في ندوة للجنة العُمانية لحقوق الإنسان بمشاركة خبراء ومختصين

إشادة دولية بالجهود العُمانية لتحقيق التكامل بين التنمية المستدامة وحقوق الإنسان

الندوة تستعرض العلاقة بين أهداف التنمية وحقوق الإنسان

تقديم 3 أوراق عمل في مجال التنمية المستدامة

◄ اليحيائي: جوهر التنمية يكمن في إشباع حاجات الأجيال وتحقيق رفاهيتها

عثمانوف يؤكد أهمية مواءمة أهداف التنمية المستدامة مع حقوق الإنسان

السعدي: غاية التنمية هي بناء الإنسان

فيلارين: يقع على عاتق الدول القضاء على انتهاكات حقوق الإنسان

خاروف: لا يمكن فصل التنمية عن حقوق الإنسان

الرؤية- ريم الحامدية

تصوير/ راشد الكندي

نظمت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان أمس ندوة بعنوان "أهداف التنمية المستدامة وعلاقتها بحقوق الإنسان"، بالتعاون مع منتدى البرلمانيين العرب للسكان والتنمية بالمملكة الأردنية الهاشمية؛ لتسليط الضوء على التنمية المستدامة وأهميتها وأهدافها ونتائجها التي تنعكس على رخاء وازدهار معيشة وحياة الإنسان، مما يعزز حقوق الإنسان ويصون كرامته ويكفل له المزيد من الرعاية. شارك في الندوة 70 مشاركًا من مختلف المؤسسات والجهات الحكومية.

الدكتور حمود اليحيائي.JPG
 

وفي كلمة الافتتاح، قال سعادة الدكتور حمود اليحيائي رئيس لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية بمجلس الشورى وعضو اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، إن هذه الندوة تأتي في إطار قيام اللجنة بواجبها لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ونشر الوعي بها وتسليط الضوء على الجوانب المرتبطة بها؛ لتجسير الصلة بينها وبين آليات تعزيزها وحمايتها، مؤكدا أن الالتزام بالعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، هو التزام بتحقيق حاضر سعيد ومستقبل أفضل للإنسان، ينبثق عن موازنة رشيدة بين متطلبات استدامة التطور التنموي وبين تعزيز وحماية حقوق الإنسان.

وأضاف: "حيث جاءت منظومة العهود والاتفاقيات والإعلانات الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، لتؤكد التلازم بين الوفاء بالشروط العادلة للتنمية وكفالة حقوق الإنسان، ولتيسر لحكومات الدول سبل النهوض بهذه المسؤولية الإنسانية الكبيرة، من خلال ما تضمنته من أسس تشريعية تضبط الصلة بين طرفي القضية، وتؤطرها بمبادئ قانونية ملزمة، وكلما نجحت الحكومات في الحفاظ على معدلات تنموية متوازنة، تحقق النمو الاقتصادي وتحمي عناصر التنوع البيئي من الهدر والاستعمال الجائر وتقنن استهلاك الموارد، أدى ذلك إلى تنمية مستدامة تستجيب لحاجات الحاضر دون أن تُعرِّض للخطر ديمومة الموارد على المدى البعيد، وتضمن حق الإنسان عبر أجياله المتعاقبة في العيش الكريم".

وتابع سعادته أن جوهر التنمية المستدامة يقوم على إشباع حاجات الأجيال الحالية وتحقيق رفاهيتها، دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على إشباع حاجاتها، ولذك فإن الحكومات معنية بالقيام بمسؤوليتها الأصيلة في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي العادل مع التزامها بالاستغلال الرشيد للموارد، والحفاظ على سلامة الأنظمة البيئية وصون المصادر الطبيعية، وجعلها قابلة للتجدد، وعدم الفصل بين الاهتمام باستغلالها وبين كفالة الحقوق المدنية الأخرى، طبقاً لمقتضيات تشريعية تصون مختلف الحقوق.

وأشار سعادة الدكتور حمود اليحيائي إلى أن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان على تماس مع مخرجات حركة التشريع التي تزخر برصيد من القوانين  التي يتوالى صدورها تلبية لمستجدات التطور، الأمر الذي انعكس أثره على تنمية البلاد بجميع مكوناتها وعلى كفالة الحقوق الطبيعية للإنسان، ولعناصر الحياة من حوله، مبينا: "تعززت قوة منظومة القوانين في عمان، بما نص عليه النظام الأساسي للدولة، من أن كل معاهدة أو اتفاقية دولية تنضم إليها الحكومة تصبح جزءًا من قانون البلاد، وحين يصبح المحتوى القانوني للعهود الدولية والاتفاقيات جزءًا من قانون الدولة، تصبح خُطط التنمية أقربَ إلى العدالة وأكثر التصاقا بقضايا حقوق الإنسان، لأنه من المعروف أنَّ للتقنين دوره الأساسي في تنظيم حركة الحياة، وضبط علاقات وحقوق الأفراد والجماعات والمؤسسات، وفي توسيع دائرة النظر عند وضع السياسات والخُطط، وكل ذلك له مفعوله البناء في مجالي التنمية وصون الحقوق".

