زلزال "على قيد الأمل"

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

 

لا أعرف ماذا أكتب في تلك المشاهد الدامية التي خلفها الزلزال المُدمر الذي ضرب سوريا وتركيا.. لكن أقول قول نبينا الكريم "صبرا جميلا يا آل ياسر إن موعدكم الجنة".. نحن لا نعزيكم نحن نعزي أنفسنا بما حدث وقدر الله وما شاء فعل، والخيرة في ما اختاره الله..

أصوات الطيور وحركتها المريبة في السماء كانت  لتخبركم أن هناك كارثة قادمة زاحفة تقترب وما هي إلا دقائق ليقترب الموت والوجع والفقدان والألم في آنٍ واحد هذا ما حدث بعد أن اهتزت الأرض، ذلك الدمار الذي خلفته الهزة الأرضية القصيرة مئات الأموات وآلاف المصابين والمفقودين وقلوب ثكلى جريحة لمفارقة من يسكن فيها أيما فراق وأيما وداع وأيما ألم.

إن ما حدث في تركيا وسوريا كان كبيرًا، وكان وقع الضرر خطيرًا، وكانت الأحوال ليست بخير والصدمة التي تلقاها الشعب الإسلامي بدول إسلامية عربية تقيم الصلوات الخمس في جوامعها صدمة مرة ولا اعتراض، لكن هذا تذكير من الخالق للمخلوق بأنَّ هذه الحياة زائلة وأنها لا تساوي جناح بعوضة فهل من مُعتبر؟!

نتساءل يا ترى؟ لو حدث هذا الزالزال المدمر بالقرب منَّا كم سنفقد من أحباب وأهل وحياة؟ فلنتصور أنفسنا مكان الذين فقدوا أرواح أحبابهم في غمضة عين من كان قد نام نومته الأخيرة من سهر ليلعب مع إخوته من بات يقرأ القرآن ومن بات على معصية أحداث تتفاوت ومشاهد لا يحتمل العقل البشري تصورها ولكنها حدثت وهي رسالة ربانية مفادها: عد يا ابن آدم فالحياة قصيرة جداً وأنت مغادر شئت أم أبيت!

لم يقتصر الأمر على حدوث الزالزال، وانتهى إنما هناك جهود تبذل لانتشال الجثث ومحاولات أمل لمساعدة الأحياء من هم تحت الأنقاض وكُتبت لهم حياة جديدة فالموت لن يأخذك لو لم يكن يومك اطمئن ولكن يبقى الأمر أنك لا تعلم اليوم والزمن والمكان والطريقة التي ستموت بها ولكن يبقى الاستعداد قائما وموجودا في كل وقت وكل حين لملاقاة مصيرك الذي خلقت لتزرعه كي تحصده لاحقا إما خير فخير وإما شر فشر فلا يحزنك مر الحياة مادمت قوي الإيمان يا صديقي.

إن ما نشاهده من مشاهد، هي مشاهد ألم ومشاهد عذاب واحتضار وموت على قيد الحياة ولكن هو ابتلاء عظيم لقلوبهم وليختبر الله صبرهم وقوة تحملهم بالمقابل كم نحن نتألم عندما نشاهد تلك الصور ولا نستطيع مد يد العون والمساعدة والأمل لأننا لسنا بعاجزين وإنما غير قادرين على المساهمة والمساعدة والعطاء بوجودنا بقربهم ومحاولة التخفيف عنهم وعن مصابهم ليس المال ما أتحدث عنه إنما القوة البشرية الممكنة لإزالة آثار الزلزال، فتلك الدول ضعيفة نوعا ما في المعدات وهي بحاجة لوقفة وتكاتف الشعوب، وحملات إغاثة وطواقم طبية وعلاجية، ومثل هذه الظروف هي ظروف تقوِّي من علاقات الشعوب وأواصر التعاون والمحبة والإخاء وبها تنكشف المعادن والعلاقات الأخوية الحقيقية فنحن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وأيما سهر وأيما عذاب وأيما ألم وأيما حزن.

هدوء غريب وأصوات طيور غريبة وبرد قارس وعقارب الساعة تشير إلى حدوث ما لا يحمد عقباه وأنفاس لن تصحى وستموت وأنفاس سترى ما يحدث حتى تموت وأنفاس ستموت كل يوم وهي على قيد الحياة هكذا كان الزلزال الأخير وهذا ما فعله بنا وبهم وهذا ما كان في تلك الساعة من تحت الأنقاض:

نحيا على الأمل القوي سحائبا

وسماؤنا وجهٌ نضير باسمُ

 

متقدمين على طريق شائك

متفائلين ودهرنا متشائمُ

 

نأتي من الأنقاض أعظم قوة

يبقى البُناة بحيث يفنى الهادمُ

 

ننمو على الصحراء حقلا مزهرا

لمَ لا ونحن ببعضنا نتراحم

 

المشرقون وليلنا متطاول

والمبحرون وبحرنا متلاطم

 

إن كان ضيف السوء يأتي لحظةً

فالله رحمته جِوارٌ دائمُُ

 

تأتي النوائب كي تطهّر مذنبا

من رجسه وليستفيق النائم

 

لنعود نحو الله أطهرَ أنفسًا

آياته للسالكين معالمُ

 

يا أيها الإنسان، نفحةَ ربه

الكون طوع يديك أنت فيه الحاكم

 

ألقى به الرحمن نحوك سُخرةً

فعلام تخشاه وسيفك صارم

 

قم للحياة فأنت نبض فؤادها

ولأنت مجد بقائها المتعاظم

 

الشاعر: هلال بن سيف الشيادي