خسائر بعض الشركات الحكومية

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

(1)

بعض الشركات الحكومية يسجل خسائر بالملايين، في وقت تحتاج فيه الدولة لكل بيسة، ويحتاج المواطن لكل قشة أو أمل، ورغم أن الحكومة قامت بتقليم أظافر أعضاء مجالس الإدارات، من خلال تقليص وإلغاء العديد من الامتيازات، إلا أن تراجع أداء بعض الشركات المملوكة للحكومة، أو تلك المساهمة فيها، يحتاج إلى وقفة جادة، ومحاسبة صارمة، وقرارات رادعة، وتغييرات في هياكل الإدارة فيها، وأن لا تُترك الأمور لتكهنات، وخيالات الناس في الشارع، يتحسرون على "أموالهم"، ويتجرعون مرارة الفشل في إدارة مواردهم التجارية والمالية.

(2)

كل هذه الخسائر التي تطالعنا بها وسائل الإعلام بشكل متتالٍ، ومن خلال بيانات الشركات نفسها، تطرح ألف علامة استفهام في أذهان الشارع، ويتساءل الكثيرون: كيف تُدار هذه الشركات؟ وأين الخلل في الأداء؟ هل هو خلل إداري؟ أم خلل هيكلي؟ أم أنَّ الاستثمار في مثل هذه الشركات كان غير مجدٍ وغير مدروس من البداية؟ أم أن هناك شبهات بالفساد في بعضها؟ أم أن هناك أسباب غير معروفة هي التي تتسبب في سلسلة الخسائر المتتالية؟!، في الوقت الذي يُضحي فيه المواطن، ويُضحى به، من أجل أن يستعيد قواه بعد سنوات من الصبر، والمثابرة، فإذا بالمؤشرات الواقعية- وليس الإعلامية- لا تسر خاطرًا، ولا تطيب نفسًا.

(3)

الغريب أنك حين تسمع تلك التنظيرات الاقتصادية، التي يقدمها بعض رؤساء وأعضاء تلك الشركات الحكومية خلال مقابلاتهم الإذاعية والتلفزيونية، تظن أن كل الأمور تحت السيطرة، وتعتقد أنك أمام قامة اقتصادية لا يُشق لها غبار، فإذا بك تُفاجأ بفشل تلك التنظيرات على أرض الواقع، وعجز "مُنظِّرُوها"عن تحقيق ما بَشّروا به في أدائهم بالشركات الموكول إليهم إدارتها، فتعرف أخيرًا أن "الكتب الجامعية وتنظيراتها، لا تصلح لكل زمان ومكان، وأن التطبيق العملي، يختلف تمامًا عن الكلام النظري"، لذلك يتناقص اهتمام الشارع في تلك الاستثمارات، وكلما زادت الخسائر، وتبخرت الأموال، قلّت ثقة الناس في من وُضع على رأس الشركات التي تدير استثمارات الدولة.

(4)

لا أعتقد أن الوقت لصالح الدولة، لتعيد- كل مرة- هيكلة كل شركة تخسر، ولا أظن أن الزمن ينتظر كي نقيّم الأداء، ونرتب الأوراق في كل حالة تفشل فيها شركة ما، فالمفترض أن اختيار رؤساء الشركات يأتي عبر تمحيص، وفحص، ومعايير عالية الدقة، من ناحية الأداء، والكفاءة، والقدرة الشخصية لقيادة دفة شركة حكومية يقع على كاهلها إنقاذ الوضع الاقتصادي للدولة من أزمته، ففي كل مرة تتعثر فيه شركة حكومية يتراجع مؤشر الرفاهية الموعودة عشر سنوات للوراء، وتتضاءل فيه مساحة الأمل إلى القدر الذي يعيدنا إلى نقطة متأخرة من خط البداية.

لذلك، ولكل ذلك.. يجب أن نفعّل دور الرقابة والمحاسبة المالية والإدارية على هذه المؤسسات، ويجب أن يُحسن المسؤولون اختيار رؤساء مجالس إدارة الشركات الحكومية، وأن يدرسوا بشكل فوري بيئة العمل والاستثمار المناسبة لكل مشروع، وأن يعيد المسؤولون تقييم، وتقويم أداء كل الشركات المملوكة، أو تلك التي تساهم فيها الحكومة قبل أن نجد أنفسنا في نفق لا نعرف منتهاه.