10 يناير.. رحيل رمز

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

 

سيظل يوم العاشر من يناير من كل عام محفورًا في ذاكرة كل عُماني، كما هو حال 23 يوليو يوم النهضة العُمانية، وما بين الحقبتين ولدت حكاية سلطنة وسلطان لدولة عصرية يشهد لها القاصي قبل الداني والبعيد قبل القريب... سلطنة سلام وأمان ووئام.

الموت حق قد يفقد الإنسان أغلى ما لديه من أبٍ عزيز وأم حنون وأشقاء أعزة وزوجة غالية وفلذات كبد أحبة؛ بل وحتى صديق، والعشرة الطويلة والصحبة المديدة هي ما يجلب المعزة، وعند الفراق لا شك أنَّ الحزن هو السبيل والدموع هي الطريقة الوحيدة للتعبير، فهي فطرة لدى الإنسان كونه كائنًا يتأثر ويُؤثر بالمحيط الذي حوله.

عند إعلان الخبر الحزين بوفاة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- لم تنم عُمان يومها، فقد جافى النوم مقلة العين، وطرد الجفن السهاد، ولِم لا والراحل قد طبع اسمه في القلب والوجدان طيلة 50 عامًا، بنى فيها الإنسان قبل العمران وشيَّد البنيان حتى غدت عمان على كل لسان.

كان كل ما في السلطان الراحل فصول حكاية غاية في التفرد، من اسمه النادر إلى إدارته الحكيمة، إلى الحب الأخّاذ المتبادل بينه وبين شعبه، إلى علاقته المتينة بجيرانه، حتى مراسم جنازته كان يحق لها أن تدون في كتب التواضع وتدرّس في مناهج البساطة لما قدمته من دروس بليغة.

كيف كانت عُمان في السبعينيات من القرن الماضي تغط في ظلام دامس، وكيف أصبحت بعد خمسين عامًا في ضياء ونور وتطور، كان الجميع يترقب وبشغف خطب السلطان ويشتاق لتلكم الابتسامة البديعة، والصوت الرنان، وجمال الطلة المهيبة، وما سوف تسفر من بشائر تبشر المواطنين بما تحمل كلماته من نفائس الأخبار وأطيبها.

حُب قابوس لم ولن يزول من أذهان كل من عاش على تراب هذا الوطن من المواطن إلى المقيم، ولكل من عاصره من جيل السبعينيات بداية حكمه، إلى جيل اليوم.. اسمه سيظل محفورًا في القلوب قبل العقول، وسيظل رمزًا خالدًا يحتذى به؛ حيث لا تطوى ذكراه السنين ولا الدهر.

رحمك الله يا سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد، وأحسن الله إليك كما أحسنت لشعبك البار.

في ذمة النور تمضي؛ لستَ منطفئًا

ونحن خلفكَ في درب العُلا شعل

ولدتَ لتبقى لنا قابوسَنا قبسًا

لتستضيءَ بك الأرواحُ والسبُلُ

الشاعر: هلال الشيادي