ورصدت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان قيام حكومة سلطنة عمان بدمج أهداف التنمية المستدامة في استراتيجيات وخُطط التنمية الوطنية، وجعلها مكونا رئيسا من مكونات ومحاور الاستراتيجية التنموية الوطنية طويلة المدى المعروفة برؤية عمان 2040، المُعَزَّزَة بالمشاركة المجتمعية الواسعة عند تصميمها وتنفيذها، وكذلك في مجال تقييم الخُطط والسياسات الموضوعةـ حيث يتأكد هذا بما ورد في التقرير الوطني الطوعي من التزام الحكومة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المدى الزمني المحدد.

محمد الصمادي الأمين العام لمنتدى البرلمانيين العرب.JPG
 

وأشاد الدكتور محمد الصمادي الأمين العام لمنتدى البرلمانيين العرب للسكان والتنمية في المملكة الأردنية الهاشمية، بالجهود التي تبذلها سلطنة عُمان في مجال حقوق الإنسان وربطها بالتنمية المستدامة، والتركيز على هذه الجوانب في العديد من الخطط الوطنية.

وأوضح الدكتور فاروق عثمانوف المدير التنفيذي للمنتدى البرلماني الآسيوي للسكان، أن المنتدى يأتي كجزءٍ من أنشطة منتدى البرلمانيين العرب حول السكان والتنمية والجمعية الآسيوية للسكان والتنمية في اليابان، مؤكدًا أهمية مواءمة أهداف التنمية المستدامة مع حقوق الإنسان لما فيه الصالح العام للبشرية جمعاء

الدكتور  فاروق عثمانوف.JPG
.

وتضمنت الندوة 3 أوراق عمل قدمها عددٌ من المختصّين والخبراء الدوليين في مجال التنمية المستدامة، حيث جاءت الورقة الأولى بعنوان "أهداف التنمية المستدامة وجهود سلطنة عمان في تنفيذها" لطلال السعدي مدير دائرة إعداد الخطط التنموية بوزارة الاقتصاد، والذي تطرق فيها إلى عدة محاور من بينها  مرتكزات فكر الاستدامة في سلطنة عمان ، ومحاور التنمية المستدامة وآليات التنفيذ والتقدم المحرز، وكذلك التوجهات المستقبلية لتوطين أجندة التنمية المستدامة في المدى القصير والمتوسط، ومدى اتساق رؤية عمان 2040 وأهداف التنمية المستدامة، ومحور أهداف التنمية المستدامة وحقوق الانسان.

ولفت السعدي إلى أن سلطنة عُمان استعرضت تقريرها الوطني الطوعي الأول للتنمية المستدامة بمقر هيئة الأمم المتحدة بتاريخ 18 يوليو 2019م ضمن مشاركتها في أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني الدولية، وممثلين للدول الممثلة في الأمم المتحدة، وتم استعراض جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 والخطوات المستقبلية في الأجل القصير والمتوسط لاستكمال الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وفكر الاستدامة في السلطنة التي ترسخت منذ بداية عصر النهضة المباركة، والتي تؤكد أن التنمية ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي من أجل بناء الإنسان.

وذكر أن التوجهات المستقبلية لتوطين أجندة التنمية المستدامة في المدى القصير والمتوسط تمثلت في 5 محاور، وهي رفع الوعي المجتمعي وتوطين التنمية المستدامة والشراكات التنموية ورصد التقدم وصناعة السياسات المبنية على الأدلة والدعم المؤسسي، مبينا أن محاور التنمية المستدامة في سلطنة عُمان تتمثّل في تمكين الإنسان واقتصاد معرفي تنافسي والصمود البيئي عبر الالتزام والوقاية والسلام كونه ركيزة الاستدامة، كما أن آليات تنفيذ محاور التنمية المستدامة تكون عبر كفاءة التمويل ومحلية التنمية والمتابعة والتقييم.

وأكد السعدي أن سلطنة عُمان تتبنى حزمة متناسقة من السياسات الاجتماعية والاقتصادية والمالية لتحقيق تنمية احتوائية قائمة على اقتصاد تنافسي وابتكاري يحقق الإنتاجية المستدامة، وهو ما يتمُّ العمل عليه من خلال رؤية عُمان 2040 والخطط التنفيذية لها، عبر مجموعة من البرامج والمبادرات التي تسعى لتوطين خطة التنمية المستدامة 2030 الأممية على المدى القصير والمتوسط.

