"جمعية الغارمين".. هل تظل "قيد التأسيس"؟

◄ مؤسسون: رفض إشهار "جمعية الغارمين" لا يخدم الجهود التنموية.. وإشراك المجتمع المدني في التنمية يخفف الأعباء على الحكومة

◄ "التنمية": نظام عمل الجمعية غير واضح ولا نشجع البدء في مشروعات غير مدروسة

البلوشية: الجمعية تستهدف مساعدة المدينين لدفع جميع أنواع القروض

◄ الجمعية ناقشت القوانين واللوائح بحضور خبراء على مدار عامين

◄ "التنمية" احتضنت عدة اجتماعات للخروج برؤية واضحة لنظام عمل الجمعية

◄ الجهضمي يؤكد أهمية الجمعية للغارمين لتخفيف العبء عن الحكومة

الرؤية- سارة العبرية

سعى القائمون على جمعية الغارمين الخيرية إلى الحصول على قرار الإشهار من وزارة التضامن الاجتماعي، لتحقيق حلم سداد ديون المقترضين وتخفيف العبء عن المواطنين والأسر الذين دفعتهم متطلبات الحياة والأوضاع الاقتصادية إلى الاقتراض من البنوك، آملين الوصول إلى "مجتمع خالٍ من الديون".

ورفضت وزارة التنمية الاجتماعية إشهار الجمعية، موضحة أن الرفض جاء اعتمادا على المادة رقم (11) من قانون الجمعيات الأهلية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 14/2000 والتي تنسق على أنه: " للوزارة حق رفض شهر الجمعية إذا كان المجتمع في غير حاجة لخدماتها أو لوجود جمعية أو جمعيات أخرى تسد حاجة المجتمع في مجال النشاط المطلوب أو إذا كان تأسيسها لا يتفق مع أمن الدولة أو مصلحتها أو لأية أسباب أخرى تقدرها الوزارة، ويخطر مقدم طلب الشهر بخطاب مسجل برفض شهر الجمعية متضمنا سبب الرفض، ولذوي الشأن التظلم إلى الوزير من قرار الرفض خلال شهر من تاريخ استلام مقدم الطلب الخطاب المشار إليه، ويعتبر القرار الصادر بالبت في التظلم نهائيا".

وقالت الوزارة إن نظام عمل الجمعية "غير واضح فيما يخص المؤسسين والمساهمين ولا توجد هناك ضمانات بنكية تحفظ حقوق المشاركين، وكذلك العشوائية في إدارة الجمعية وعدم وجود استدامة لها"، لافتة إلى أنها لا تشجع البدء في مشروعات غير مدروسة وغير قانونية؛ حيث إن الجمعيات والمؤسسات الخيرية القائمة حالياً تقوم بدورها الفاعل في دعم المعسرين مثل جمعية الرحمة وجمعية دار العطاء والفرق الخيرية ومؤسسة الجسر ومؤسسة بهوان الخيرية.

وكانت معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار وزيرة التنمية الاجتماعية قد أكدت في بيان الوزارة أمام مجلس الشورى، أبريل الماضي، ترحيب الوزارة بجمعية الغارمين الخيرية ودعمها حتى يتم إشهارها، موضحة أن الوزارة تلقت رد مساعد مفتي سلطنة عمان حول ‎الجمعية، وأن العمل جارٍ على إشهارها وأن أي طلب سيأخذ مساره التشريعي والقانوني.

يرتكز نظام عمل هذه الجمعية على المشاركة في سداد الديون، فإذا كان عدد من الأشخاص مدينين لجهة مُعينة، حينها يجتمعون ويدفع كل فرد منهم مبلغا من المال شهريا لسداد دين فرد منهم، وبعد ذلك يلتزم كل فرد باستمرارية الدفع شهريا لسداد ديون البقيّة واحدا تلو الآخر.

وتقول حرب الحكيم بنت عباس البلوشية نائب رئيس جمعية الغارمين الخيرية "قيد التأسيس"، إن الجمعية تعدُّ مشروعا عُمانيا ظهرت فكرته بسبب الأزمات المالية التي يمر بها الكثيرون وتراكم الديون عليهم، موضحة أن الجمعية تعد الأولى من نوعها حيث إن المساهمين في المشروع هم أنفسهم المدينون.

