يوسف عوض العازمي
alzmi1969@
"تسير المسؤولية جنبا إلى جنب مع القدرة والقوة" جاي جي هولاند.
في أكثر بلدان العالم، تقوم الشركات الكبيرة، بتفعيل بند المسؤولية الاجتماعية، وتقديم خدمات مهمة للبلد، وقد تتحقق الخدمات من خلال بنود عدة، قد تكون صحية أو منح تعليمية، أو حتى أصول تنموية، وذلك لتؤدي الواجب الإنساني والاجتماعي تجاه البلد الذي احتضنها وقدم لها التسهيلات والدعم كي تصل إلى المكانة المرموقة.
هنا في الكويت والتي يعتمد اقتصادها على البترول بالدرجة الأولى من خلال ما يقارب العشر شركات تدير دفة الصناعة النفطية، وأصبحت هذه الشركات البترولية الكويتية من أكبر الشركات في العالم، إلا أننا لا نجد صراحة لها مساهمات مؤثرة في بنود المسؤولية الاجتماعية، بنفس القدر الذي تقدمه لها الدولة من دعم كبير في مختلف النواحي، وهو ما يثير الاستغراب.
سمعت قبل سنوات قريبة أن إحدى شركات البترول الكبرى، قد تقدمت بمشروع بناء إستاد رياضي دولي في جنوب البلاد ومنذ ذاك الحين انقطعت الأخبار عن هذا الخبر، ولا أعلم هل كان اقتراحًا من الشركة، أو بطلب من الدولة، أو أي صيغة أخرى، وقد يكون الخبر غير دقيق كذلك. بينما نجد على أرض الواقع مستشفى زين لأمراض الأطفال وبعض المساهمات الطبية لبعض العائلات الكويتية الخيرة والرائدة في الخدمة الاجتماعية والتكافل الخيري.
الشركات الكبيرة تجني الأموال الهائلة من أعمالها في الكويت وخارج الكويت، وهي تستحق نظرا لمهنيتها والخبرة والعمل الدؤوب (أفترضُ بالطبع ذلك)، وبنفس الوقت لا تفرض عليها ضرائب مرهقة ماليًا، وتفوز بمناقصات مليونية بالدينار الكويتي (وهناك مناقصات مليارية) ومع كل هذه الحوافز، لا نرى أثرًا اجتماعيًا واضحًا لهذه الشركات.
تخيل أن بعض هذه الشركات والتي أصولها بالمليارات، ولا يعمل بها من الكويتيين سوى عدد لا يزيد على أصابع اليد الواحدة، وعندما تسأل عن ذلك، لا تجد أعذارًا مقبولة، مثل هذه الشركات ينبغي التعامل معها بجدية، بفرض نسبة توظيف معينة من الكويتيين، أو ندب عدد من الكويتيين للعمل لديها وفق صيغة تحفظ حقوق الجميع، أو أن تفعِّل بند المسؤولية الاجتماعية بأغراض يستفيد منها المواطن.
كذلك أقترح أن تؤول ملكية أو إدارة (سمها ما شئت) محطات البنزين التابعة لشركة KNPC، لتكون في عهدة شركة Q8 الكويتية العالمية، وعلى قاعدة: دهنا في مكبتنا، هذه الشركة العالمية التي تملكها الكويت هي الأحق بالاستفادة من خبرتها العالمية، بنفس الوقت يتم الاستفادة منها من خلال الموارد البشرية، ولتكون نافذة يُستفاد منها لتوظيف المواطنين، هنا سيستفيد الجميع وأطراف المعادلة (الدولة/ الشركة/ العميل)، وإن قدر الله ووجدت موانع مُعينة بالإمكان تجاوزها بتعاون الجميع.
هناك اقتراح، بما أن الكويت تعتمد على البترول باقتصادها، لماذا لا تتبرع الشركات النفطية بالبلاد بإنشاء وإدارة جامعة مُتكاملة متخصصة بعلوم البترول، وذات مستوى أكاديمي عال، وتتكفل هذه الشركات بتوظيف خريجي هذه الجامعة، من كوادر متعلمة مختصة بأعمال البترول، وبذلك يستفيد الجميع، لماذا لاتدرس هذه الفكرة، وتفعل، ولاخاسر فيها، وبالطبع صيغة إنشاء الجامعة وإدارتها، تضبط وتنظم قانونيا وإداريا في الجهات المتخصصة.
أو مثلا تقوم هذه الشركات بدعم الصناعات المتوسطة داخل الكويت وخلق فرص اقتصادية أكثر لسلسة الصناعة النفطية وخطة الاكتفاء الذاتي للبلد بتوطين هذه الصناعات وخلق فرص أكثر للمواطنين وبالتالي عوائد اقتصادية أكبر ودورة صحية اقتصادية للدينار الكويتي داخل البلد.
الحياة تعتمد على الأخذ والعطاء، والتحية ترد بأحسن منها، والاحتكار منبوذ، والتقوقع في دائرة مغلقة مرفوض، مثلما لك حق، فإنَّ عليك واجب، الدولة لم تقصر مع الشركات البترولية الكبيرة من قطاع عام، وقطاع خاص، ولكن التقصير موجود، ولاعذر لهذه الشركات الكبرى، أمام القيام بمسؤوليتها الإنسانية والاجتماعية المطلوبة، وهي ليست صدقة أو عليها منه؛ بل واجب وحق للدولة والمجتمع.