التهجم على الإسلام.. «لعب عيال» (3)

 

د. مجدي العفيفي

 

ليس من قبيل المصادفة الآن، أن تصدر السلطات السويدية قرارا يسمح لمخلوق هو إلى النفايات البشرية أقرب وتقول إنه سياسي يميني متطرف يدعى راسموس بالودان، بحرق نسخة من المصحف الشريف السبت الماضي، واعتبرها وزير الخارجية السويدي، بكل برود وكذب، أنها تأتي في إطار حُرية التعبير. (!!!)

وليس من قبيل المصادفة الآن، أن يحرق همجي أوروبي آخر في هولندا، قبل يومين صفحات المصحف في الشارع وهو يثرثر ويهذي بكلمات صبيانية وظهر هذا المتشدد وسط حشد كبير من العناصر الأمنية وهو رافع نسخة من المصحف الشريف، ثم قام بحرقها.

وليس من قبيل المصادفة الآن، أن تتقارب زمنياً هذه الألاغيب مع رائحة الحقد الأوروبي الدفين في الأعماق الغربية المهزومة التي انبثعت وفضحت نفسها على مرأى من العالم أجمع، حين ظهر متطرفون إنجليز يحاولون دخول «إستاد الدوحة» في كأس العالم 2022، وهم يرتدون سلسلة بريدية وخوذات وصليب وملابس القديس جورج التي ترمز للحملة الصليبية، وهي ملابس فاخرة تحمل رموزا صليبية وتمثل «فرسانا وصليبيين» ومن المؤكد أن هؤلاء المتطرفين ومن أرسلوهم، يدركون تداعيات مأساة تلك الحرب الصليبية البغيضة التي حاولت تدمير الشرق وتشويه الإسلام فإذا هي تدمر نفسها، وعاد من قادوها أدراجهم مهزومين خاسئين، ويريد أحفادهم الأخذ بالثأر!!.

إنه تزامن مقصود بين هذا المجرم أو ذاك وهذه الهيئة أو تلك المؤسسة، من الإرهابيين الأوروبيين، وكل من يتجرأ وبكل وقاحة، علي القرآن العظيم ولا يعلم هو ولا حكومته الجاهلة أن القرآن أكبر من مجرد صفحات في كتاب، إن قرآن رب العالمين في قلوب 2 مليار مسلم أيها الجهلاء الحاقدون العنصريون. لكنكم لا تعقلون.

هذه الألاعيب الصبيانية، سواء على مستوى الأفراد أم على صعيد الدول، لن تتوقف، فمن اقترفها ويقترفها، يتواصل مع الجذور الإرهابية التي تربوا عليها وحشروها في عقولهم، ولا يختلفون عما سبقهم من مفكريهم وسياسيهم، وليست بعيدة عن التشكيل المستمر للجبهات، في أوروبا وأمريكا، والمحافل الصهيونية الماسونية استنادا كما ذكرت في المقال الماضي، على ما صرح به «بيير راغاشي» الذي يقال إنه «الأستاذ الأعظم للمحفل الماسوني» بأن العلمانية والليبرالية تتعرضان لهجوم من الأديان!! (تصوروا هذه السذاجة).

هذه الترهات الأوروبية هي أقرب كثيرا إلى أبشع الذين مارسوا عملية التشويه والتشويش على الشخصية المحمدية، ذلك الكاتب الإيطالي المدعو «دانتي» صاحب «الكوميديا الإلهية» صنيعة العصور الوسطى حيث ثقافة التخلف والعنصرية الغربية البغيضة، إذ سولت له نفسه أن يضع الرسول العظيم في أدنى طبقات الجحيم «!» ومعه مجموعة من الرموز الإسلامية «!» هكذا بلا ضمير أو علم أو بينة أو موضوعية، اللهم إلا استناداً على الصورة التي رسمها قواد «الإسلاموفوبيا» فراح خياله المريض «يرص» الأسماء والشخصيات في صفوف الآخرة ويضع الأرواح بعد الموت، في عرض جحيمي منحدر من القمة إلى القاع: «الوثنيون غير المعمدين، الشهوانيون، الشرهون، المبذرون، الغاضبون، المهرطقون، المعتدون، الدجالون، الخونة».