حرب الحكيم البلوشية.jpeg
 

وتضيف: "المدينون ارتضوا وتعاهدوا على تنفيذ مشروعهم التكافلي الاجتماعي بأنفسهم وسنوا القوانين واللوائح الصارمة التي تكفل التزام الجميع بهذا العهد والميثاق الغليظ، وليس هناك أطراف أخرى ستتضرر من المشروع ولم يعمد المشروع إلى أخذ أموال النَّاس بغير حق أو بغير سند قانوني أو أخلاقي، فالمشروع مميّز جدا ويتدرج في المراحل، حيث يبدأ بالمقترضين من البنوك وشركات التمويل دون سواها من الديون؛ إذ إنه ليس مفتوحا على مصراعيه كما يقال بل هو مشروع طموح تم تصميمه ليكون مشروعا تتوارثه الأجيال ويتطور باستمرار لإبقاء العُماني في رخاء إن لم نقل في ثراء".

وتؤكد البلوشية أن الجمعية تقدم مساعدات إنسانية للمعوزين والمعسرين وتستهدف المقترضين من البنوك من العاملين في القطاعين العام والخاص وحتى القطاع العسكري، كما أنها تستهدف جميع القروض الشخصية والسكنية والتمويلية  ذكورا وإناثا مدنيين وعسكريين، سواء كان القرض للبنك أو لجهة العمل، لافتة إلى أنَّ القانون من المادة (11) يدعم قيام الجمعية وإشهارها ولذلك من الضروري إشهارها نظرا لحاجة الوطن إليها ومطالبة المقترضين بالموافقة على الإشهار.

وتتابع: "يعلم الجميع أن من يريد بناء منزل أو الزواج سيقترض من البنك؛ إذ لا يمكن أن يبني هذا المنزل من الراتب الشهري الذي بالكاد يسد الاحتياجات الأساسية، وكما نعلم فإن المقترض يستمر لمدة سنوات لكي يسدد في الفوائد فقط، وبعد أن يهرم يبدأ خصم القرض الحقيقي، ولذلك نجد أن معظم المواطنين من أصحاب الدخل المحدود هم من الغارمين، ليس حبًا في القروض ولكن لا حيلة لهم غير السير في طريق الأشواك، ونجد أكثر السجناء من المقترضين ولو فقد المقترض وظيفته لأي سبب من الأسباب سيتحول إلى مقترض عاجز عن السداد؛ وهؤلاء هم الذين ستعمد الجمعية لإنقاذهم من هذا الواقع، فبدلا من أن يدفع للبنك 22 ريالا شهريا سيدفع للجمعية ريالين يمكنه تدبيرها من أي عمل بسيط يمتهنه، بعدها سيتخلص من دينه ويعود للبنك المبلغ الذي أُدخل بموجبه هذا المواطن".

وتشير حرب الحكيم إلى أن الجمعية سوف تنسق مع صندوق الأمان الوظيفي لحل قروض المسرحين عن العمل والحفاظ على تماسك أسرهم وسلامة أنفسهم، مضيفة: "المؤسس والمساهم هو المقترض فالجمعية ليست شركة مقاولات دخلت في مناقصة ما ويتعين عليها تقديم ضمانات بنكية في حالة فشلها في إتمام المشروع؛ بل تقدم الضمانات للبنوك وتكفل لها استعادة السيولة المالية الخاصة بها وتوفر لها قدرات أكبر في دعم مشروعات التنمية بالبلاد ومشروعات رواد الأعمال من الشباب".