وجاءت الورقة الثانية بعنوان "حق التنمية المستدامة ضمن حقوق الإنسان" قدمها سعادة توماسيتو فيلارين عضو البرلمان الفلبيني، تحدث خلالها عن النهج القائم على حقوق الإنسان للتعاون من أجل التنمية وقياس أهداف التنمية والتنمية المستدامة، موضحا أن المبادئ العامة لحقوق الإنسان المنبثقة عن التشريع والعرف والأحكام القضائية بمثابة قواعد للقانون الوطني والدولي، إذ يتم تعريفها وحمايتها بموجب القانون باعتبارها حجر الأساس للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

توماسيتو فيلارين.JPG
 

وبيّن أن المبادئ العامة لحقوق الإنسان تتجلى أهميتها بشكل مستقل بعيدا عن التشريعات القانونية، نظرا لكونها جزءًا لا يتجزأ من الأخلاقيات الإنسانية، حيث تتضمن العديد من القواعد، كما أن الاعتداد بوجود المبادئ العامة لحقوق الإنسان يُشير إلى أنها متأصلة بشكل أساسي في الضمير العام، إذ إن هذا النهج من شأنه النظر إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان باعتباره محاولة لصياغة القيم الأخلاقية السياسية بطريقة منصفة، مضيفا أن مبادئ حقوق الإنسان تشير إلى الحقوق والحريات الجوهرية التي يمتلكها كل فرد في أي مكان في العالم، حيث تنطبق هذه الحقوق بغض النظر عن أصل الإنسان أو معتقداته أو الطريقة التي اختارها ليعيش حياته.

وأشار فيلارين إلى أن قائمة الحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تضمنت العديد من المبادئ الهامة، مثل مبدأ عدم التمييز ومساواة المرأة مع الرجل في كافة جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وإن الإنسان يُمثل موضوع التنمية الرئيسي وبالتالي يجب أن يكون المشارك النشط في الحق في التنمية والمستفيد منه، لافتا إلى أن الدول يقع على عاتقها واجب ومسؤولية القضاء على الانتهاكات الجسيمة والصارخة ضد حقوق الإنسان، كما أن النهج القائم على حقوق الإنسان يقر بأن الإنسان هو المحرك الأساسي المسؤول عن تنفيذ التنمية وليس مجرد مُتلقي سلبي للخدمات.

أما ورقة العمل الثالثة فكانت بعنوان "حقوق الإنسان وأهداف التنمية المستدامة" قدمتها الدكتورة رنا خاروف المستشارة القانونية بالبرلمان العربي الآسيوي لحقوق الإنسان، حيث تطرقت إلى محور التنمية المستدامة كحق من حقوق الإنسان ومؤشرات التقارب بين التنمية المستدامة وحقوق الإنسان.

الدكتورة رنا خاروف.JPG
 

وأوضحت أن التنمية المستدامة باتت اليوم تشترك مع حقوق الإنسان في رؤية واحدة وهي حرية الإنسان، والتي تسمح له بممارسة خياراته والمشاركة في صنع القرارات المصيرية التي تؤثّر على حياته، موضحة: "لم يعد بالإمكان فصل التنمية المستدامة عن حقوق الإنسان، حيث يعمل هذان المتغيّران بشكل متبادل على تأمين رفاهية وكرامة الشّعوب".

وبيّنت أنّ الإنسان هو الموضوع الرئيسي للتنمية، ولذلك كرّس المجتمع الدولي جهوده لتفعيل الحق في التنمية من خلال عقد المؤتمرات وإبرام الاتفاقيات التي تكفل تحقيقه وتجسيده على أرض الواقع، والتوصية بوضع سياسات وطنية بعيدة المدى لتحسين مؤشّرات التنمية المتمثّلة أساسًا في الصحة والتعليم والتكوين والسكن والبيئة.

وأكدت خاروف أهمية إنشاء جهاز استشاري حكومي يعمل على وضع استراتيجية وطنية ويقترح التوصيات والدراسات التي من شأنها ربط العمل بين القطاعات العامة والخاصة بهدف تحقيق التنمية المستدامة على كافة الأصعدة، وإدماج حقوق الإنسان في المنظومات التعليمية بما يُمكّن الفرد من أن يكون شريكًا فاعلا في وضع السياسات التنموية وتحقيق تنمية إنسانية مستدامة تلبية لحاجات الجيلين الحاضر والقادم على حدّ سوّاء.

كما دعت المستشارة القانونية بالبرلمان العربي الآسيوي لحقوق الإنسان إلى تفعيل مؤسّسات الدولة من إعلام ومجتمع مدني لإزالة جميع العقبات التي من شأنها أن تعرقل سير العملية التنموية داخلها.

تعليق عبر الفيس بوك