ومن المثير للأسى والسخرية، أن فينا من يصف عمله هذا بالروعة، ويقدمون عشرات الترجمات والمؤلفات التي تعظم من شأن هذا الـ«دانتي» وأمثاله، وتعد رسائل الدكتوراه عن أدبه وفكره، وتتخذه منه مثلاً للأدب الخالد عبر العصور «! » والأمثلة مريرة ومثيرة وكثيرة، وأستذكر ما قالته لي الدكتورة رشا الصباح الأستاذ ورئيس جامعة الكويت في حوار لي معها «أن دانتي هو ابن عصر النهضة الإيطالية، التي كابدت ميراث العصور الوسطى العقائدي والفكري، وحاولت تحطيم كل القيود السماوية والأرضية، وأنه تردى في هاوية العصبية التي تعمي وتصم، فتقلب الحقائق، وتنكر الشمس في رابعة النهار، وأن دانتي هذا استقى معلوماته عن الإسلام والمسلمين من الترجمات المشوهة والكاذبة للقرآن الكريم، ولذلك فإن آداب العصور الوسطى في أوروبا، لم تظهر صورة متجانسة للإنسان العربي، والإنسان المسلم، وكان ذلك نتيجة الخصومة الدينية الحادة مع العالم الإسلامي، والتي خلدتها الحروب الصليبية، وأن المواقف والتحيزات التي تكونت خلال العصور الوسطى ضد الإسلام، لاتزال قائمة حتى يومنا هذا».

لقد تضخم قاموس العداء للإسلام تضخمًا مرعبًا، ليس وليد اليوم؛ بل جذوره ممتدة إلى مئات السنين، وفي الدراسات القديمة والحديثة، خاصة لدى المستشرقين، الذي كانوا «خدمًا وعبيدًا» لأسيادهم من الساسة، وكانوا ذيولا بحثية للمتزعمين هذه السياسة العدائية منذ عهود المد الاحتلالي البغيض، والهيمنة الغربية الهمجية التي ترتدي الأقنعة، والتي ساعة أن تساقط، تبدو وجوه مرتديها مثيرة للغثيان بكل أنواعه.

التصدي لمثل هذه الحملات مستمر؛ إذ قدم مجموعة من الباحثين في«الكونجرس الإسلامي» في كندا دراسة، حصروا فيها ورصدوا صورا ومظاهر سافرة من العداء للإسلام، أو ما يسمونه «الإسلاموفوبيا» في الصحافة والتليفزيون، يلخصها قاموس العداء للإسلام والمسلمين، والذي يحمل كمية من الأوصاف بلغ عددها «54» وصفا من قبيل: «المجموعة الإسلامية المسلحة، المجموعة الإسلامية المتطرفة المسلمون الأصوليون والإرهابيون، النزعة الأصولية في الإسلام السني، الدكتاتورية الإسلامية، التطرف الإسلامي، فريق المتطرفين الإسلاميين، المقاتلون الإسلاميون، الخطر الإسلامي المتشدد، التمرد الإسلامي، الجهاد الإسلامي، الميليشيا الإسلامية، الفدائيون الإسلاميون، العسكريون الإسلاميون، الانفصاليون الإسلاميون، الإسلاميون الانتحاريون، الإرهابيون، العنف الإسلامي، الإسلام المسلح، حكومة الإسلام المسلح، الناشطون الإسلاميون، الميليشيا الإسلامية، المرتزقة الإسلاميون، المتزمتون الإسلاميون المسلـحون، مجموعة العنف الإسلامية، الثائرون الإسلاميون.» وغير ذلك،

مثل هذه الجذور لا تزال تنمو، إذ لا نمو بدون جذور، وهي المؤسسة لأصحاب الأفق الضيق، في منظورهم إلى الإسلام، دينا وقرآنا ونبيا ورسولا ومسلمين.

*

أرأيتم.. والبقية تأتي ونار الحقد الأوروبي والأمريكي مستمرة ومستعرة..!