وتشير نائب رئيس جمعية الغارمين الخيرية "قيد التأسيس" إلى أنَّ الجمعية لها نظامها الأساسي ولوائحها وقوانينها بالإضافة إلى آليات العمل الواضحة والمحددة، حيث تمت مناقشتها من قبل خبراء بمجال القانون عبر اجتماعات ولقاءات مكثقة شهدتها أروقة وزارة التنمية الاجتماعية طيلة العامين تقريبا، وشارك فيها البنك المركزي ووزارة الاقتصاد ووزارة المالية ومجلس الشورى، حيث أشادت كافة الجهات ذات العلاقة بمخرجات هذه المناقشات وتمت الاستجابة لكل النقاط التي أبدتها تلك الجهات بالتعديل والإضافة والحذف والتحسين حتى اكتمال الملف بالصورة النهائية ومن ثم رفعه لوزارة التنمية الاجتماعية.

وتقول حرب الحكيم إن عمل الجمعية سوف يستمر بعد إنهاء جميع القروض، حيث سيتم تحويلها إلى بيت تمويل وإقراض خيري حسن لتأسيس المشاريع وتوفير الوظائف وإنعاش الاقتصاد، نافية وجود أي عشوائية في نظام عمل الجمعية، إذ إن نظامها محكم ومحدد بتواريخ واضحة ذات تسلسل مرحلي.

وترى البلوشية أن للوزارة الحق في رفض إشهار الجمعية إذا كان المجتمع لا يحتاج إلى خدماتها أو لوجود جمعية أو جمعيات أخرى تقوم بنفس العمل أو تسد حاجة المجتمع في النشاط المطلوب، مبينة أن المساجين وغيرهم من  الغارمين المقترضين ستدفع الجمعية مديونياتهم وسينالون حريتهم، وبالتالي سينخفض الإنفاق على المساجين من هذه الفئة من ناحية المأكل والمشرب ومتطلبات الحياة، وستحفظ الأسر من التشرد والضياع، كما أن المواطن المديون سيكتسب القدرة على الإنفاق ولن يتأخر عن دفع فواتيره أو الالتزام بالمتطلبات المالية، وستتلاشى حالات اليأس التي تنتاب الكثيرين بسبب الأوضاع المالية.

من جهته، يعتبر إبراهيم بن محمد الجهضمي أخصائي أنشطة مدرسية، أن الكثيرين يلجؤون إلى حل الاقتراض من البنوك، وأن وجود جمعية الغارمين سيكون له الأثر الإيجابي لتخفيف العبء عن الحكومة بحيث تقل الالتزامات المالية عن أصحاب الديون وبالتالي ستقل مشاكل الاقتراض وعدم دفع فواتير الكهرباء والماء والشيكات المرتجعة، وستتراجع قضايا عدم تسديد أقساط البنوك وشركات التمويل، ويقل الضغط عن الجمعيات الخيرية المختلفة؛ مؤكدا أن جمعية الغارمين ستكون داعمة للفرق الخيرية ولجان الزكاة، وأن كل هذه الملفات ستنتهي تقريبا في حال وجود جمعية منظمة تُعنى بدفع ديون الغارمين، لأنه مع انتهاء الديون البنكية تنتهي المشاكل المالية والاجتماعية لأُسر المديونين.

إبراهيم الجهضمي.jpg
 

كما ينصح المشرفون والقائمون على الجمعية بتعديل الضوابط والقوانين الرقابية والالتزامات والضمانات بما يتناسب مع توجيهات الوزارة وقانون الجمعيات الأهلية وإعادة طرح إشهارها مرة أخرى، ليحققوا هدفهم ويحققوا حلم المستفيدين منها.

ويفيد سالم السعدوني مدير عام مجموعات جمعية الغارمين الخيرية "قيد التأسيس": "بدأنا الخطوات العملية الأولى في المشروع لجمعية الغارمين الخيرية وهو تأسيس شركة تحت مسمى مشاريع التضامن العُماني؛ حيث سيكون الذراع الخيري لتسديد الديون بنفس نظام ونهج جمعية الغارمين الخيرية".

ويوضح: "سيتم تحويل المجاميع من الغارمين إلى المتضامنين، ولحكومتنا الرشيدة السلطة والقرار ولا نملك أي وسيلة ضغط، ونطمح بأن نرى النور حتى نتحرر من أغلال الديون ونصل لحالة الرخاء إن لم نحقق الثراء".

تعليق عبر الفيس بوك