أفكار اقتصادية

تأشيرة المستثمر

سعود بن حمد الطائي

تُعطى تأشيرة إقامة مستثمر- وتعني العمل دون كفيل أو وجود شريك عماني- لكل  شخص غير عماني يُلبي الشروط التي وضعتها الجهة المعنية، وأهمها تقديم شهادة بنكية بمبلغ وقدره 250 ألف ريال.

ورغم إن الفكرة جيدة إلا أنها بحاجة إلى مراجعة وتقييم بين فترة وأخرى كمعظم القرارات التي تتعلق بالمصلحة الوطنية.

وبناءً على هذا القرار فقد قام الكثير من الوافدين بتغيير أوضاعهم إلى مستثمرين بعد أن أصبح شرط إحضار شهادة بمبلغ 250 ألف ريال سهلا؛ إذ يمكن بسهولة لأي من كان أن يقترض المال من أحد أصدقائه ويعيده إليه بعد حصوله على الشهادة، ونتيجة لذلك أصبحنا نرى مستثمرين لا يملكون أجرة التاكسي لتوصيلهم إلى منازلهم، وأصبحت تأشيرة إقامة مستثمر ذريعة للتخلص من الشريك العماني، والحصول على إقامة دائمة، وذلك دون جلب أموال حقيقية من الخارج وضخها في اقتصادنا الوطني، ومن هنا تبرز الحاجة إلى مراجعة التسهيلات المتعلقة بتأشيرة إقامة المستثمر.

وفي هذا السياق أقترح أن يقوم المستثمر بأحد أمرين، إما أن يشتري عقارًا بقيمة 75 ألف ريال وتنتهي تأشيرة المستثمر تلقائيًا إذا تم بيع العقار، والثاني أن يقوم بشراء أسهم في سوق المال بقيمة المبلغ المطلوب، وتبقى تأشيرة إقامة المستثمر سارية ما دامت الأسهم باسم المستثمر.

والكثير من الدول قامت بتعديل أنظمتها وقوانينها لتصبح أكثر مرونة لجذب الاستثمارات الباحثة عن فرص حقيقية تعود بالربح على أصحاب رؤوس الأموال، لكنها اشترطت بكل تأكيد أن تأتي هذه الأموال من خارج البلاد، كإيداعها مثلاً في ودائع ثابتة بالقطاع المصرفي، أو شراء عقارات أو تأسيس مصانع أو الدخول في شراكات متكافئة مع أصحاب رأس المال المحليين، أما أن يتحول خباز أو خياط إلى مستثمر بين ليلة وضحاها، فهذا لن يفيد البلاد ولا الاقتصاد في شيء.

نعم إن معظم دول العالم تشجع الاستثمار وتعدِّل قوانينها لتصبح أكثر ملاءمة لأوضاع الأسواق العالمية، لكننا في عمان ما زال اقتصادنا لم يتوسع بالدرجة التي نراها في دول الغرب مثلًا، وفرص العمل للمواطنين بحاجة إلى تنويع مجالات العمل، لذلك فإنَّ تأشيرة إقامة المستثمر يجب أن تصبح وسيلة لتحقيق هذه الأهداف التي تسعى إليها الدولة، لا أن تتحول إلى وسيلة مُفرّغة من مضامينها والأهداف التي وضعت من أجلها.

ولا شك أن تعديل ضوابط وشروط إقامة المستثمر سيُسهم في تحقيق نتائج إيجابية يستفيد منها اقتصادنا الوطني وقطاعاته العقارية وتنعش سوق المال وتحقق أرباحًا للمستثمر على مر السنين، وتضمن بقاء المستثمر في عُمان.